لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزءًا يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.
لا تستطيع أن تذكر أعرق مقاهي وسط البلد دون أن تذكر مقهى الندوة الثقافية، وهو من أهم المقاهي بمنطقة وسط البلد الذي يعرفه المثقفين، ويأتون إليه بالاسم، ويقع على بعد 100 متر من مقهى الحرية الشهير تستطيع أن تقول بأنها في الشارع الجانبي الذي يليه، أو إحدى أضلاعه بالمنطقة، وكان مركزاً لاجتماع معظم الأدباء والفنانين المُستقلّين في وقت مضى.
تأسس مقهى الندوة الثقافية في ستينيات القرن الماضي القرن الـ 20، وسمي بهذا الاسم لأنه كان يشهد أسبوعيًّا ندوة ثقافية لكبار المبدعين وقتها أمثال جمال الغيطاني ونجيب محفوظ ويوسف القعيد، بالإضافة إلى الفنانين أمثال أحمد زكي ويحيى الفخراني.
ولم يتوقف دور المقهى في إقامة ندوات بعدما انتهى عصر السابقين، بل في العصر الحديث هذا قام العديد من الكتاب الشباب بتنظيم ندواتهم بداخله، والتي تحظى بإقبال كبير من الجمهور.
فلن تجد في مقهى الندوة الثقافية تلفزيون أو أي ألعالب تسلية كالدومينو أو الطاولة وغيرها، بل كل ما يحتويه المقهى راديو صغير يذاع من خلاله القرآن كل صباح، ويترك الأمر بيد الزبائن فيما يريدون أن يفعلوه، والشائع فيها أن زبائنها يأتون لغرض إقامة المناقشات والحوارات فيما بينهم وأغلب روادها من الفنانين والكتاب والصحفيين.