الإثنين 20 مايو 2024

الثقافة الإلكترونية.. هل تخلق واقعًا أدبيًا جديدًا؟

11-7-2017 | 18:38

 

لم يكن يتخيل الكثيرون في وقت ليس بعيدا أن الكتاب الورقي برسوخه ورواجه في العالم سوف يصبح مهددا بالانقراض أو على أقل تقدير يتوارى خلف صراعات الإنترنت الحديثة ووسائل السوشيال ميديا، التي جعلت من العالم قرية صغيرة، فبكبسة زر الآن يستطيع القارئ في قرية نائية على أطراف أي دولة أن يطلع على ما يحلو له من كتب، فلم يعُد نشر روايات وكتب وآراء المبدعين عن طريق الورق أو الكتابه في الصحف والمجلات هو الطريق للترويج للإبداع.

 

واتجه الكثير من المبدعين إلى الإنترنت لعمل المواقع الشخصية الخاصة بهم، لنشر أعمالهم على نطاق واسع لدى جمهور المتلقين، الذين بدورهم أصبحوا يفضلون "فيس بوك" و"تويتر" للتواصل مع كتابهم المفضلين والحديث إليهم مباشرة بل دعوتهم لمناقشة أعمالهم، وهذا لم يكن في حلم أي قارئ من قبل.

 

استطلعت "الهلال اليوم" آراء نخبة من الكتاب والمبدعين حول دور الثقافة الإلكترونية في الترسيخ لمشهد إبداعي جديد.

 

ومن أبرز الكتاب والروائيين الناشطين على موقع فيس بوك الروائي الكبير إبراهيم عبدالمجيد الذي قال إن فيس بوك عالم افتراضي أصبح ذا سطوة كبيرة وأهمية لا خلاف عليها رغم ما يمكن أن ينجم عنه من سلبيات بيد أن إيجابياته كثيرة، أهمها التواصل والانفتاح على كل التجارب.

 

 وأشار إلى أنه قد كتب رواية بعنوان "في كل أسبوع يوم جمعة" عام 2009 وتتناول قصة جروب على الإنترنت يضم 19 عضوا لا تقبل صاحبته الأعضاء إلا يوم الجمعة، ويجمع بين ابطال الرواية (موقع الفضفضة) الذي لا يخجل أي فرد مشترك فيه أن يبوح بعقده ومشكلاته.

 

مضيعة للوقت

أما الكاتب الكبير محمد جبريل رغم أنه يرى أن فيس بوك "تضييع للوقت" لكنه أصبح واقعا فرض نفسه على الساحة الثقافية، قائلا: نري كثيرين من أنصاف وأرباع الموهوبين ينشرون كتاباتهم على آخرين الذي هم بدورهم يسهبون في عبارات الثناء والمجاملات لأعمال أقل ما توصف به "السطحية"، ناهيك عن استغلال بعض الجماعات التي تحسب نفسها علي التيار الديني، وتبث رسائلها وسمومها عن طريق الكتائب الإلكترونية.

 

 لكن هذا لا ينفي أن كتابا معتبرين ينشرون أعمالهم ويستفيد منها القراء، لكن الأمر يتطلب وضع آلية للمراقبة والتعامل مع الإنترنت وكل ما ينتج عنه.

ويستطرد "جبريل": لكن لا ننكر أن الإنترنت وسيلة عصرية مفيدة جدا ومهمة، وأذكر أن أبي كان يعمل مترجما ويقضي ساعات طويلة في البحث في القاموس عن مصطلح ما مقلبا في مكتبته على ما يبتغيه، أما الآن فبكبسة زر تصل إلينا المعلومة في حينها وعلى درجة عالية من الدقة، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في إساءة استخدام الوسائل المتاحة لدينا.

 

مفيد للثقافة

من جانبها ترى الروائية هالة البدري أن المشهد الثقافي على الشبكة العنكبوتية أصبح يحقق إفادة من حيث مناسبته لكل الأذواق والمتلقين على اختلافهم، فكثيرون يحبون القراءة على الإنترنت لما لها من مزايا السرعة وتوفير الوقت ومواكبة سرعة إيقاع الحياة اللاهث.

 

 لكن من ناحية أخرى من يفضل أن يبدأ صباحه بالجريدة اليومية المطبوعة، وفي وسط النهار ينعزل مع كتاب يستشعر معه الحميمية والتواصل، وفي النهاية يغلقه في أمان غير مهدد بانقطاع الكهرباء أو فصل شحن الموبايل.

 

تضيف "البدري": لم أصبح رسميا عضوا فاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أن اشترى مني أحد المواقع حق نشر روايتين، وهما "منتهى وليس الآن"، ولكنهما لم تنجحا أو تنتشرا، بسبب أنهم لم يكونوا قادرين على عرضهما بشكل جيد على الإنترنت.

 

لكني سوف أنضم إلى مواقع التواصل فهي ذو فائدة وعلى القارئ أو الكاتب أن يتخير ما يلائمه أو ينشر لأكبر قدر من الجمهور.

 

قيمة أدبية منقوصة

يختلف الشاعر شعبان يوسف مع الرؤى المؤيدة بتسيد الأدب علي العالم الافتراضي، مشيرا إلى أن قيمة الأدب على مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر منقوصة، لأن الأدب يستمد شرعيته من الطبع والنشر في كتاب تكتمل فيه العناصر الأسلوبية والقيم، مؤكدا أن العلاقة بين المبدع والمتلقي علاقة من نوع خاص يمثل فيها الكتاب المطبوع قاسما مشتركا لا يمكن تجاهله مهما تطورت وتنوعت وسائل النشر.