هناك أسئلة مهمة جداً، الإجابة عنها تساعد فى بناء الوعى والفهم، وتمنع ألاعيب الأشرار.. فى بناء الوعى المزيف، وتدحض الأكاذيب والشائعات وحروب التشكيك والتشويه والفتنة والوقيعة.. مصر واجهت أزمات وتحديات، وحققت نجاحات وإنجازات غير مسبوقة، لكن هناك حقيقة غائبة عن الكثيرين، لابد أن يعرفها الجميع.
النتائج والإجابات تكشف لنا الحقائق.. فنحن نعيش زمن الصدق والشفافية والمكاشفة.. وأن يعلم المواطن الحقيقة كاملة.
من المهم وأنت تتحدث فى أى موضوع أو حتى وأنت تنتقد وتهاجم أن تكون ملماً به، مطلعاً على تفاصيله.. متعمقاً فى التعرف على أصله وجذوره.. حتى يكون الحديث متفقاً وسياقه.. مقنعاً.. تخيل أن الاطلاع على الموضوع والقضية والملف الذى تتحدث فيه يمنحك قوة وحجة.
للأسف الموضوع فى مصر مختلف.. عندنا أكثر من 100 مليون خبير ومُنَظِّر وفيلسوف ..الحمد للَّه «محدش بيقول اللَّه أعلم».. إذا سألت مواطناً واحداً فى «الهندسة والرياضيات والعلوم والفن والكرة والفضاء والذرة» لن يخبرك بمقولة «اللَّه أعلم».. سينطلق مثل الأسد الجسور، يُنَظِّر ويدَّعى العلم، وكأنه نيوتن وفيثاغورث وسيبويه.. أو الشعراوى فى الدين ..آفة كبيرة تنتشر فى مجتمعنا.. رغم أن من قال »اللَّه أعلم» فقد أفتي ..لذلك وجدنا كل من «هب ودب» يتحدث فى الدين والاقتصاد والسياسة والأمن والحرب.
هناك أسئلة إجبارية على كل واحد منا أن يطرحها على نفسه.. فلدينا مهمة وهدف نبيل وأساسى هو بناء الوعى الحقيقي، والفهم الصحيح.. وهذا يحتاج إلماماً بالأمور والملفات والقضايا المطروحة، خاصة فى مصر.. لذلك نطرح مجموعة من الأسئلة المهمة ..اعتبرها أسئلة إجبارية وسياقاً للفهم والوعي.
أولاً: ماذا لو بدأت مصر مبكراً قبل أربعة أو خمسة عقود تجربتها فى البناء والتنمية والتقدم بنفس المعدلات التى بدأت قبل 7 سنوات بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التى تسابق الزمن، وتحقق معدلات وإنجازات تفوق التوقعات، وبإرادة تتحدى التحدي.
ماذا لو لم يستلم الرئيس السيسى هذا البلد «كُهنة وأشلاء».. واستلم بلداً يقف على أرض صلبة آمناً، مستقراً.. اقتصاده واعد.. مشاكله وأزماته قليلة وبسيطة.. ماذا لو كانت مصر لديها بنية أساسية قوية وعصرية أو على الأقل تحتاج القليل من التطوير والتحديث.. وليست بنية أساسية متواضعة، كما تسلمها الرئيس السيسى قبل 7 سنوات.
السؤال بمعنى آخر: ماذا لو تسلم الرئيس السيسى »بلداً» واقفاً على قدميه ..ومضى يبنى ويعمر ويحقق نفس المعدلات التى حققها على مدار الـ7 سنوات، لو تسلم اقتصاداً على الأقل بدرجة متوسط.. ماذا كان حال مصر الآن؟
السؤال الثاني: لأصحاب العقول والمنطق والباحثين عن الفهم وليس مجرد التنظير والفزلكة، دعونا نسأل عن ماذا كان حال مصر بعد نجاح غير عادى للإصلاح الاقتصادى الذى انطلق فى 2016 وتحقيقه نجاحات كبيرة ومعدلات نمو اقتربت من الـ6٪.. وسط هذه المعدلات والنجاحات.. إلى أين كان يتجه الاقتصاد المصرى لولا أزمة «كورونا العالمية».. والسؤال أيضاً ماذا كانت مصر ستفعل فى مواجهة أزمة «كورونا» إذا لم ينجح الإصلاح الاقتصادى ويحصن الاقتصاد المصرى بالقوة والصلابة والقدرة على امتصاص الصدمات؟.. فالأزمة العالمية التى خلفها «كوفيد ــ19».. وأصابت أكبر الاقتصادات العالمية بالارتباك والضرر.. كانت فى منتهى الصعوبة.. لكن ورغم ذلك حقق الاقتصاد المصرى ضمن عدد محدود من الدول نمواً وصل إلى 3.2 ٪ و3.6٪.
السؤال أيضاً.. بعد أن نجحت مصر فى مواجهة أزمة «كورونا».. وقبل الأزمة وبعدها كانت التطلعات والآمال كبيرة.. ونجحت فى تجاوز الصعاب والتحديات.. هل كانت مصر لتستطيع تحمل قسوة أزمتين عالميتين الأولى «كورونا».. والثانية أشد قسوة هى تداعيات الأزمة «الروسيةــ الأوكرانية» التى أصابت العالم بتحديات اقتصادية سواء سلاسل الإمداد والتوريد وأسعار الطاقة ومعدلات التضخم وزيادة الأسعار وارتفاع أسعار الطاقة، خاصة سعر برميل النفط الذى تضاعف.. «صندوق النقد الدولي» أعلن أن تداعيات الأزمة «الروسيةــ الأوكرانية» سوف تطال 143 دولة، وبطبيعة الحال منها مصر.. أى أن الدول تأثرت بالأزمة وليست مصر وحدها.. لكن مصر قادرة ..مع الفهم والوعى والإدراك، أننا كمواطنين أيضاً سوف نتأثر بالأزمة.
السؤال المهم أيضاً: هل كانت مصر تستطيع مواجهة هذه التحديات مثل «كورونا» وتداعيات الأزمة العالمية لولا الإصلاح الشامل الناجح، ولولا إنجازات الـ7 سنوات؟
السؤال المهم أيضاً: ماذا لو كان عدد سكان مصر موازياً ومكافئاً لمواردها وإمكاناتها؟.. ماذا لو كان عدد سكان مصر موازياً ومكافئاً لمعدل النمو الاقتصادي؟
السؤال المهم أيضاً.. ماذا لو كان حجم الإنجازات الكبيرة والنجاحات العظيمة ومعدلات النمو الاقتصادى متفوقاً على عدد السكان.. ماذا لو كان عدد سكان مصر عند 80 مليون نسمة «تعداد2011»؟.. ماذا إذا تزامنت تداعيات أزمتى «كورونا» و«روسياــ وأوكرانيا».. مع نمو سكانى معتدل ومتكافئ.. مع نجاح الإصلاح الاقتصادي.. مع إنجازات ونجاحات وتوسع وتطوير عظيم شهدته الدولة المصرية.
وحتى نفهم لابد من التأكيد على مجموعة من النقاط بعد طرح هذه الأسئلة المهمة:
أولاً: إن الرئيس السيسى يريدنا أن نفهم ونعى من خلال سياق ومنطق الأمور.. ولابد أن ندرك لماذا نحن هكذا.. لماذا وصلنا إلى الفجوة والخلل بين «مواردنا.. والنمو السكاني».. كيف تفاقمت الأزمات والمشاكل ..ووصلت إلى ما آلت إليه؟.
ثانياً: إن الدولة قبل يناير 2011 افتقرت لأى إرادة للبناء والتقدم، وحل الأزمات والمشاكل، ومجابهة التحديات والتهديدات.. لذلك تفاقمت المشاكل والأزمات.. وتراجعت الخدمات.. والاهتمام بالتعليم والصحة والإسكان.. وظهرت كوارث التعدى على الأراضى الزراعية والبناء المخالف، وانتشرت المناطق العشوائية والخطرة وغير الآمنة.. ثم بنية أساسية فقيرة ومتواضعة ولا تليق بدولة مثل مصر.
ثالثاً: جاءت أحداث يناير 2011 لتجهز على الدولة المصرية وتحولها إلى مجرد أشلاء.. وتوقفت فيها الحياة والعمل والإنتاج، وتفشت المظاهرات الفئوية ولى ذراع الدولة.. وتوقف ماكينات الإنتاج مع ارتفاع وزيادة غير منطقية فى الأجور، ووصلت بنود الأجور فى موازنات الدولة إلى أرقام كبيرة لا تتحملها الأوضاع والظروف، ولم يلتفت أحد فى توقيت الفوضى إلى أهمية مواجهة تحدى النمو السكاني.. بمعنى آخر أن الأمور والأزمات والمشاكل تفاقمت وتضاعفت وتوقفت عجلة البناء والإنتاج فى البلاد.. فى نفس الوقت ارتفعت معدلات النمو السكانى بشكل خطير.
رابعاً: وصلت مسئولية قيادة البلاد فى 2012 إلى رئيس فاشل هو محمد مرسي، حكم البلاد بأسلوب الجماعة، وليس رجل الدولة.. وهو الأمر الذى زاد طين الأمور، التى وصلت إليها البلاد فى يناير 2011 بلة.. وتضاعفت الآلام وتفاقمت الأزمات والمشاكل وأصبحت الأمور أكثر ضبابية وغموضاً.
هذا فى الأمور الاقتصادية.. لكن الأخطر هو قضية وجود الوطن من الأصل.. قبل أن نصل إلى مرحلة أشلاء وبقايا وأطلال الدولة.. انتفض المصريون لإسقاط هذا النظام الإخوانى العميل.. وهنا وجدوا القائد الوطنى الشريف الذى حمى إرادتهم، وحقق للوطن أهدافه.
خامساً: الرئيس السيسى قبل إعلان ترشحه صارح المصريين بكل تفاصيل وحقائق وأوضاع البلاد.. وأكد أنه لن يستطيع لوحده أو بمفرده انتشال البلاد وإخراجها من عثرتها.. وقال: إن الرئيس لا يستطيع وحده أو الحكومة لوحدها.. ولكن الشعب هو من يستطيع مواجهة هذه التحديات والصعوبات.. وقال: إن فى نهاية النفق المظلم نوراً كبيراً.. إذا واجهنا جميعاً تحدياتنا.. قيادة وشعباً.. إذا تمسكنا بأن نكون على قلب رجل واحد.. هكذا بدأ الرئيس السيسى مشوار البناء وقيادة البلاد.. بالمصارحة والمكاشفة والصدق.. لم يبع الوهم للمصريين ولم يجمِّل واقعاً غير موجود.. لم يعد أحداً بما لا يملكه.. لكنه اشترط أن نكون جميعاً فى مواجهة تحدياتنا وأزماتنا.. ودع المصريون مقولة محدش أخبرنا.. محدش قالنا.. أخفوا علينا.. الرئيس السيسى أرسى مدرسة جديدة فى الإدارة والقيادة بالمصارحة والمكاشفة والصدق.
سادساً: منذ أن تولى الرئيس السيسى انطلقت أكبر ملحمة فى البناء والتنمية والتقدم فى كافة المجالات والقطاعات.. أنفقت الدولة عليها 8 تريليونات جنيه، استهدفت بناء دولة جديدة حديثة قوية وقادرة وانتهاء بعض صور ومظاهر معاناة المواطنين وتخفيف حدتها.. والقضاء على بعض الأزمات الأكثر إلحاحاً مثل العشوائيات وأمراض فيروس «سي» وقوائم الانتظار، ورفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين أحوالهم وتوفير الحياة الكريمة لهم.. بالإضافة إلى دفع الاقتصاد المصرى إلى أن يكون اقتصاداً قوياً وواعداً، يرتكز على أسس قوية.. وتصبح مصر قبلة الاهتمام والاستثمار بعد إصلاح اقتصادى أشاد به العالم وأكبر منظماته ومؤسساته الاقتصادية.. يعنى أن الرئيس السيسى اعتمد منذ اليوم الأول لبداية رئاسته على المصارحة والمكاشفة والصدق.. ثم العمل والعمل والمثابرة وسباق الزمن وتحقيق معدلات غير مسبوقة فى البناء والتنمية والإنجاز، وهو ما حدث.
نجحت التجربة المصرية.. وبدأت التوقعات الدولية تتحدث عن مصر واقتصادها الواعد.. لكن لم تكن مصر سبباً فى أزمة «كورونا» ومن حسن الطالع نجاح الإصلاح الاقتصادى لنتمكن من مواجهة تداعيات أزمة «كوفيدــ19» ونحقق رغم ذلك نمواً ضمن عدد قليل ومحدود من الدول.
تستعد مصر لتنطلق من جديد بعد تجاوز تداعيات كورونا.. وتبدأ فى الربعين الأولى والثانى من العام المالى الحالى فى تحقيق 9٪ معدل نمو وهو رقم غير مسبوق لم يتحقق من قبل منذ بداية الألفية الثالثة.. وإذا بها تفاجئ وتواجه العالم، وتحديداً 143 دولة، تتأثر على حد قول «صندوق النقد الدولي» بتداعيات الأزمة «الروسيةــ الأوكرانية».. دون أن تتحمل مسئولية وجود الأزمة أو التحديات التى خلفتها، لكنها فى نفس الوقت.. قادرة بفعل ما تحقق خلال السنوات السبع من إنجازات وإصلاحات ونجاحات على مواجهة الأزمة والحد من تأثيراتها السلبية، والإدراك أننا لا محالة متأثرون وأن المواطن عليه أن يدرك أن الدولة ستوفر كل السلع والاحتياجات الأساسية.. ولن يطلب سلعة ولا يجدها.. لكن فى نفس الوقت هناك زيادة أو ارتفاع خارج عن إرادة الحكومة فى أسعار السلع، تسعى الحكومة بتوجيهات من القيادة السياسية إلى ألا يكون صعباً.
الفهم والوعى يشكلان حجر الزاوية فى إدراك الواقع والتعاطى مع التحديات، فلو كانت انجازاتنا ونجاحاتنا وتجربتنا فى التنمية التى حققت أعلى مؤشرات فى النمو متوازنة ومتوافقة ومتكافئة مع النمو السكاني.. كان وضعنا أفضل بكثير.. وكانت تداعيات الأزمات أخف.. وكانت ظروفنا ومستوى المعيشة أفضل بكثير.. لذلك بطبيعة الحال فإن عدد السكان 50 مليون نسمة أفضل بكثير من 80 مليوناً، أفضل بمراحل من 104 ملايين نسمة فى مواجهة تداعيات الأزمات.. وفى استجابة مؤشرات التحسن فى الظروف المعيشية.. سواء الداخل أو الأسعار.. دعونا نقولها بطريقة أخرى أعتقد أن الـ 50 مليون مواطن مصرى كان وضعهم سيكون أفضل من 80 مليون نسمة فى الإحساس بالنمو الاقتصادي.. وفى تعاطيهم مع الأزمات.. وأيضا وضع الـ 80 مليون نسمة أفضل بكثير من 104 ملايين نسمة فى الإحساس بالتحسن مع ارتفاع النمو الاقتصادى والتعاطى مع تأثيرات وتداعيات الأزمات العالمية.
نصل إلى أن الحقيقة أن وضعنا كدولة تعداد سكانها 104 ملايين نسمة صعب.. رغم معدلات النمو والانجازات والنجاحات غير المسبوقة فلم يشعر المواطن بالشكل المطلوب بانجازات ونتائج تجربة بناء وتنمية هى الأضخم فى تاريخ مصر.. بسبب النمو السكانى المخيف والمرعب وأيضا الأزمات والصدمات التى توالت وتواترت على العالم.
إن زيادة الـ 20 مليون نسمة خلال الـ 10 سنوات الماضية هى أمر خطير، نحن أمام عدد سكان يتجاوز عدد سكان 4 أو 5 دول.. تخيل أن كل عام مصر تزيد بمعدل 2.5 مليون مواطن جديد يحتاجون إلى مدارس ومستشفيات وخدمات وتوسعات زراعية وسكن وفرص عمل.. فى 10 سنوات قد تكون الزيادة من 20 إلى 25 مليون نسمة! يعنى 25٪ من تعداد مصر الحالي.. بمعنى أننا نحتاج ربع أو 25٪ من مواردنا وامكاناتنا ومنشآتنا والمنشآت الخدمية رغم العجز الحالي.. فربما نحتاج أكثر.
الحقيقة أن إدراك أزماتنا ومشاكلنا والوعى والفهم فى ظل المصارحة والمكاشفة والمصداقية الرئاسية غير المسبوقة التى تحرص على إحاطة كل المواطنين أو الشعب بتفاصيل كل التحديات.. ووضع سياق ومنطق للفهم، لابد أيضاً أن نقارن بين مصر قبل السيسى كيف كانت.. وماذا وكيف أصبحت؟.. ثم إدراك ما هى الظروف والتحديات والأزمات والتداعيات التى تواجهنا.. هل ندرك هذه الصعوبات مثل قضية النمو السكاني.. بالوعى والفهم.. إن بناء الأوطان ليس بالكلام والشعارات.. إننا أنجزنا خطوة من ألف خطوة.. إن مصر لديها أزمات وتحديات وتراكمات كثيرة.. إن هناك خللاً واضحاً بين النمو الاقتصادى والنمو السكاني.. ثم السؤال المهم: هل يعرف المواطن تأثير قسوة أزمتين خطيرتين مثل «كورونا» وتداعيات الأزمة الروسيةــ الأوكرانية فى عامين على أى اقتصاد فى العالم.. وهل أدرك كيف أصيب اقتصاد العالم بالجمود والتيبس والتباطؤ.. وما هى تأثيراته السلبية على الدول؟.. فى الفهم والوعى علاج.. وفى التنظير والفزلكة تزييف للوعى.. لذلك تبرز أهمية الأسئلة الإجبارية.