الجمعة 17 مايو 2024

الصحافة في اليونان تتعرض لضغوط كبيرة

الصحافة

عرب وعالم31-3-2022 | 13:26

دار الهلال

أعرب تقرير نشره المركز الأوروبي لحرية وسائل الإعلام والصحافة عن أسفه لما اعتبره "مناخ غير داعم للصحافة المستقلة"، و"وضع ينذر بالخطر" و"ضغوط" وحتى "تهديدات" ضد الصحفيين في اليونان وذلك حسبما جاء في تقرير أعده بالتعاون مع عدة منظمات مثل "مراسلون بلا حدود"، و"الفيدرالية الأوروبية للصحفيين" و"ميديا فريدوم رابيد ريسبونس" حسبما نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية في مقال لها.

واستنكر التقرير "تدهور حرية الصحافة" منذ فوز حزب الديمقراطية الجديدة اليميني في عام 2019، في البرلمان، ويؤكد الحزب على ضرورة "التحكم في الرسالة الإعلامية" و"تقليل المعارضة إلى الحد الأدنى".

ورد المتحدث باسم الحكومة يانيس إيكونومو على ذلك بالقول "إن التقرير يقوض كلاً من الصحافة اليونانية ومسئوليها، فضلاً عن مؤسسات بلادنا". بالنسبة له أن “اليونان دولة أوروبية تحكمها سيادة القانون واستقلال الصحافة مكفول بالدستور". واعتبر أن "التعددية وحرية التعبير والنقد ممارسة يومية ". ومع ذلك، فإن العديد من الإشارات تقلق المنظمات الحقوقية. وكذلك حقيقة أن الصحفيين يواجهون صعوبات في الإبلاغ عن قضايا الهجرة أو الاحتجاجات وكذلك فأن التحقيق القضائي في اغتيال الصحفي جيورجوس كارافاز في ربيع عام 2019، لم يحقق تقدما. واشار معدو التقرير إلى أن هذا "يخلق حالة من عدم الثقة في قدرة الحكومة أو رغبتها في حماية المجتمع الصحفي".

وكيف وصل الوضع في اليونان إلى ذلك؟ فقد تم تعزيز الاستقطاب في المشهد الإعلامي - وهو ثابت في تاريخ البلاد - بعد فترات تولي الأحزاب اليسارية الحكومة، بين يناير 2015 ويوليو 2019. بمجرد وصوله إلى السلطة، تبنى حزب الديمقراطية الجديدة "منطق إعادة النظام الإعلامي القديم" حسبما يؤكد نيكوس سميرنايوس، الباحث في جامعة تولوز. وهكذا، فإن القانون الأول الذي أقره الحزب اليميني، في يوليو 2019، يهدف إلى إخضاع وكالة الصحافة الوطنية ومحطات الإذاعة والتلفزيون العامة للسيطرة المباشرة لرئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس.

وأضافت صحيفة "ليبرايسون" الفرنسية أنه في غضون ثلاث سنوات، زودت الحكومة اليونانية نفسها بترسانة قانونية حقيقية تهدف إلى تقييد حرية الصحافة. فمثلا في شهر نوفمبر الماضي، صدر قانون لمواجهة نشر الأخبار الكاذبة، ينص على معاقبة الأشخاص الذين ينشرون "معلومات كاذبة" من المحتمل أن تثير قلق الجمهور أو تضر "بالثقة في الاقتصاد الوطني أو قدرات الدفاع الوطني أو الصحة العامة."

وكذلك في الأسبوع الماضي، تم اتخاذ خطوة إضافية في البرلمان: فقد منحت سلطة التحكم في "المخالفات" المفترضة لوسائل الإعلام إلى المجلس الأعلى لوسائل الإعلام السمعية والبصرية اليونانية، المسئول أيضًا عن السيطرة على الصحافة المكتوبة. وسيفرض المجلس على الصحف والناشرين غرامات. وبالتالي يبدو أنه يتم اتخاذ العديد من الإجراءات لمنع العمل الاستقصائي في رأي الصحيفة.

ومن بين الصحفيين الذين تعرضوا لملاحقات قضائية، الصحفي كوستاس فكسيفانيس الذي يرأس مجلة "دوكومنتو" الاستقصائية، وقد تمت محاكمته في عام 2012 لنشره قائمة تضمنت أسماء رجال أعمال أغنياء يونانيين نفذوا عمليات تهرب ضريبي في سويسرا. أما اليوم، فهو يقدم للمحاكمة لنشره قضية شركة نوفارتيس، وهي قصة رشاوى تم دفعها للسياسيين والأطباء لرفع أسعار الأدوية. وقال "أنا متهم بالتآمر. لكن في هذه القضية، أدلى بعضهم بشهادات زور ولم تتم إدانتهم". وأضاف في تصريحات لصحيفة "ليبراسيون" أن "بعض الوزراء متورطون لكنهم لم يحاكموا."

وفي يناير الماضي، خلصت اللجنة البرلمانية الخاصة، المختصة بالتحقيق مع الشخصيات السياسية من المتهمين، إلى أن جميع القادة السياسيين أبريا في قضية نوفارتيس وبالتالي تم إغلاق القضية. ورحب رئيس الوزراء بهذا الحكم ووعد بتقديم "مدبري هذه المؤامرة" للعدالة. وقال ميتسوتاكيس "إنهم ليسوا صحفيين، لكنهم عصابة. إنها ليست حرية الصحافة، بل حرية اغتيال الشخصيات السياسية ".

واستهدف رئيس الحكومة المحافظة أيضا الصحفية جيانا باباداكو التي حاكمت بسبب منشوراتها حول ما أسماه اليونانيون "فضيحة نوفارتيس". قضية فساد تشبه إلى حد كبير ما تم الكشف عنه في الولايات المتحدة، حيث تمزج بين الرشاوى والمبالغة في الرسوم. ووافقت مجموعة الأدوية السويسرية، التي تعرضت لهجوم من وزارة العدل الأمريكية، في يوليو 2020، على دفع قرابة 325 مليون دولار (291 مليون يورو) لإنهاء الإجراءات القضائية بحقها. لكن في اليونان، ليس من الجيد الإبلاغ عنها على حد قول صحيفة "ليبراسيون".

ودفع جيورجوس كيرتسوس، النائب الأوروبي عن حزب "الديمقراطية الجديدة" ثمن موقفه من هذه القضية. "أعلنت للحكومة أنها استهدفت الجهة الخطأ في قضية شركة نوفارتيس. كما انتقدت الضغط الذي تمارسه الحكومة على وسائل الإعلام اليونانية، بما في ذلك الضغوط المالية. ومن ثم طردت من الحزب". وأضاف "ما حدث لي يظهر أن الحكومة تحاول السيطرة على الإعلام وصولاً إلى خطاب البرلمانيين من جانبها! الأمر من سيئ لأسوأ." وهو ما أكده الباحث نيكوس سميرنايوس: "يرسم التقرير اتجاهاً شاملاً في أوروبا نحو تقلص وتشديد شروط ممارسة حرية التعبير ومهنة الصحفي. وقد تفاقم الوضع في اليونان، التي اقتربت من حدود التوجه المناهض لليبراليه الذي ينتهجه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.