يوافق اليوم العاشر من رمضان، ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة تلك الملحمة الوطنية التي سطرها الجيش المصري بأرواحهم ودمائهم في معركة العبور واسترداد الأرض، لينجحوا في عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف والتمهيد لتحرير واسترداد كامل أرض سيناء بعد احتلالها في أعقاب حرب 1967.
وجاء هذا الانتصار المجيد في شهر رمضان، وهو شهر البطولات على مر التاريخ، ليضاف إليها انتصار العاشر من رمضان وبطولة الجيش المصري في خوض معركة التحرير وهم صائمون ورغم كل الصعوبات والتفوق الإسرائيلي في الأسلحة كانت العزيمة والإرادة المصرية لتحرير أرض الفيروز والتي نجحت في مباغتة جيش الاحتلال وتحقيق انتصار عسكري يفخر به كل الشعب المصري والعربي.
ما قبل حرب أكتوبر
كانت حرب أكتوبر 1973 حلقة من حلقات الصراع العربي الإسرائيلي، بعد احتلال القوات الإسرائيلية لشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان في سوريا خلال حرب 1967، وظلت طوال السنوات التالية تعمل على تحصين مراكزها في المنطقتين، فأنشأت الساتر الترابي خط بارليف على طول قناة السويس ودعمته بتخصينات وقنابل نارية.
خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان، لتبدأ فيما بعد حرب الاستنزاف وتوجيه ضربات قوية للجيش الإسرائيلي ساهمت في رفع الروح المعنوية للقوات المصرية، مع بدء الاستعداد للمواجهة العسكرية من خلال التدريبات والأسلحة واتباع خطة الخداع الاستراتيجي.
وقرر الرئيسان الراحل أنور السادات وحافظ الأسد توجيه ضربة عسكرية مفاجئة وغير متوقعة على القوات الإسرائيلية في نفس التوقيت، وكان ذلك يوم الغفران هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء.
انتصارات العاشر من رمضان
في الثانية من ظهر السادس من أكتوبر 1973 والعاشر من رمضان 1393هـ وجه الجيش المصري ضربته الجوية الأولى، على الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس، حيث تضمنت الضربة الجوية الأولى نحو 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية وقد نجحت الضربة في تحقيق أهدافها.
حيث دمرت الضربة الجوية الأولى محطات التشويش والإعاقة وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة، وحققت نجاحا حيث لم تخسر سوى 5 طائرات فقط، ما جعل القيادة المصرية تقرر إلغاء توجيه الضربة الثانية والتي كان مخططا لها لكن نجاح الأولى جعل القيادة تتخذ ذلك القرار.
ونجحت القوات المصرية في تدمير خط بارليف وعبور قناة السويس في ست ساعات منذ بدء المعركة، حيث عمل سلاح المهندسين العسكريين على فتح ثغرات في الساتر الترابي باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع مع إنشاء الكباري لعبور القوات وتعطيل قنابل النابلم التي حصن بها الجيش الإسرائيلي خط بارليف على امتداد القناة.
وأنجزت القوات المصرية في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، وانتهت أسطورة خط بارليف الدفاعي، حيث لم تتمكن القوات الإسرائيلية من توجيه أي هجوم مضاد إلا مع حلول 8 أكتوبر بعد حشد قواتها، لكن لم تتمكن تلك الهجمات في يومي 8 و9 أكتوبر من تحقيق أي انتصار على القوات المصرية التي اخترقت عمق سيناء شرق القناة.
وظلت المعارك دائرة، حيث حاولت القوات الإسرائيلية اقتحام الإسماعيلية والسويس وبورسعيد إلا أن المقاومة الشعبية تصدت حتى صدر القرار رقم 338 من مجلس الأمن، الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءاً من يوم 22 أكتوبر عام 1973م، لتبدأ بعدها مصر جولة من المفاوضات بناء على انتصارها العسكري وينجح الرئيس السادات في التوصل لاتفاق السلام وتحرير أرض سيناء.
وقد تجلى الدعم العربي للقوات المصرية والسورية في معاركها لتحرير الأرض، فقد عقد وزراء النفط العرب اجتماعاً في الكويت في 17 أكتوبر قرروا خلاله خفض إنتاج النفط بواقع 5% شهريا ورفع أسعار النفط من جانب واحد، وفي 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونغرس اعتماد 2.2 مليار دولار في مساعدات عاجلة لإسرائيل الأمر الذي أدى لقيام الجزائر والعراق والمملكة العربية السعودية وليبيا والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى لإعلان حظر على الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة، مما خلق أزمة طاقة في الولايات المتحدة الأمريكية.