الخميس 21 نوفمبر 2024

مقالات

ياريت نُدرك قيمة النّعم قبل زوالها

  • 11-5-2022 | 21:45
طباعة

في حقيقة الأمر نرى أن مُعظم البشر لا يشعرون بقيمة الأشياء إلا بعد زوالها وكأنها طبيعة بشرية راسخه منذ القدم، وفكرة اعتيادنا جميعًا على النعم تُفقدنا الشعور بقيمتها وأهميتها وكيفية دفع ضريبتها وصيانتها. 

والمقصود بضريبتها هنا هو تقديم الامتنان والحمد والشكر لله عز وجل على هذه النعم وأما فيما يخص صيانتها فمقصود به الحفاظ عليها واستخدامها في كل ما يرضى الله ويفيد وينفع البشرية حتى نضمن بقائها وعدم زوالها.

وفي الحقيقة لو حاولنا إحصاء نعم الله عز وجل علينا جميعا فسوف نحتاج إلى الكثير من الوقت لكي نستطيع سردها لان نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى ويجب أن نُذكر أنفسنا بها دائما ونحمد الله على وجودها ونتعلم كيفية صيانتها والحفاظ عليها حتى نضمن بقائها واعتقد أننا جميعا ادركنا الكثير منها عندما أصيب العالم بهذا الوباء اللعين والمسمى كورونا مجرد فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة سبب لنا رعبا وهلعا ولكنه جعلنا نُدرك قيمة النعم الكثيرة التي اعتدنا وجودها ولم نقدرها حق قدرها، أدركنا نعمة الحواس كالشم والتذوق وأدركنا قيمة أن نتنفس بحرية بدون اسطوانة أكسجين أدركنا نعمة التواصل مع أصدقائنا وجيراننا وأحبائنا شعرنا بقيمة الونس والصحبة حتى قيمة أبسط الأشياء والمواقف كالسلام بالأيدي أو عناق من نحب دون رعب أو خوف أن نصيبه أو يصيبنا بمكروه وأدركنا أيضًا قيمة شعورنا بالأمان والطمأنينة.

لذلك أعزائي وجب علينا دائمًا أن نحافظ على نعم الله عز وجل وندرك قيمتها حتى نضمن بقائها كما ذكرنا سابقًا، فكم رأيت بعيني أشخاص أهانو نعم الله التي أعطاهم إياها فمثلا نرى من يتعمدوا الإضرار بصحتهم عن طريق الإفراط في التدخين أو تناول الكحوليات وغيرها مما تتسبب في انهيار صحتهم تمامًا وأناس آخرون لم يدركوا نعمة وجود أصدقاء مخلصون وأوفياء في حياتهم وتعمدوا الاستهتار بهم وعدم إعطائهم قدرهم حتى أجبروهم على الرحيل وإفساح المجال لغيرهم من الأصدقاء السيئين أصحاب المصالح والمستغلين ولم يدركوا مقدار الخسارة للأسف إلا بعد أن تعرضوا للعديد من الصدمات ممن أعطوهم قدر ومكانة كبيرة لا يستحقونها.

وكذلك من استهتروا بحبٍ صادقٍ من زوج أو زوجة وتعمدوا إهمالهم حتى أجبروهم على الرحيل وللأسف استبدلوهم  بآخرين من أصحاب الحب المزيف والمتلاعبين بالمشاعر والمنتفعين، وكم رأيت الندم الشديد في عيون هؤلاء، ولكن للأسف بعد فوات الأوان، وعندما تحدثت معهم لماذا فعلتم كل هذه الحماقات بهؤلاء رغم حبكم الشديد لهم وندمكم الحالي عليهم ذكروا أنهم لم يشعروا بقيمتهم إلا بعد مغادرتهم حياتهم وبعد التعرف على الأشخاص المزيفين فأدركوا حينها فقط حجم الجرم الذي ارتكبوه في حق أنفسهم قبل حق الآخرين، لانهم كانوا يملكون أشخاص قلوبهم من ذهب وتركوهم وذهبوا لآخرين قلوبهم من معدن رخيص لامع ومبهر من الخارج ولكنه رديئ وفارغ من الداخل فالبريق المزيف على قدر قوة إبهاره في البداية على قدر أنه يتم اكتشاف رخصه سريعًا جدًا مع أول أزمه حقيقيه.

لذا أعزائي عليكم أن تدركوا قيمة النعم التي منحها الله لكم وتحافظوا عليها جيدًا وتقدموا الشكر لله عز وجل على عطاياه التي لا تعد ولا تحصى، وعليكم إدراك أن من يملك الصحة ملك الكون بأكمله، ومن ملك أشخاص أنقياء يحبونه بصدق فقد ملك السعادة الأبدية، ومن ملك نعمة الأمن والأمان وملك قوت يومه فهو ملك على عرشه، ونصيحتي لكم لا تنظروا لمن هو أكثر منكم مالًا أو صحة أو شهرة، بل انظروا إلى من هو أقل منكم، انظروا لمن لا يستطيع أن يتنفس بشكل طبيعي، لمن لا يجد قوت يومه، لمن يعيش وحيدًا ولا يجد من يستأنس به، لمن فقد الأمان في بلده أو بيته، فإذا نظرتم لهؤلاء سوف تدركون قيمة ما تملكون جيدًا.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة