لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزء يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.
يعد مقهى الحرية في شارع البستان -باب اللوق- وسط البلد، من أشهر المقاهي هناك، والتي تتخذ من اسمها جوها الخاص، لأنها يقبل إليها الكثير من الشباب، بصحبة أصدقائهم، في جو مشحون بالحماس والجمال.
أنشأ يوسف أفندي مقهى الحرية عام 1936م بالقرب من ميدان التحرير برأس مال 350 جنيهًا، وبدأ العمل به في شهر يونيو من نفس العام، وكان مكانًا يجمع كل أبناء الطبقات من الخاصة والمشاهير، ومن أشهر رواده زكريا أحمد والضباط الأحرار خاصة أنور السادات، ورشدي أباظة وأحمد رمزي وشكري سرحان، والعديد غيرهم.
ويتمير المقهى بطرازه الإنجليزي الذي يشعرك بجو مختلف، كأنك في مقهي يقع في إحدى شوارع لندن، حيث السقف العالي، والشبابيك الزجاجية والبراويز الجميلة على الجدران.
وكان أغلب رواد المقهى قبل ثورة يوليو 52 من الإنجليز والجنسيات الأجنبية، حتى قامت الثورة وأصبح المصريين هم أغلب رواده.
وأصبح المقهى في أحدث الثورة الأخيرة ملجأ للشباب يختبئون داخله أثناء أحداث الشغب والمطارادات الأمنية، حتى أن جدران المقهى تعرض إلى طلقات نارية.