منذ أيام قليلة.. دارت فى عقلى أفكار كثيرة عن الحلم العربى فى الوحدة والتكامل والتعاون والتقارب.. وأن يكون العرب «كالبنيان المرصوص» لا اختلافات ولا نزاعات ولا عداوات، ولا نصرة لأعداء الأمة على دول الأمة.
المهم فكرت قبل خمسة أيام أن أكتب مقالاً يجسد أمنية وحلماً وقلت لنفسى ماذا لو اجتمع القادة والزعماء العرب على مائدة إفطار رمضانية واحدة تعبر عن الحب وروح الأشقاء والتكامل وأننا جميعاً فى مركب واحدة.. الإفطار الرمضانى فى حد ذاته يعكس روح الأسرة العربية الواحدة.. والقواسم والإرث الحضارى المشترك.. فهناك الكثير من الروابط والأواصر التى تجمعنا بل وتجرى فى دمائنا.. الأمة التى تربطها عشرات الأواصر.. ويتجمع شملها على المصير المشترك.
رمزية أن أتمنى أن يجتمع ويجلس القادة العرب على مائدة إفطار رمضانية واحدة من المحيط إلى الخليج.. يجتمع فيها على قلب رجل واحد.. تكون المصارحة والمكاشفة وعتاب الأحباب.. نعلى من شأن التعاون وطى صفحات الخلافات ندرك خلالها دقة الوقت وخصوصية المرحلة وصعوبة وقسوة التحديات والتهديدات والمخاطر الجديدة.. وفى منطقة تموج بالتحديات والاضطرابات والأوهام والأطماع.. ندرك أننا فى فترة يتشكل فيها العالم من جديد، وترسم الأقدار ملامح نظام عالمى جديد.. لابد أن يكون للعرب فيه دور كبير وأن يكونوا الرقم الذى يتوقف الجميع أمامه وعنده.
أحلم كمواطن عربى أن تكون أمة العرب على قلب رجل واحد.. تواجه التحديات والتهديدات والمخاطر وهى صف واحد.. أجد هناك تكاملاً وتعاوناً عربياً فى كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والتجارية.. تكوِّن كياناً واحداً لمواجهة عواصف وأزمات عالمية.
أتخيل ان مأدبة الإفطار الرمضانية التى يجتمع عليها قادة العرب سوف تقرر أن تصفى الخلافات.. وتحل الأزمات فى سوريا وليبيا واليمن والسودان ولبنان والصومال والعراق تعيد اللحمة العربية.. وتعيد توحيد الصف العربي.. وتتصدى لكل التهديدات والأطماع والأوهام والمشروعات التى تحاول أن تمس الأمن القومى العربى الذى يواجه تحديات ومخاطر غير مسبوقة من كل حدب وصوب.. فالوطن العربى هو أكثر مناطق العالم مواجهة للأطماع من ثروات وخيرات وموارد هيأها الله- عز وجل- لهذه الأمة.
الأمة تحتاج جهود أبنائها وقادتها وزعمائها فى مواجهة طوفان التحديات والتهديدات.. وبدون مجاملة وبمنتهى الموضوعية أرصد التحركات والمساعى والنوايا الطيبة المصرية التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي.. والذى يسعى إلى لم الشمل العربى وإحياء العمل العربى المشترك، والتعاون والتقارب والدفاع عن الوجود والهوية والأمن القومي.
الحقيقة ان المتصفح لدفتر أحوال التحركات الرئاسية فى الدائرة العربية يجد نشاطاً كبيراً وملحوظاً سواء فى لقاءات واستقبالات الرئيس السيسى للأشقاء من القادة والزعماء العرب أو زيارات الرئيس إلى الدول العربية.. يكفى أن أقول لقاءات الرئيس السيسى الدورية والمستمرة والمتواصلة مع الملك سلمان بن عبدالعزيز العاهل السعودى والملك عبدالله الثانى بن الحسين ملك الأردن والشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى والأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى والدكتور مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء العراقى وأمير الكويت وأمير قطر والرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون والدور المصرى فى الحفاظ على ليبيا والتزامها بالعمل من أجل الأشقاء ودعم اختياراتهم من أجل العبور بها إلى الأمان والاستقرار والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.
زيارات الرئيس السيسى للدول العربية الشقيقة أو اتصالاته أو استقبالاته ربما تكون غير مسبوقة على مستوى رؤساء مصر أو على مستوى قادة وزعماء العرب.. يسعى لتحقيق أهداف لم الشمل العربي.. وترسيخ الحلول العربية- العربية.. وإنهاء الأزمات والاختلافات فى وجهات النظر وتقريبها.. والحفاظ على تماسك الأمة واصطفافها فى مواجهة التحديات والتهديدات والأطماع والأوهام.. وإحداث شراكات إستراتيجية ودعم العمل العربى المشترك وصون الأمن القومى العربي.. وتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادى والأمنى والعسكري.. وتبادل المصالح.. تلك أهداف نبيلة أن يسعى الرئيس السيسى لجمع العرب على كلمة واحدة وبلسان واحد.. لأن حجم التحديات والمتغيرات التى تواجه الأمة.. وتموج بها المنطقة تستلزم التكاتف والتضامن من أجل الوحدة العربية.
وفى إطار تحركات الرئيس السيسى وعلاقته الأخوية مع قادة وزعماء ورؤساء وملوك العرب شهدت القاهرة مساء أمس الأول قمة مصرية- أردنية- إماراتية حيث استقبل الرئيس السيسى الملك عبدالله الثانى بن الحسين عاهل الأردن والشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى بقصر الاتحادية وشهد اللقاء مأدبة إفطار على شرف ضيوف مصر الكرام.. اللقاء اتسم بالمودة والأخوة وتجسيد عمق العلاقات والروابط التاريخية بين الدول الثلاث.
ما أريد أن أقوله إن هذه اللقاءات العربية- العربية التى تواصلت منذ فترة طويلة والعامل والقاسم المشترك فيها مصر تجسد حرص دول الأمة على التعاون والتقارب والتنسيق والتشاور.. فرغم أن القمة الثلاثية عكست الحرص على تطوير التعاون والانطلاق إلى آفاق واسعة للشراكة الإستراتيجية التى تحقق المصالح المشتركة.. القمة أيضاً أكدت أهمية العمل العربى المشترك فى هذا التوقيت الدقيق وفى ظل التحديات التى تموج بها المنطقة والتأكيد أن علاقات الدول الثلاث القوية هى حجر الأساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي.
القمة المصرية- الأردنية- الإماراتية أكدت أهمية استمرار التنسيق والتشاور لتوحيد الرؤى والمفاهيم وبذل الجهود لصون الأمن العربي.
الحقيقة أن القمة الثلاثية جاءت أيضاً فى ظل قضيتين مهمتين: الأولى إقليمية وهى تصاعد الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. وإصرار الجانب الإسرائيلى على إشعال الوضع من خلال التمادى فى الانتهاكات.
هذه الصداقات والأخوة والعلاقات القوية والتفاهم بين القادة والزعماء العرب التى تقودها مصر.. تؤسس لحلول وتوافق عربى ينهى الكثير من الأزمات العربية العالقة.. لكن تظل القضية الفلسطينية والتى منحتها القمة الثلاثية أولوية واهتماماً كبيراً بالتأكيد ضروة وأهمية احترام الوضع القانونى والتاريخى القائم فى الحرم القدسى الشريف والتأكيد أيضا على احترام دور الوصاية الهاشمية التاريخية فى حماية الأماكن الإسلامية والمسيحية فى القدس وضرورة تقديم جميع أشكال الدعم للإدارة العامة لأوقاف القدس وشئون المسجد الأقصى المبارك ووقف إسرائيل لكل الإجراءات التى تقوض حل الدولتين وضرورة ايجاد أفق سياسى للعودة إلى مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق القانون والمرجعيات الدولية.
الأزمة العالمية وهى القضية الثانية هى الحرب الروسية والأوكرانية وأكدت القمة أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية والمساعى التى من شأنها تسوية الأزمة سياسياً بما يحافظ على الأمن والاستقرار الدوليين وبما يضمن عدم تصعيد الموقف أو تدهوره تفاديا لتفاقم الأوضاع الانسانية والاقتصادية.
فى اعتقادى ان الرئيس السيسى لديه واحد من أعظم الأهداف.. وهو إحياء التضامن والعمل العربى المشترك وان يكون العرب على قلب رجل واحد فى مواجهة كم كبير وغير مسبوق من التحديات والتهديدات والمخاطر بل أن هذه المرحلة تعد مرحلة وجودية ومصيرية بالنسبة للعرب وهو الأمر الذى يفرض طبقا لتحركات الرئيس السيسى أهمية التقارب والتشاور والتنسيق والتعاون والتكامل وتوحيد الرؤى والمفاهيم حتى تستطيع الأمة ان تضمن الوجود والخلود وأن تحجز لها مكاناً مميزاً ولائقاً فى النظام العالمى الجديد.. وأيضا طى صفحات الأزمات والعمل على حل القضايا العالقة التى من شأنها ان تؤجج وتهدد أمن واستقرار المنطقة.
ضرائب «السوشيال ميديا»
فى الوقت الذى من حق الدولة أن تحصل الضرائب المستحقة على كل القطاعات والفئات كل حسب قدراته لكن أين حق الدولة فى الضرائب على «السوشيال ميديا» وهناك عدم اهتمام بهذا الملف وقوانينه مازالت تناقش وتدرس.. الموظف يحصل منه ضرائب لكن حجم إعلانات السوشيال ميديا أصبح يستحوذ على أكثر من 60٪ من كعكة الإعلانات «المليارية» وهناك من صناع المحتوى أصبحوا مليونيرات قصور وفيلات فى دبى ومصر ولا أحد يحصل منهم مليماً واحداً ثم ان إعلانات «السوشيال ميديا» تحقق مكاسب طائلة لا تحصل عليها ضرائب فى حين ان وسائل الإعلام التقليدية تحصل عليها ضرائب.. لذلك من المهم فتح هذا الملف بسرعة وحسم الأمور ووضع النقاط على الحروف.
توكيلات السيارات .. ونظرية «أبوكيفه»
عجيب أمر توكيلات ووكلاء السيارات أقصد من لديهم توكيلات ماركات وأنواع السيارات.. كانوا على سبيل المثال يبيعون السيارة بـ400 ألف جنيه مثلاً.. ثم يبيعها الموزع بزيادة 70 ألف جنيه لتصبح 470 ألف جنيه.. الوكيل رجع فى كلامه وأصبح يبيعها بـ470 ألف جنيه ويقتسم الـ70 ألف جنيه الزيادة مع الموزع على حساب المستهلك.. هذا لا يحدث فى أى بلد فى العالم.. وهناك رقابة صارمة حتى فى الدول العربية لكن الوضع فى سوق السيارات يتسم بنظرية «أبوكيفه».. فلا رقابة ولا محاسبة ولا تسعير.. ولا حماية للمستهلك.
الأمر المهم أيضا والسؤال الذى يطرحه الجميع.. لماذا ارتفعت أسعار السيارات التى تم استيرادها قبل وقوع الأزمة الروسية- الأوكرانية بزيادات مفزعة ومبالغ فيها رغم انها جاءت بسعر ما قبل الأزمة.
الحقيقة انه إذا كنا نحقق نجاحات وتميزاً فى حماية المواطن من الجشع والاحتكار فى مجال السلع الأساسية.. أيضا من المهم حماية المستهلك الذى يريد شراء سيارة من جشع أصحاب التوكيلات والموزعين.. وفى أى دولة لا يسمح لتاجر أن يبيع سيارة دخلت قبل الأزمة بشهور بأسعار ما بعد الأزمة فأين قواعد البيانات ومتى دخلت السيارة.. وبأى سعر وعلى أى أساس نبالغ فى زيادة سعرها.. أعتقد ان حالة الجشع وغياب الضمير فى أصحاب توكيلات وموزعى السيارات تحتاج وقفة حازمة.. ووضع النقاط على الحروف.
هذه الموضوعات كانت محور نقاش مع عشرات الزملاء والأصدقاء وتحتاج إلى قوانين حازمة ورقابة صارمة.
تحيا مصر