الأمير الخجول والخلافة

خجول قليل الكلام، حد الانطواء.. هكذا وصفه مقربون منه رافقوه قبل انشقاقه عن القاعدة وإعلانه زعامة تنظيم داعش في 29 يوليو عام 2014.

هكذا يعرفه أيضا أقرانه في ثانوية سامراء للبنين التي تخرج فيها عام 91 من القرن الماضي متخلفا عنهم بعامين، مادتان مهمتان تميز بهما "البدري "هما الرياضيات والجغرافيا، فيما كان ضعيفا باللغة الإنجليزية، وقيل إنه لم يُجد التحدث بها أبدا.

وحسب رواية أحد رفاقه في المعتقل، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل مركز الاعتقال، والذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس السابق صدام حسين وجهاديين.

كلمة السر.. أبودعاء

قبل أن تتصاعد الأحداث إلى منحى أكثر تطرفاً ويلتقي إبراهيم عواد، والذي استخدم خلال تلك الفترة اسماً مستعاراً هو «أبودعاء»، داخل السجن بأبوعمر البغدادي «أمير دولة العراق الإسلامية فيما بعد»، الذي يجنده لصالح تنظيم القاعدة بالعراق بزعامة أبى مصعب الزرقاوي، حيث بدأ يحتل مناصب قيادية في التنظيم.

الطريق إلى التشدد

بعد مرور أشهر على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة "جيش أهل السنة والجماعة" المسلحة.

وألقت القوات الأمريكية القبض على البغدادي في فبراير عام 2004، بمدينة الفلوجة، وأرسلته إلى معسكر الاعتقال في سجن "بوكا" وظل رهن الاعتقال هناك لمدة عشرة أشهر.

كرس البغدادي نفسه خلال فترة اعتقاله، للأمور الدينية، فكان يؤم المعتقلين في الصلاة، ويلقي خطبة الجمعة، ويُنظم دروسا دينية للسجناء.

تنظيم من المعتقلين

شكل البغدادي تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم بعد الإفراج عنه في ديسمبر 200.

وعقب إطلاق سراحه، اتصل البغدادي بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة بالعراق، فرع القاعدة المحلي الذي كان يقوده الأردني أبومصعب ألزرقاوي، حيث انبهر المتحدث بالعلوم الدينية الواسعة للبغدادي، وأقنعه بالتوجه إلى دمشق للتأكد من أن النشاط الدعائي لتنظيم القاعدة في العراق ملتزم بالنهج المتشدد.ثم قُتل ألزرقاوي لاحقا - يونيو عام -2006، في غارة جوية أمريكية، وخلفه أبوأيوب المصري.

من القاعدة إلى داعش

وفي أكتوبر2006، قرر أبوأيوب المصري حل تنظيم القاعدة في العراق، وأسس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق "داعش"، واستمرت هذه الجماعة الجديدة في الولاء سرا لتنظيم القاعدة.

واستغل البغدادي الفوضى التي عصفت بسوريا من أجل وضع موطئ قدم هناك لتنظيم "داعش".

أمير جديد..

بفضل مؤهلاته الدينية، وقدرته الكبيرة على تضييق الهوة بين الأجانب الذين أسسوا تنظيم داعش بالعراق، والعراقيين الذين انضموا إلى التنظيم لاحقا، صعد نجم البغدادي بشكل مطرد في صفوف التنظيم، عُين البغدادي رئيسا للجنة الشريعية، واختير عضوا في مجلس الشورى للتنظيم، الذي يضم 11 عضوا ويقدم المشورة لأمير التنظيم آنذاك أبوعمر البغدادي.

ثم اختير أبوبكر البغدادي بعد ذلك عضوا في لجنة التنسيق في تنظيم القاعدة في العراق، والتي كانت تشرف على الاتصال بقادة التنظيم في العراق.وبعد مقتل مؤسس تنظيم القاعدة في العراق وأميرها في أبريل عام 2010، اختار مجلس الشورى أبوبكر البغدادي أميرا جديدا.

وسرعان ما بدأ البغدادي إعادة بناء التنظيم، بعد أن تمكنت القوات الأمريكية الخاصة من القضاء عليه.

واستغل البغدادي الاضطرابات المتزايدة في سوريا عام 2011، وأصدر أوامره لأحد النشطاء التابعين له في سوريا ليؤسس سرا فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، عُرف لاحقا باسم "جبهة النصرة".

ظهور تنظيم "داعش" في العراق والشام

سرعان ما ظهرت خلافات بين البغدادي وزعيم جبهة النصرة" أبومحمد الجولاني"، الذي أراد التعاون مع الجماعات السنية الرئيسية المعارضة التي تقاتل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

وحينما طلب أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الأم، من البغدادي منح جبهة النصرة استقلالها، رفض البغدادي ذلك. وفي فبراير 2014، أعلن الظواهري قطع كل علاقات القاعدة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وردا على ذلك، بدأ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قتال جبهة النصرة، وعزز من قبضته على شرق سوريا، حيث فرض البغدادي قوانين شرعية صارمة.

وبعد أن عزز من تأمين معقله في شرق سوريا، أمر البغدادي رجاله بالتوسع في غرب البلاد.ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية أُسس كتحدٍ لتنظيم القاعدة الرئيسي بقيادة أيمن الظواهري.

"خليفة المسلمين"

وفي يونيو 2014، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وبعد فترة وجيزة أعلن المتحدث باسم الجماعة إقامة دولة الخلافة تحت اسم "تنظيم الدولة الإسلامية".

وبعد أيام، ألقى البغدادي خطبة الجمعة في الموصل وأعلن نفسه خليفة المسلمين.

وأعلنت وسائل الإعلام بشكل خاطئ في أكثر من مناسبة مقتل البغدادي.