الأحد 19 مايو 2024

مقاهي تاريخية.. «أم كلثوم» (7-30)

مقهى أم كلثوم

ثقافة8-4-2022 | 17:53

بيمن خليل

لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزء يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.

هل تعلم أن مقهى أم كلثوم ليس مجرد مقهى لشرب الشاي والقهوة، بل استطاع أن يتحول إلى أثر من آثار مصر الفنية، وأن يصبح مكانًا يُقدم فيه أغانيها أكثر مما تُقدم المشروبات، بل يعتبره عشاقها مزارًا فنيًّا يسترجعون فيه تاريخها وروحها على مدار اليوم كله، بنكهات أغانيها المختلفة وآهاتها التي يصل صداها ويخترف جدران القلوب، لا يعلم الكثير أن السيدة أم كلثوم كانت تجلس على مقهى في وسط القاهرة، مع كبار الملحنين والصحفيين، في جلسات سمر وسط محبيها ببساطة كبيرة دون تكلف أو حدود.

يتكون مقهى من عدة طوابق، الأول لاستقبال الزبائن التي تريد قضاء الوقت لمشاهدة التلفزيون وتقديم المشروبات والشيشية، أم الطابق الثاني والثالث والرابع "الروف" فهما لسميعة "الست" ذوات المزاج الطربي العالي، فلدى المقهى جميع أغانيها على شرائط وأجهزة حديثة لتشغيلها.

ستجد عند دخولك إلى المقهى تمثال السيدة أم كلثوم وصور لها في كل مكان تزين الجدران، بل والأجمل أنك ستجد أغلب صورها هي التي أهدتها بنفسها إلى المقهى وتحمل توقيعها الشخصي عليها، بالإضافة إلى صورة كبيرة تعلو واجهة المقهى من الخارج تنبهك أن على أعتاب دخول زمن "الست" وستجلس في حضرتها تستمع إليها.

وفي المقهى تجد ركن خاص كانت تجلس فيه السيدة أم كلثوم برفقة الصحفيين مصطفى أمين، وعلي أمين، وفكري أباظة، والملحن رياض السنباطي والشاعر أحمد رامي، في جلسة حوارية اعتادت أن تكون بينهما في هذا المقهى، التي كانت ترتاد عليه، منذ عام 1948م وحتى 1959م، وستجد عند الركن رخامة مكتوبة عليها توثيق هذه اللحظات، تعلوها فاترينة زجاج موضوع داخلها إحدة نظارات أم كلثوم الخاصة التي كانت ترتديها في حفلاتها، كانت سبقت أن أهدتها للمكان هناك، تخليدًا لذكراها ولعشاقها.

ستجد ايضًا في كل مكان بالمقهى يحمل جزء من تاريخ أم كلثوم، وأشهر أغانيها والمحطات المهمة في حياتها، وستجد أكثر من صورة نادرة لها مع أهم رموز الفن والطرب أمثال عبد الحليم حافظ، وصباح، وفريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب.

ويعود تاريخ المقهى إلى عام م1936،  وأنشأه الحاج عبد العزيز وأطلق عليه وقتها اسم "مقهى توفيق"، نسبة إلى شارع "الخديوي توفيق"، وبعد أن مرت السيدة أم كلثوم من هناك عام 1948م في طريق عودتها من إحدى بروفاتها بالأوبرا استوقفها المكان وقررت أن تشرب فنجان من القهوة، وهعنا استأذنها صاحب المقهى بأن يطلق اسمها عليه، فوافقت على الحال.