الجمعة 27 سبتمبر 2024

الغائب الحاضر

مقالات9-4-2022 | 14:21

توقف عن الحديث، وقد اكتست ملامحه بالدهشة حين رفضت قبول عرضه الأخير بمد يد العون لي.. لقد تذكر فجأة أنه كان مسئولًا عني.. أفاق أخيرًا من غيبوته الطويلة.. حاول إقناعي بأنه لا يوجد فرق بيننا قائلًا: ألست مسئولًا عنك؟.. قرر أن يمد يده بالعطاء، وهى التي لم تمتد يومًا إلا للأخذ فقط .

 

سأحتاج فوق عمري عمرًا آخر لاستيعاب ما قلت يا سيدي، فأنا لم أسمع، وأنت لم تقل.. يا من قمت بتنصيب نفسك في هذا المنصب.. نعم أعنيك أنت أيها الغائب الحاضر.

 

 إن العرض السخي الذي قمت بعرضه الآن تأخر عن موعده كثيرًا، فأصبح لا يجدي نفعًا.. هل يمكنك إعادة الحياة لمن فارقها ؟! كيف تمد يدك لتعطي من تعود أن يحمل عنك مسئوليتك؟ من تعود الاكتفاء بنفسه لن يضحي بها مهما كان العرض مغريًا.

 

بضاعتك كاسدة يا سيدي احملها، وعد من حيث جئت إنها لا تعجبني، ولا ترضيني.. تأكد أنني لن أمد يدي لآخذها منك، حتى لو قمت بتقديمها لي بالمجان.

 

اعلم أن دورك الذي تقوم بأدائه الآن لن يحقق لك أي نسبة نجاح، فجمهورك يا سيدي يدرك قيمة المعروض، ويتقن فن الانتقاء .

 

 استمع إلى نصيحتي الأخيرة إليك : أنت لن تبرع حقًا إلا في تقديم دورك الوحيد الذي قمت بعرضه أمامي ببراعة طوال سنوات عمرك.. نعم دور ذلك الشخص الذي لا يبالي بأحد، ولا يرى في كل من حوله سوى نفسه.