لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزء يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.

يعد مقهى الهافانا من المقاهي التي تتميز ببريقها التاريخي الخاص، وهو مقهى دمشقي يقع في قلب مدينة دمشق بالعاصمة السورية تأسس عام 1945م، وكان رواده من مصر يشبّهونه بمقهى الفيشاوي المصري الذي يقع في القاهرة.

شهد مقهى الهافانا أحداث تاريخية والعديد من القصص واستضاف الكثير من الشخصيات البارزة، فهو يعد ملتقى النخبة من المثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء ورجال المجتمع من جميع الوطن العربي، أمثال: بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ومحمد الماغوط والكاتب الساخر شريف الراس، والشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي، ومن أشهر الفانين المصريين الذين كان يرتادوه محمود المليجي وفريد شوقي والمطرب محمد عبد المطلب وغيرهم.

ولأهميته التاريخية، فقد احتضن هذا المقهى المؤتمر التأسيسي الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي سنة 1947، ومن هنا تأتي أهمية تاريخية وسياسية، مع العلم أن اسمه كان مقهى الرشيد آنذاك.