الجمعة 17 مايو 2024

أصلها وحكايتها .. فوانيس رمضان عبر التاريخ

فوانيس رمضان

ثقافة2-4-2022 | 11:54

بيمن خليل

عندما تجد الفوانيس معلقة في الشوارع وفي الأزقة، وموضوعة بأحجام ومقاسات مختلفة في المحلات، ومنتشرة في كل الأسواق لدى الباعة والتجار، حينها يشعر الناس باقتراب الشهر الكريم (شهر رمضان).

فارتبط الفانوس ارتباطًا وثيقًا في وجدان المصريين والعرب بهذا الشهر، ومن غير الفانوس نفقد مظهر من أهم مظاهر الاحتفال الشعبية لدى شعوبنا البسيطة، حيث تجد لكل مناسبة ما يعادلها من موروثات أصبحت عادة وتقليد للاحتفال بهذه المناسبة، فقد أصبح الفانوس صورة ملازمة وأيقونة مفضلة لشهر رمضان، فـ به تكتمل الفرحة وتستمر الأجواء الممتعة خاصًة قرب السحور والفوانيس معلقة في الشوارع محاطة بالزينة والورق الملون الذي يعطي أجواء ليس لها مثيل في ليل رمضان المبهر، وسط لمة الأهل والأقارب والأصدقاء...

وللفوانيس قصص وحكايات، وأصل يعود بنا في رحلة إلى الماضي عبر التاريخ مرورًا بكل العصور القديمة، لنتعرف على حكايته وأنواعه.. كما يقول المثل الشعبي (نأتي بأصله وفصله).

أصل كلمة الفانوس في اللغات

الفانوس كلمة في أصولها اللغوية هي كلمة "يونانية" مشتقة من الكلمة الإغريقية "فانس"، وهي تشاع عند الاستدلال لوسيلة إضاءة ودائمًا ترتبط في أذهان التاريخ بالمشاعل والمصابيح فهي مقاربة لهما فيما يمتازان به.

وعن الفيروز أبادي مؤلف "القاموس المحيط" يذكر في قاموسه أن المرادف للمعنى الأصلي في اللغة العربية للفانوس كلمة "النمام" ويرجع تسميته بهذا الاسم مشيرًا أنه يُظهر حامله وسط الظلام، ولها تفسير آخر مثل الشخص الذي يكشف عيب أخيه المستورة في الظلام، فالعلاقة بين الكلمتين "الفانوس" و"النمام" أن الفانوس هو الذي ينير في الظلام ويظهر الأشياء المختفية.

 

الفانوس في اللغة القبطية

ذكرت بعض المصادر أن كلمة الفانوس تعود إلى اللغة القبطية في الأصل وهي كلمة مشتقة منها وتلفظ "فيناس" ويذكر أيضًا أن الفانوس ظهر مع انتشار الرهبنة المسيحية في مصر، عندما كانوا يفكرون في صناعة شيء ينير ظلمة ليلهم من أجل الصلاة والقراءة، والسير في الصحراء، ويستطيع مقاومة الهواء وإتجاه الرياح، دون أن ينطفئ، فصنعوا الفانوس.

 

الفانوس في العصر الفاطمي

تتردد القصص والروايات حول قصة فانوس رمضان، تشير عن أصله، وكيف ظهر، ليصبح عادة وتقليد دائم خلال شهر رمضان كل عام، وجميعها تدور في العصر الفاطمي، ويشاع في إحدى القصص أن أول من عرف فانوس رمضان هم المصريين، ويرجع ذلك لقصة استقبالهم للمعز لدين الله الفاطمي يوم دخوله إلى القاهرة، قادمًا من الغرب، وارتبط بشهر رمضان لأن اليوم الذي دخل فيه المعز كان يصادف يوم الخامس من شهر رمضان عام 358 هـ، ووقتها خرج المصريون في موكب كبير لاستقباله شارك فيه الرجال والنساء والأطفال معًا على نواحي الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب به حيث كان الوقت ليلًا، فكانوا يحملون في إيديهم فوانيس ملونة على أشكال مختلفة للإضاءة لهم.. ومن هنا صارت الفوانيس تضيء الشوارع المظلمة طوال شهر رمضان حتى أصبحت عادة وموروث شعبي خلال شهر رمضان من كل عام.

وتحكي قصة ثانية في العصر الفاطمي كان يخرج الخليفة إلى الشوارع بنفسه ليستطلع هلال شهر رمضان في ليلة الرؤية، فكان يجتمع الأطفال حاملين في أيديهم مشاعل مضيئة تشبه الفانوس ليضيئوا للخليفة أثناء سيره في الشوارع ليلًا، ويقوم الأطفال بالغناء والإنشاد بكلمات جميلة وأغاني مميزة، تعبيرًا عن سعادتهم لقدوم شهر رمضان.

وقصة أخرى تفيد أن أحد الخلفاء الفاطميين كان يريد أن يميز شهر رمضان عن غيره من الشهور بأن يضيء الشوارع طوال شهر رمضان، فأصدر أوامره لشيوخ المساجد بتتعليق الفوانيس المضيئة من خلال شموع يضعوها داخلها.

وتروى قصة مماثلة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان فقط، وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسًا لينبه الرجال أن سيدة ما قادمة في الطريق حتى يبتعدوا الرجال، وحين أخذت المرأة حريتها في الخروج، ظل هذا التقليد دائم خلال شهر رمضان لتمسك الناس به، ولحب الأطفال للفوانيس وصناعة البهجة.