الأربعاء 22 مايو 2024

جزيرة غمام.. واقع يصنعه خيال مبدع


هاني جميعي

مقالات1-5-2022 | 18:13

مسلسل «جزيرة غمام».. تحفة فنية رائعة استمتعنا بها خلال شهر رمضان، من تأليف المبدع عبد الرحيم كمال وإخراج «الشاطر» حسين المنباوي، بأسلوب السهل الممتنع البسيط الذي لا يحتاج لجهد كبير لإيصال رسالة أو مضمون أو محتوى فني جميل عن حقبة زمنية قديمة كانت أو حديثة.


المسلسل وفقا لرواية حلقته الأولى وقعت أحداثه عام 1914 في عهد الخديو عباس الثاني، إلا أن - (الكادرات وزوايا التصوير والديكورات والإضاءة والصوت والموسيقى التصويرية والملابس) وكلها عوامل أساسية لإنجاح أي عمل فني – خلقت حالة من التعلق بالعمل منذ البداية وحتى نهايته.


الأحداث صورها العمل من خلال الصراع الأزلي بين الخير والشر والمنافسة على كسب أصوات الجميع بين الخير الذي يمثله النجم أحمد أمين في دور «عرفات» ورسالته طوال الحلقات بأن «ربك رب قلوب – والزهد في الدنيا – والبعد عن الأطماع - والرضا».. وبين الشر المتجسد في شخصية النجم طارق لطفي في دور «خلدون – أو الشيطان» من خلال محاولات مستميتة لإبعاد الناس عن الخير واستغلال ضعفهم واللعب على أوتار الخوف بنشر فضائحهم لضمان صمتهم وولائهم له.


مسلسل "جزيرة غمام" حظى بسمات العمل الفني الناجح نظرا لوجود الصورة الجمالية والإبداع في أداء الممثلين، فضلا عن استحداث حالة درامية جديدة نوعا ما خاصة في طريقة السرد إذ لا تعتمد على انتظار النهايات كالمعتاد ولكنها تكشف أولا بأول خلال الحلقات.


القائمون على المسلسل بدءا من المؤلف المبدع عبد الرحيم كمال الذي لديه مخزون كبير من المعرفة عن العادات والتقاليد وخاصة في الصعيد يحظى بخيال خصب وذاكرة حاضرة لكل تفاصيل العمل بأسلوب بسيط وسهل يصل لكل متلقي، أيضا المخرج حسين المنباوي يملك أدواته ويعرف كيف يستفيد منها جيدا كما استفاد من قبل خلال إخراجه مسلسل «الفتوة» ويعرف كيف يتعامل مع النجوم وينال منهم الأداء المرجو.


رياض الخولي كما عودنا دائما على الأداء القوي والحضور وتمكنه من اللهجة الصعيدية وكاريزما «كبير القرية»، أيضا طارق لطفي المتفوق على نفسه ومي عز الدين في دور «العايقة»، وأحمد أمين في دور «عرفات» الذي يثبت دائما أنه عند الموعد والذي خطف قلوب المشاهدين بأدائه الجميل الممتع، ومحمود البزاوي، وفتحي عبد الوهاب، وعبد العزيز مخيون، ومحمد جمعة، ووفاء عامر، وهبة عبد الغني وهاجر الشرنوبي وميار الغيطي.


أما الموسيقى التصويرية والألحان لشادي مؤنس كانت أكثر من رائعة، خلقت حالة من التناغم والترابط بين التصوير والإضاءة ودراما المشهد والمؤثرات البصرية لياسر النجار مع إفراد مساحات واسعة لآلة العود خلال العديد من المشاهد.. بالإضافة إلى التتر الذي أعاد لنا صوت علي الحجار الجميل مما ذكرنا بتترات روائع مثل (الشهد والدموع – والمال والبنون – الليل وأخره – وبوابة الحلواني).


حلقة واحدة فقط كان يجب التركيز عليها أكثر وهي المونتاج، إلا أن نجاح العوامل الأخرى أدى إلى عدم شعور المشاهد بأي نقص أو خلل في ترتيب المشاهد.


المحتوى لكل منا رأيه فيه سواء بالقبول أو الرفض أو التحفظ نظرا للأحداث التي تشير إلى الكرامات والروحانيات خاصة مع اختلاف الزمن، إلا أن العوامل الأخرى التي ذكرناها مثل التصوير والموسيقى التصويرية والملابس.. إلخ  فلا يختلف عليها اثنان.. عمل فني جميل يستحق الإشادة وكما قال صناعه (واقع يصنعه خيال).. ولكنه خيال مبدع.