الأربعاء 15 مايو 2024

إلهام يونس تناقش واقع المرأة في مصر والسعودية والمغرب

إلهام يونس

ثقافة15-4-2022 | 23:23

محمد الحمامصي

هل تشتمل البرامج التي تعالج قضايا المرأة العربية في مصر والسعودية والمغرب على متطلبات تحقيق التنمية المستدامة التي تحتاج إلى تحقيقها توافقا منظوميا بين "السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الإنتاجي، التكنولوجي، الدولي، الإداري، التعليمي" بحيث تعمل هذه النظم بشكل متناغم ومتزامن من أجل هدف رئيسي تنجح معا في تحقيقه؟، وبصياغة أخرى هل تشتمل معالجة القضايا الخاصة بالمرأة العربية على تناول مفهوم التنمية المستدامة في كل القطاعات الصحية والتعليمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية؟، وكذلك هل تلتزم البرامج التي تعالج هذه القضايا بمبادئ المسئولية الاجتماعية في المعالجة؟، هذه الأسئلة وغيرها، محور دراسة دكتورة إلهام يونس أحمد الدكتورة إلهام يونس، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالمعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق.

المعنونة "التنمية المستدامة والتمكين السياسي.. واقع المرأة العربية"، حيث حللت أوضاع وقضايا المرأة بالتركيز على نموذج المرأة المصرية والسعودية والمغربية، ما أعطى دراستها بعدًا اقليميًا وعربيًا مكنتها من وضع استراتيجية ورؤية متعلقة بأبعاد المعالجة الإعلامية للفضائيات العربية لدور الإعلام في تناول ومعالجة قضايا المرأة وإدراجها في عمليات التنمية المستدامة.

وجاءت دراسة دكتورة إلهام يونس الصادرة عن دار العربي عبر عدة فصول تناول الأول واقع المرأة العربية والتمكين السياسي، والثاني التنمية المستدامة في برامج المرأة السعودية بالفضائيات الخاص من منظور أخلاقي، والثالث المرأة المصرية والتنمية في برامج تلفزيون الدولة، والرابع الإعلام وقضايا المرأة العربية "المصرية والسعودية والمغربية"، وحللت ما تقدمه برامج "صباحيات 2m الموجّه للمرأة المغربية و100%، وسيدتي الموجّه للمرأة السعودية، وزينة الموجه للمرأة المصرية.

ورأت أن قضايا المرأة شأنها شأن أي قضية مجتمعية أخرى، لا يمكن عزلها عن حركة الثقافة السائدة في المنطقة العربية، وما تمر به هذه المنطقة من تيارات جديدة تتدافع وتتصارع مع القيم السائدة والعادات والتقاليد الراهنة. ومع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا المرأة؛ ومع تزايد اهتمام الحكومات العربية بهذا القطاع المهم من مجتمعاتها؛ أصبح الاتجاه السياسي العام في الدول العربية يولي المرأة وقضاياها اهتمامًا متزايدًا.

وقالت دكتور إلهام يونس، إنه في ضوء تعددية وسائل الإعلام بشكل عام والانتشار الجماهيري للتليفزيون بشكل خاص، بتعدد قنواته ما بين قنوات عامة ومتخصصة قنوات حكومية وخاصة قنوات مفتوحة وقنوات مشفرة، وأيضًا في ظل الدور الفعال الذي تقوم به وسائل الإعلام الجماهيرية في أي مجتمع يمثل الإعلام ووسائله المختلفة عاملاً حاسمًا في مختلف القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية المثارة على الساحتين المحلية والدولية وفي قضايا تحديث المجتمعات النامية.. ومع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا المرأة برز الحديث عن الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في التصدي لهذه القضايا والإسهام الفاعل وطرح الحلول لها. لذلك فإن للبرامج التليفزيونية دورًا كبيرًا في طرح قضايا المرأة سواء في الحضر أو في الريف وطرح المشكلات المرتبطة بقضايا المرأة وطرح النماذج الإيجابية للمرأة وتولي المرأة المراكز القيادية وذلك ليسهم في تغيير نظرة المجتمعات العربية لصورة المرأة النمطية التي يعرضها التليفزيون وكذلك معالجة الكثير من المشكلات التي واجهت المرأة في سوق العمل.

وتابعت بأن نتائج العديد من الدراسات والبحوث تشير إلى أن وسائل الإعلام المختلفة لم تقم بالدور المطلوب والمتوقع منها، ولا يرجع ذلك فقط إلى القائمين على هذه الوسائل، ولكن يرجع أيضا إلى الصورة السائدة عن المرأة في المجتمع، والتي شكلتها اعتبارات ثقافية، وموروثات تقليدية يصعب تغييرها، كما أنه يستغرق وقتًا لتغييره، ويحتاج هذا التغيير إلى خطة مدروسة لتغيير اتجاهات المجتمع بكافة فئاته وطوائفه، وبالتالي فإن الدور المتوقع أن تقوم به وسائل الإعلام من أجل دمج المرأة في التنمية يتمثل في إسهامها في الجهود المبذولة للتغلب على الأفكار السائدة عن المرأة ككائن سلبي وثانوي لا أهمية إجتماعية له، وإعطاء صورة صحيحة عن دورها الإيجابي ومساهمتها في تقدم المجتمع. ولما كانت التنمية المستدامة مطلبًا قوميًا في كل المجتمعات ولن يتحقق إلا بالتكامل بين الرجل والمرأة في كل المجالات وهنا يأتي الحديث عن التنمية المستدامة.

وأوضحت إلهام يونس أنه بالرغم من كل هذه التطورات في الوضع السياسي للمرأة المصرية ما زال الإعلام يتناولها من خلال برامج للطهي والديكور والتجميل ويسقطها حقها في الجرعة الثقافية والسياسية ربما لكونه متأثرًا بمجموعة من العوامل والتي تسعى بشكل أو بأخر إلى دعم فكرة التهميش السياسي والفكري والثقافي للمرأة ومنها: أولا عوامل إجتماعية: تتمثل في عوامل خاصة بالموروث الثقافي حيث النظام الذكوري والثقافة الأبوية والموروث الإجتماعي الذي يؤكد على أن السياسة من اختصاص الرجل ورفض الرجل للدور السياسي للمرأة. ثانيا عوامل اقتصادية: متمثلة في تحرير التجارة والأخذ باقتصاد السوق الحر مما أدى الى إنتشار البطالة وتحمل المرأة لأعباء المسئولية المادية وتوفير إحتياجات الأسرة في حالات كثيرة وبالتالي فهي لا تملك الحق أو الوقت في التفكير في المشاركة السياسية. ثالثا عوامل قانونية: حيث القوانين الظالمة للمرأة والتي كثيراً ما تتسم بالتعقيد والتخلف والبطئ وبالتالي تظل المرأة تحت وطأة الخلافات الأسرية. رابعا عوامل تعليمية: تتمثل في تدنى الوضع التعليمي للنساء وارتفاع نسبة الأمية بينهن حاصة في القرى بما يؤكد على ترابط حقوق التعليم والعمل والمشاركة في العمل العام. خامسا عوامل خاصة بالمرأة: تتمثل في عدم وعي النساء في القرى بحقوقهن القانونية والتشريعية وعدم معرفة الرجل بهذه الحقوق.

وأكدت أن المرأة السعودية خطت خطوات وثابة في التعليم والعمل والتمكين الاقتصادي والإجتماعي والسياسي وتنمية الوعي بحقوق المرأة السعودية عموماً، فقد صدرت العديد من القرارات والأوامر الملكية والتي لعبت دورًا كبيرًا في تمكين النساء من بعض الوظائف الحكومية العليا. ووصولها الى مناصب قيادية، ابتداء من تعيين الاميرة الجوهرة بنت فهد بن عبد العزيز مديرة لجامعة الرياض للبنات (جامعة الاميرة نورة حاليًا) كأول سعودية في هذا المنصب، ثم مرورًا بتعيين د.هدى بنت محمد العميل مديرة لجامعة الاميرة نورة بنت عبد الرحمن بالمرتبة الممتازة، وتعيين نورة الفايز لتكون اول نائبة لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات، وانتهاءً بتعيين د.منيرة العلولا في منصب نائب المحافظ في المؤسسة العامة للتدريب، ود.هيا العواد في اول منصب وكيل وزارة التربية والتعليم كما منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الاولى للدكتورة خولة بنت سامي الكريع، كبيرة علماء ابجاث السرطان ورئيس مركز الملك فهد الوطني.

ورأت أن الأداء الإعلامى السعودي لا يختلف في معالجة قضايا المرأة السعودية كثيراً عن نظيره المصري في معالجة قضايا المرأة المصرية خاصة عند رصد الخصوصية الثقافية للمرأة السعودية. بالبحث في الخصوصية الثقافية للمجتمع السعودي نجد أن اختلاف الرؤى في تقييم واقع المرأة السعودية إنعكس بالتبعية على تباين المعالجات الإعلامية في تناول هذا الواقع وكذلك في الدراسات حيث يرى البعض أن وسائل الإعلام تتناول قضايا المرأة السعودية بشكل يعكس صورة سلبية ونمطية ولا يسعي إلى إحداث تنمية حالية أو مستدامة لهذا القطاع المهم من المجتمع السعودي حيث تمثل نسبته حوالى 49.1%. بينما يرى البعض الآخر أن الزيادة الكبيرة التي شهدتها القنوات الفضائية العربية تتيح للإعلام تناول قضايا التنمية الخاصة بالمرأة السعودية في شتى الجوانب المختلفة سواء الإجتماعية، السياسية، الإقتصادية والمشاركة في الحياة العامة وبالتالي من المفترض تكوين صورة موضوعية عن واقع تنمية المرأة السعودية في شتى مناحي الحياة. ولذلك أتهمت الكثير من القنوات الفضائية العربية بأنها المسئولة عن تنميط صورة المرأة وتعميق فكرة وجود فروق بين الذكور والإناث وبالتالي تكريس دونية المرأة وقد خصت المرأة السعودية بهذه الصورة النمطية السلبية في حين أنه بقراءة متأنية لواقعها الفعلي بالمجتمع السعودي نجد أن للمرأة السعودية إنجازات وإسهامات في مجالات عدة.

وقالت إلهام إن النقلة النوعية والتاريخية والخط الحقيقي الفاصل في حياة المرأة السعودية، هو منح المرأة السعودية 30 مقعداً في مجلس الشورى ومشاركتها في الانتخابات البلدية، حيث فاجأت هذه القرارات العالم، إذ جسدت نقلة تاريخية في النظرة إلى المرأة السعودية بوصفها شريكة في المجتمع ففي عام 2013 أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله دخول المرأة السعودية عضوة في مجلس الشورى، ومنح حق الانتخاب لها في مجالس البلدية بوصفها مرشحة وناخبة إبتداء من دورة (2015)، وبذلك تكون المرأة السعودية دخلت مجال العمل السياسي للعمل في صنع القرار وتنفيذه. ومن خلال دورها في مجلس الشورى تمكنت المرأة من المشاركة في صياغة العديد من الانظمة المتعلقة بالعمل والحماية من الايذاء، وكذلك حماية الطفل والاستثمار والبيئة والصحة العامة وحقوق المتقاعدين والمسنين والتعليم والثقافة والامن. وتجدر الإشارة إلى أن قرار مشاركة المرأة السعودية في السياسة السامية، فالأوامر الملكية بخصوص مشاركة المرأة سياسيًا قدمت نموذجًا عمليًا على قدرة القرار السياسي على إحداث التغيير دون إنتظار جاهزية المجتمع ولا التدرج في تطبيق التغيير. وقد عملت الدولة من خلال مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي انشئ عام 2002، على إتاحة الفرصة للنساء والرجال لمناقشة بعض القضايا الهامة والوقوف على مرئياتهم قبل عرضها على مجلس الشورى ومجلس الوزراء، كما خصصت إحدى دورات الحوار الوطني لموضوع المرأة.

وأشارت إلهام إلى أن المرأة المغربية تعد من بين النساء العربيات الأوئل اللواتي إقتحمن المشهد السياسي، إذ ساهمت المرأة المغربية أسوة بالرجل في معركة التحرير والإستقلال. ويكفي إستحضار إسم "مليكة الفاسي"، التي كانت ضمن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، لمعرفة الدور السياسي الكبير الذي لعبته المرأة المغربية تاريخيًا. لكن ولأسباب سوسيو إجتماعية لم تتمكن الحركة النسائية من الإنضمام الى العمل البرلماني الا في سنة 93 وذلك عبر النائبتين البرلمانيتين بديعة الصقلي ولطيفة بناني سميرس من أصل 333 نائبا، الامر الذي جعل مغرب منتصف التسعينات يعرف تداولًا مكثفاً لموضوع التمييز الإيجابي لفائدة المرأة، إذا عملت المنظمات النسائية على تقديم مذكرة مطلبية بمناسبة التعديل الدستوري لسنة 1996، تضمنت إقتراح ألية الكوتا بنسبة 20% للنساء على الأقل، لتنجح في سنتي 2001/2002 التنسيقيات النسائية، من ضمان تمثيلية وازنة للنساء في برلمان 2002 إذ إرتفع عدد تمثيلية النساء في البرلمان المغربي إلى 35 نائبة أي بارتفاع يقدر بـ 11 %.

وأضافت أن الأرقام ترسم صورة الواقع السياسي للمرأة المغربية، حيث إنّ عدد النساء في مجلس النواب المغربي ارتفع إلى 81 نائبة، من أصل 395 عضوا، وهو ما يمثّل نسبة 20.5%، بينما كانت النسبة خلال الولاية التشريعية السابقة في حدود 17.3%. إن إدماج المرأة في كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية للدولة لا ترتبط فقط بفتح باب مشاركتها وإنضمامها إلى مؤسسات الدولة بقدر ما يرتبط بتمكينها الفعلي في اتخاذ القرارات، وهو ما يصطدم بعدد من المعوقات، فهي مرتبطة من جهة بالمجتمع ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية داخل الدولة كالحكومة والبرلمان والأحزاب، نظراً لأن المشاركة السياسية للمرأة تعد إحدى الثلاث نواحي الأساسية في مفهوم التمكين. فالتمكين السياسي للمرأة هو جعلها ممتلكة للقوة والإمكانيات والقدرة لتكون عنصرا فاعلا في التغيير.

وبناء على نتائج تحليلاتها اقترحت إلهام في ختام دراستها عددا من التوصيات منها:

أولًا: إقرار ميثاق شرف للقنوات الفضائية فيما يتعلق بالمحتوى الإعلامي وبما يضمن تقديم صورة واقعية للنساء العربيات فضلاً عن التخلص من الترويج لسلوكيات إجتماعية ضارة مثل تعدد الزوجات.

ثانيًا: يجب تحديد أولويات المعالجة الإعلامية وفقًا لاحتياجات المرأة مع زيادة الاهتمام ببعض الشرائح المهمشة من النساء ثم نقدم حلولاً واقعية بما يتماشى مع الاتجاه العالمي نحو التنمية المستدامة.

ثالثًا: الاهتمام بإعادة تأهيل الإعلاميات ليس فقط في مجال تخصصات بعينها بل في مجال ثقافة المجتمع والحقوق والقوانين فهذا العصر يتطلب التدريب المستمر ليتمشى مع التغيرات التكنولوجية المتلاحقة.

رابعًا: إذا كان يشهد للدراما طبقاً لنتائج العديد من الدراسات الإعلامية أنها المسؤولة عن غرس وتعديل الصورة الذهنية للمرأة في المجتمعات العربية فيجب الاهتمام بالأفكار التي تنقلها والارتقاء بلغة الحوار.