الخميس 21 نوفمبر 2024

ما الذى جمع بين أحمد بهاء الدين والراعى وحمدان وعبد الصبور؟

  • 8-2-2017 | 12:20

طباعة

بقلم –  يوسف القعيد

يجمع بين بهاء وصلاح عبد الصبور أنه تمر ٩٠ عاماً على ميلاد أحمد بهاء الدين هذا العام، فى حين أن صلاح عبد الصبور يحضر معرض القاهرة الدولى للكتاب باعتباره شخصية العام، وذلك بعد ٣٦ عاماً من رحيله عن الدنيا، لكن هناك ما يمكن أن يجمع بينهما أكثر من هذا، فقد جاءا من قلب الصعيد الجوانى، من أسيوط، وأيضاً يجمع بين بهاء وجمال حمدان وعلى الراعى أنهم كانوا يسكنون فى مربع واحد فى حى الدقى يمكن أن نطلق عليه مربع شارع هارون الذى كان يسكن فيه أحمد بهاء الدين وعلى الراعى، أما جمال حمدان فقد كان يسكن فى شارع أمين الرافعى المتفرع من شارع هارون، ولا يسألنى أحد من هارون هذا؟ لأنه ما أكثر المسميات التى لا نشغل أنفسنا بالبحث عن دلالاتها وحكاياتها.

أربعة من الراحلين، فهل ينطبق علينا المثل الشعبى الذى يقول: ما يبقى على المداود غير شر البقر، فى منتصف شارع هارون بالدقى كان يقع بيت أحمد بهاء الدين، تحته جمعية تعاونية استهلاكية، من النوع الفاخر، بعده بقليل من نواحى ميدان الجيزة بيت على الراعى، وإن كنت قد ترددت على بيت أحمد بهاء الدين أكثر من مرة، فإننى ذهبت إلى بيت على الراعى مرة واحدة ووحيدة لإجراء حوار معه بعد حصوله على جائزة الدولة التقديرية، ولم يكن مستريحاً لفكرة إجراء حوار معه بهذه المناسبة، ولم يكن محباً أن يدور الأمر حول الجائزة.

فى بدايات هارون من نواحى شارع التحرير، شارع أمين الرافعى المتعامد والمتقاطع مع شارع هارون وفيه كان يعيش جمال حمدان فى شقة من حجرة وصالة من الدور الأرضى، وقد زرته فى هذا البيت كثيراً، مخترقاً ظروف العزلة التى فرضها على نفسه بعد أن دلنى على كلمة السر حتى يفتح لى بابه، من خلال طريقة الخبط أو النقر – كما كان يحب أن يقول – على الباب.

لا أعرف إن كان جمال حمدان قد عرف الراعى أم لا، وإن كانت بينهما صلة من أى نوع، ولكن كانت هناك علاقة من طراز فريد بين حمدان وبهاء الدين، لا أعرف هل من حقى رواية فصولها وما جرى فيها، أم أنه لا يجب علينا نحن الأحياء أن نزهو بنعمة استمرارنا فى الحياة، بأن نتجول فى ذكرياتنا مع من سبقونا إلى دار البقاء، أعترف أنه كانت هناك مشكلة غريبة وقعت بين حمدان وبهاء، ترددت كثيراً فى كتابتها، فقداسة الموتى لا يجب أن نقترب منها مهما كانت المبررات.

يبقى لى السؤال: ما الذى يمكن أن يجمع بين هذه الرموز والشموس والأقمار الأربعة: بهاء، الراعى، حمدان، عبد الصبور.

يجمع بينهم الكثير، كانوا رموزاً فى زمن العلالى وكانت شموساً حاولت مطاردة الظلام قبل أن يحل فى بر مصر، وكانوا أقماراً حقيقية فى ليل خلا من الليل، يجمع بين الثلاثة كلمة واحدة هى: الفن، كان بهاء محباً ومراهناً على قدرة الجمال فى استخراج أجمل ما فى هذه الأمة، وكان على الراعى يدندن بينه وبين نفسه بأغانى عبد الوهاب، وكان يطارد القبح الإنسانى الذى ملأ بر مصر بالجمال، جمال الرواية وجمال المسرحية وجمال القصة القصيرة، وجمال الارتجال المسرحى، وجمال دراما الدم والدموع، وكان صلاح عبد الصبور أهم شاعر فى العربية بعد المتنبى، وأحمد شوقى، فضلاً عن أنه كتب بعض أغانى عبد الحليم حافظ الأولى.

أما جمال حمدان فقد كان له جماله الخاص، فعلاوة على أنه كان يغنى – ولكن لنفسه – الطقاطيق القديمة، فقد كان رساماً من نوع نادر، كان يشغل وقت فراغه – دائماً وأبداً – بالرسم، بورتريهات له شخصياً، بل كان يرسم الخرائط التى يعتمد عليها، وكان يصمم أغلفة كتبه بنفسه، ويكتب الخط العربى الذى تقدم به ومن خلاله بعناوين مؤلفاته، بالفن وحده يمكن أن يكون خلاص مصر الراهنة من كثير مما تعانى منه.

وبهاء هو الأستاذ أحمد بهاء الدين، كنا نسميه الأستاذ بهاء كنوع من الاختصار، وكانت كلمة بهاء إشارة حقيقية لبهاء الرجل، بهاء عقله وبهاء قلبه وبهاء وجدانه وبهاء موقفه من الدنيا والناس، أما عبد الصبور، فهو صلاح عبد الصبور، ويكفى أنه رحل سنة ١٩٨٠ وما زالت دواوينه تقرأ وما زال حضوره قوياً أقوى بكثير من شعراء معاصرين لنا.

ما الذى يمكن أن يجمع بين الرجلين؟ علاوة على المكان الذى يجمع بين بهاء والراعى وحمدان، جمعت بين بهاء وعبد الصبور مؤخراً موسوعة أعلام محافظة أسيوط التى كتبها دكتور محمد رجائى جودة الطحلاوى، الذى نعرفه باسم رجائى الطحلاوى، وهو ابن الصعيد، رئيس جامعة أسيوط، ومحافظ أسيوط السابق، والذى ما زال يحيا فى أسيوط حتى هذه اللحظة، رغم أن ظروفه تمكنه من أن يعيش فى العاصمة الأولى القاهرة، أو العاصمة الثانية الإسكندرية، لكنها قضية الارتباط بالمكان، التى تعكس حالة من الأصالة الحقيقية لدى الإنسان، جمع بينهما أيضاً أن الرجلين – بهاء وعبد الصبور – من أبناء محافظة أسيوط.

تابع التفاصيل في العدد الجديد في المصور الموجود حالياً في الأسواق .

    الاكثر قراءة