الجمعة 26 ابريل 2024

الرصاص يغتال الكلمة.. وداعًا شيرين أبو عاقلة

مقالات12-5-2022 | 17:25

"فقط اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلا ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم".

تلك الكلمات كانت السلاح الذي تملكه أيقونة الصحافة شيرين أبو عاقلة الصحفية الفلسطينية، شهيدة الكلمة، قتلوها بدم بارد برصاص قناص، ظنا منهم أنهم قتلوا الحقيقة، قتلوا من يفضح جرائم المحتل، لم تكن "أبو عاقلة" صحفية تنقل جرائم عصابة الاحتلال في بلادنا العربية المحتلة فقط، لكنها كانت جزء من أدوات توثيق جرائم المحتل على مدار فترة عملها الصحفي.

حملت "أبو عاقلة" قضية فلسطين على سن قلمها، وجعلت من الكلمات طلقات رصاص، تخترق كذب وتزيف عصابة الاحتلال للحقيقة، وتكشف جرائم قتل الأطفال، خلال الانتفاضة الفلسطينية، لقد نحتت صور الشارع الفلسطيني في عقل وقلب كل مواطن عربي، لا يمكن نسيانها عبر تقاريرها المتلفزة.

رحلت أيقونة الصحافة العربية، وتركت تاريخ من العزة والكرامة لنا جميعا، لكن رحيلها أيضا عار على الضمير الإنساني، عار على ذلك العالم الحر الذي يساند عصابات الاحتلال منتهكا حقوق الشعب الفلسطيني فهو معصوب العينين حينما تصيب رصاصة القناص المواطن والطفل العربي، وحينما تكون الجريمة في واضح النهار يكتفي العالم الحر ببيانات الشجب والإدانة، نعم إنها فلسطين العربية، ليست جزء من ذلك العالم الحر، لا تملك العيون الزرقاء والبشرة البيضاء كي يتحرك العالم الحر لأجلها ويفتح الأبواب الموصد لاستقبال أبنائها.

تظل فلسطين في قلب وعقل كل عربي حر ما تزال تجري في عروقه دماء، لن يتمكن كائن من كان أن يمحو الهوية الفلسطينية العربية من على خريطة العالم، نعم الصراع مرير يدفعه ثمنه أبناء فلسطين من دماء الشهداء نساء وأطفال ورجال مدافعين عن مدينة الصلاة مهد المسيح عليه السلام ومسري الرسول- صلي الله علية وسلم- وأولي القبلتين.

كانت "أبو عاقلة" ترتدي حله الصحافة، ولم تكن تحمل سلاحا سوي كلماتها التي كانت أقوي من رصاص القناص، فقد ارتقت وأصبحت شهيدة وتركت تاريخ يوثق جرائم الاحتلال التي يشارك العالم فيها بصمته.

قد يظن البعض أن العروبة ماتت ولكن بعض الظن إثم، لا أحد يمكنه الخروج من هويته بين ليله وضحاها، العقود في عمر الشعوب قصيرة، سوف يأتي يوما ويخرج من بين أبناء الوطن من يحرر فلسطين.

 أيها القابع في أرضي ووطني لن تظل هناك طويلا فالجسد لا يقبل غريب يحتمي بالبندقية، نعم تحمل السلاح لكنك خائف فأنت تعلم أنك سارق قاتل مغتصب، مرتكب لجرائم الحرب لم ننسي جريمتك في بحر البقر ودير ياسين.

أما أنتم أيها العرب علموا أبنائكم حب الوطن احفروا تضاريس الوطن في القلوب والعقول، فلنحفظ التاريخ والقصيدة.. اسمح لي أيها العربي القابض علي حب الوطن أن أذكرك وأذكر نفسي بتلك الأبيات لـ "نزار قباني" في قصيدة "منشورات فدائية على جدران إسرائيل":

 

لن تجعلوا من شعبنا

شعبَ هنودٍ حُمرْ..

فنحنُ باقونَ هنا..

في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها

إسوارةً من زهرْ

فهذهِ بلادُنا..

فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمر

فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعر

مضت "أبو عاقلة" وقد وهبت الوطن عمرها، رحلت محمولة علي قلب كل إنسان يعرف معني للضمير، وداعا سيدتي فرحيلك بقدر ما هو موجع بقدر ما يسطر التاريخ، ويوثق عار الصامتين، وداعا للصورة والصوت الذي يؤلم ضمير الإنسانية الصامت، لن ننسي كلماتك لن ننسي قضيتنا، لن ننسي أبد أن رصاص القناص يغتال الكلمة.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa