النشوز مرض خطير من أخطر أمراض العصر التى تصيب الأسرة وتهددها بالانهيار، وقد انتشرت هذه الظاهرة بكثرة في عصرنا الحالي، وذلك نظرًا لجهل الكثير من الأزواج والزوجات بحقوق كل منهما على الآخر، وبعدهم عن المنهج القويم فى المعاملة والإصلاح في حالة وقوع خلاف أو غيره، وتسرعهم في اللجوء إلى المحاكم حتى كثرت حالات الطلاق والخلع.
ووفقًا للخبير القانوني والمتخصص في شئون الأسرة والمحامي بالنقض المستشار أحمد التحيوي، قد أكد أن النشوز فى القانون فهو امتناع الزوجة عن متابعة زوجها رغم تحقق شروطه وصدور قرار قضائى بذلك، ولا يتحقق هذا النشوز إلا بعد صدور قرار باعتبارها ناشزا وصاحب الصلاحية فى اصدار هذا القرار هو رئيس التنفيذ الشرعي وليس القاضي الشرعي، ويترتب على النشوز القانوني حرمان الزوجة من نفقتها فقط اما نفقة الأولاد فلا يجوز أن تحرم منها لأى سبب من الأسباب، وتزول صفة النشوز عن المرأة، وبالتالي آثاره عند رجوعها عن رأيها ومتابعتها له شريطة توافر شَرطي النشوز "قبض المهر المعجل وتوافر المسكن الشرعي".
يتحقق النشوز بخروج الزوجة عن طاعة زوجها بهجرها لمنزل الزوجية الأمر الذي معه ينتفي شرط الاحتباس الذى هو أساس النفقة وتعتبر الزوجة ناشزًا في إحدى الحالتين:
1- الفرض الأول: أن يوجه الزوج إنذار بالدخول في الطاعة لزوجته فلا تعترض عليه في المواعيد القانونية "30 يومًا من تاريخ الانذار"، فإن انقضت تلك المدة دون الاعتراض تصبح الزوجة ناشزا ويحق للزوج إقامة دعوى لإثبات هذا النشوز.
2- الفرض الثاني: وهى أن تعترض الزوجة على إنذار الدخول فى الطاعة ويقضى فيه برفض اعتراضها بحكم نهائي في هذه الحالة أيضا يحق للزوج إقامة دعوى لأثبات نشوز الزوجة.
يتم إثبات النشوز في حقيقة الأمر يتم بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر للزوجة يخطر فيه الزوج زوجته بضرورة أن تكف الزوجة عن معصية النشوز وأن تدخل فى عصمة زوجها على أن يشترط فى هذا الإنذار أن يتم توجيه للزوجة في المكان التي تقيم فيه ليتصل علمها به وأن يبين الزوج في صدر الإنذار مسكن الطاعة الذى يرغب في أن تدخل الزوجة فيه لعصمته، على أن ينتظر الزوج الميعاد القانوني للاعتراض على هذا الإنذار قبل تحريك دعوى أثبات النشوز".
وهناك عدة أمور التى إذا قامت المرأة بفعل واحدة منها أصبحت ناشزا ومن هذه الأمور:
1- خروج الزوجة من المنزل دون علم زوجها أو الخروج دون سبب واضح ودون إخباره.
2- كما تعد الزوجة ناشزًا في حالة رفض الزوج لأحد أصدقائها ولا تزال ذو صلة به أو لرفضه لأحد الأشخاص ويكون منعها زوجها إلا أنه تأبى ولا تطيعه أو تقوم بإدخال شخص في بيت زوجها دون علمه أو يكون زوجها رافضًا هذا الشخص.
3- إمتناع الزوجة عن فراش الزوجية وامتناعها عن إعطاء الزوج الحقوق الشرعية دون مبرر شرعي أي في حالتي مرضها أو العذر الشرعي.
4- تطاول الزوجة علي زوجها سواء بالألفاظ أو بتصرفات تسئ له أو بفعل أمر ينتج عنه غضب الزوج وكل فعل يوضح سوء العشرة.
5- تعتبر الزوجة ناشزًا في حالة إيذاء أهل الزوج أو التطاول عليهم بالألفاظ أو الأفعال.
الآثر المترتب على النشوز يرتب على نشوز الزوجة وقف نفقتها من اليوم التالي لتاريخ إنذار الدخول فى الطاعة، ويرتب على ذلك سقوط نفقتها، وعدم قدرتها على المطالبة بأية نفقة لها كونها قد خرجت عن طاعة زوجها.
السند القانوني لإثبات حالة النشوز: نظم المشرع المصري مسألة النشوز في المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929، التي تنص على أن: "إذا أمتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعه دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها، وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن... إلخ".
واستكمل التحيوى كلامة أما عن مسألة امتداد أثار حكم النشوز إلى ما بعد الطلاق، فإن حكم النشوز يرتبط ارتباط وثيق بالحياة الزوجية فهو يدور وجودا وعدما مع العلاقة الزوجية، فإن انقضت العلاقة الزوجية بالطلاق أو بالوفاة أنقطع آثر حكم النشوز وعليه فالزوجة الناشزا إذا ما طلقت أن تطالب بنفقة لمتعتها إذا توافرت شروطها على أن تخصم مدة نشوزها من نفقة المتعة، ويحق لها كذلك المطالبة بنفقة عدة وكافة حقوق المترتبة على الطلاق
وأضاف تختلف حالات الطلاق بمدى تأثيرها على حكم النشوز، فالطلاق الرجعي لا يقطع أثار النشوز فتظل الزوجة ناشزا فى عدتها وأن أرجعها الزوج قبل انقضاء العدة ظلت ناشزا أما الطلاق البائن فهو الذى يقطع أثار النشوز وفى هذا يمكنا الاستناد لحكم محكمة النقض الذى يقضى بالتالي:
"الطلاق الرجعي، أثره هو انتقاص عدد الطلقات التى يملكها الزوج عدم زوال حقوق الزوج علي الزوجة إلا بانقضاء العدة، أما الرجعة فماهيتها امتداد للزوجية القائمة مع عدم اشتراط الاشهاد عليها ولا رضاء الزوجة أو علمها، وإعلان الزوج زوجته للدخول في طاعته وتطليقه لها ثم مراجعتها قبل العدة، أما عدم امتثالها للإنذار أثره هو اعتبارها ناشزا دون حاجة لتوجيه إنذار أخر"، وذلك طبقا للطعن رقم 326 لسنة 63 ق جلسة 30 مارس 1998.
يحق للزوجة إنهاء حالة النشوز بدخولها لطاعة زوجها وتمكين زوجها منها علي أن يشترط لأثبات كف الزوجة عن معصية النشوز أن يصاحب هذا الكف أية مظاهر مادية، وذلك للأثبات كأن تقوم الزوجة بتسليم نفسها على يد محضر للزوج لتثبت أنها ترغب في الكف عن النشوز ورغبتها في الدخول الي طاعته أو أن تقيم دعوى لأثبات اقلاعها عن معصية النشوز.
"ويتعين علي الزوجة التي اقعلت عن معصية النشوز أن تقيم ضد الزوج الدعوي بطلب الحكم بأثبات أقلاعها عن النشوز وعودتها إلى طاعة الزوج، التي لها أثباتها بالبينة الشرعية وكافة طرق الإثبات، أن الحكم بالنشوز إنما يكون بطبيعته حكما مؤقتا مرهون بإقلاع الزوجة عن معصية النشوز والعودة إلى طاعة الزوج وهذه العودة يمكن أن تتم بطريقة أو أخرى كثر منها في العمل قيام الزوجة بتوجيه إنذار إلى الزوج على يد محضر ومصاحبة المحضر إلى منزل الزوجية عارضه نفسها عليه، بحيث أنه إذا أمتنع عن قبولها في مسكن الزوجية أثبت المحضر ذلك في إجابته على الإنذار الموجه إلى الزوج".
الأسباب التى يمكن للزوجة الاحتجاج بها على طلب الدخول في الطاعة في هذا الصدد يجب أولا أن نتحدث عن شروط صحة المسكن الذي يطالب الزوج زوجته للدخول فيه لطاعته فيشترط أن يكون بين جيران صالحين تأمن فيه الزوجة على نفسها ومالها، وأن يكون متناسب مع حالة الزوجة الاجتماعية وأن لا يقل عن منزل الزوجية إذا كان منزل الطاعة غير منزل الزوجية، فإن انتفت تلك الشروط عن المسكن الذي يطالب الزوج زوجته للدخول في طاعته فيه فيحق لها أن تعترض علي هذا المسكن وعلى المحكمة متى تأكدت من صحة أسباب الاعتراض على الدخول في الطاعة أن تقضي بعدم الاعتداد بإنذار الدخول في الطاعة
وكشف التحيوى أنه يحق للزوج أن يوجه إنذار الطاعة متضمنا منزل للطاعة غير مسكن الزوجية إذا ما كانت هناك أسباب تبرر ذلك كأن ينتقل الزوج للعمل في مدينة أو محافظة غير التي كان يقيما فيها وعلى الزوجة أن تتبع زوجها أينما سار وأينما حل، "الأصل أن للزوج شرعا أن يقوم بتغير مسكن الزوجية كلما رأي ذلك وطبقا لمقتضيات حياته المعيشية والأصل أيضا أن تتبعه الزوجة في ذلك".
إجراءات رفع دعوى النشوز حددها المشتسار أحمد التحيوي في عدة خطوات
الخطوة الأولى: تتمثل فى اللجوء لمحاكم الأحوال الشخصية وتعبئة نموذج صحيفة الدعوى، ويمكن الحصول عليه عن طريق قسم صحائف الدعاوى في المحكمة.
الخطوة الثانية: أخذ موعد عن طريق قسم الإحالات والمواعيد بالمحكمة.
الخطوة الثالثة: الحضور فى الموعد المحدد وتقديم الدعوى مكتوبة أو مشافهة، ويقوم القاضى بضبط حضور الزوج أو وكيله وحضور الزوجة المدعية ويذكر المعرف بها أو وكيلها.
الخطوة الرابعة: تسمع دعوى الزوج على زوجته بالنشوز ومطالبته إياها بلزوم بيت الزوجية.
الخطوة الخامسة: إذا ثبت أن نشوز الزوجة لا مبرر له حكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية، وأنها إذا لم ترجع فتعد ناشزاً ساقطة الحقوق ولا تجبر على الرجوع بالقوة عملاً بالتعميم رقم 8/ت/105، وتطبيقاً لمنصوص المادة الخامسة والسبعين من نظام التنفيذ.
الخطو السادسة: إذا ذكرت الزوجة أسباباً لنشوزها فيسأل الزوج عنها، فإن أنكرها أو أمكن معالجتها فرفضت الزوجة الرجوع أو عجزت الزوجة عن إثباتها، فيتم العمل بقرار هيئة كبار العلماء السالف ذكره.
الخطوة السابعة: لمن لم يقتنع بالحكم من الطرفين حق طلب رفعه لمحكمة الاستئناف لتدقيقه وفق التعليمات.
وعن عقوبة الناشزيحدثنا احمد كما شرعها القانون هي إيقاف النفقة الزوجية التى تحصل عليها من تاريخ الحكم بالنشوز، وقد تم النص علي ذلك في المادة 11 من القانون 25 لسنة 1929 والتى تقضي: " إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع وتعتبر ممتنعة دون وجه حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها وعليه أن يوضح في الإعلان المسكن".
وللزوجة الحق في إنها حالة النشوز بدخولها في طاعته وتمكين زوجها منها علي أنه يشترط لإثبات كف الزوجة عن معصية النشوز ولابد أن يصاحب هذا الكف ما يدل علي ذلك وتقوم بتسليم نفسها علي يد محضر لتثبت أنها كفت عن النشوز وترغب في الدخول في طاعته.
وفي حالة نشوز الزوجة يلجأ الزوج لفكرة بيت الطاعة، والتي تم تطبيقها في القانون المصري عام 1929، وفقاً للمادة رقم 25، وأكد على ذلك القانون رقم 100 لسنة 1985، بمنح الرجل حق توجيه إنذار الطاعة لزوجته بعد حدوث خلاف بينهما وخروجها من البيت بغير رضاه، ويعد هذا الإنذار هو دعوة من الزوج لزوجته للعودة إلى مسكن الزوجية، على أن يوفر بيتً ملائما لها، فيه وسائل الحياة التي تتناسب مع الظروف المعيشية لزوجته، وتطلق عليه العامة "بيت الطاعة" وفي حالة توطئة انذار الطاعة الزوجة فهي أمام خيارين إما العودة إلي مسكن الزوجية أو لمسكن آخر يوفره الزوج، أو أن تعترض على الإنذار خلال 30 يوماً بدعوى تسمى "الاعتراض على إنذار الطاعة".
يؤخذ بالاعتراض إذا كان المسكن وهميًا، أي أن "الشقة غير موجودة على أرض الواقع"، أو إذا كان الزوج لا ينفق عليها أو لا يحسن معاشرتها ويقوم بسبها أو ضربها، فلا بد من وجود سبب قوي للاعتراض، حيث تحقق المحكمة في الأمر، وتستمع لشهود الزوجين، وفي النهاية تصدر حكمها إما بقبول الاعتراض، أو رفضه واعتبار الزوجة ناشزًا وفي هذه الحالة، فليس من حقها الحصول على الحقوق والنفقات التي تحصل عليها خلال الزواج وبعد الطلاق كما ذكرنا.