هل شعرت بأن سوزان مبارك ظُلمت؟
- طبعاً تعرضت للظلم، وحكم التاريخ سيقول ذلك.
شجاعة الدكتور إسماعيل سراج الدين فى هذه الإجابة عن هذا السؤال المحرج سياسيا والذى يتهرب منه الكثيرون ترفع له القبعة ، ليس انحيازا إلى سوزان مبارك لا سمح الله، ليس هذا بيت القصيد ، وكل نفس بما كسبت رهينة ، لها وعليها والحكم للتاريخ .. كما يقول سراح الدين ، ولكن انحياز لشجاعة مثقف فى إبداء رأيه ، لايخشى فى حق اعتقده لومة لائم .
أعلم أن هذه الإجابة من سراج الدين فى "المصرى اليوم" بهذا الوضوح :" أننى لم أر من سوزان مبارك إلا كل خير" ، ستكلفه غاليا ، مستعد هو لدفع الثمن ، سينهش لحمه ثعالب الفيس بوك العقورة ، وسينشب الأظافر فى رقبته جماعة التكفير الوطنى ، وسيحسبه الثوريون على عصر مضى ، فلولا .. امسك فلول.
مستشار رئيس الوزراء الثقافى يذكر سوزان مبارك بخير ، عجبا لقد قال فى سوزان مبارك قولا طيبا ، لله در المنصفين ، كم منا فى شجاعة سراج الدين ومستعد يدفع الثمن ،فى مواجهة موجة عاتية من التكفير والتخوين والإرهاب الفكرى ، حتى لو دفع الثمن ، قال سراج الدين ما يصمت عنه الكثيرون ، ويتجنبه الكثيرون ، ويزايد بعكسه الكثيرون ، زلفى إلى عصر جديد قام على أنقاض عصر ولى ، ولن يعود .
يااااااه ، تمر بنا الأحكام على البشر ظالمة ، قاسية ، تساق البشر فرادى وجماعات إلى المذبح مشفوعة بالتبريكات والتكبيرات والتهليلات ، تسير الحملات عقورة تنهش جسد الأبرياء تدمى النفوس ، تصحبها التويتات والتدوينات والتغريدات ، مرحى مرحى ، هل امتلأت ، تقول هل من مزيد ، عطشى للدماء ، تسيل أنهارا ، تغرقنا فى شلالات اليأس والقنوط ، حملات تخوينية وتكفيرية عاتية ، ظالمة مرجفة مجرمة ، وعتاة المثقفين ، وأرباب القلم ، ورهبان التسامح ، والوطن يسع الجميع ، جميعا طناش ، عاملين من بنها ، واحنا مالنا ، خلينا فى حالنا ، للأسف مثل الشيطان الأخرس صامت عن الحق .. والحق أحق أن يتبع .
القضية ليست تحية ولا جيهان ولا سوزان ولا أم أحمد ، جميعا جنب وخلف الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك ومرسى ، منهم ( من الرؤساء من قضى نحبه ومنهم من ينتظر حكم القضاء ) ، أخطأن السيدات الأول وأصبن ، وخير الخطائين التوابون ، ولكن الإنصاف قبل الظلم ، والظلم رهين الإنصاف ، واذا دعتك قدرتك على ظلم الناس ، من ذا الذى ينصف من الإنصاف ولو كان السيف مسلطا على الرقاب ، من ذا الذى يعدل من العدل ، والعدالة عمياء لاترى ، والحبيب صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " .
وجوه محترمة تم تخوينها ، وشخوص مؤمنة تم تكفيرها ، وقامات تم تقزيمها ، وأقزام تم ترفيعها، فوق الأكتاف المحنية من الظلم والإجحاف ، عجبا القاتل صار شهيدا ، والشهيد صار سفاحا ، والوطنى صار خائنا ، والثائر صار عميلا ، والثورة قلبت مؤامرة ، والوطن صار جماعة ، والجماعة وطنا بديلا ، والجاسوس صار رئيسا ، والبراءة صارت اتهاما ، والإعدام صار انتقاما ، قلبت الآية فوق رءوسنا ونحن عنها غافلون ، مخاتلون، ممالئون، مطنشون ، أكلنا يوم أكل الثور الأبيض. يوم لك انتقاما ويوم عليك ، يوم جفلنا عن قول الحق لانخشى فى قول الحق لومة لائم ، والله هو الحق ، وهو العدل ، وهو الرحمن الرحيم .
من يترضى الظلم شاهدا عليه ، ظالم لنفس ، يظلم نفسه ، لا عاصم اليوم من ظلم الناس ، الظالمون عطشى للدماء يجوبون الطرقات بحثا عن ضحايا جدد ، المشرحة مش ناقصة قتلى ، معلوم بحر الأذى واسع ، والأذية طبع، حتى الغراب يهبط من السماء يسرق الصابون ليس من قبيل النظافة ، ولكن من الأذية ، والاتهامات السوداء كالرايات السوداء فى عرض البحر ، ترفرف فى الغريق ، البحر غريق ، والبوم الأسود من فوق الشجر تحلق فوق رءوس العباد ، والبلاغات الكيدية تصب فى مكتب النائب العام جزافية ، تترى ظالمة صاخبة ، بعضى يمزق بعض.
سيادتك متهم حتى يثبت العكس ، أنت متهم ياهذا ، والاتهام صار حقيقة مؤكدة . صرت قاتلا وما أنت بقاتل ، وفاسدا وما أنت بفاسد ، وفلولا وما أنت بفل ، وإخوانا وما أنت بإخوان ، وعميلا وما أنت بعميل ، ولكل اتهام جاهز فى المعامل المركزية لتحضير الاتهامات الجزافية .
شجاعة سراج الدين ليست زلفى للسيدة (سوزان مبارك ) ، السيدة صارت خارج التاريخ ، عنواناً لعصر مضى ، لا تملك نفعا و لا ضرا ، يقول سراج الدين كلمته و يمضى ، يعول على كلمة التاريخ ، سيقول التاريخ فينا ما نخجل أن يقرأه أحفادنا ، سنتمنى ( كل منا ) لو كنت نسيا منسيا إلا من استمسك بالعروة الوثقى و قال قولا سديدا ، و لم يجبن و كان شجاعا ، فى زمن غارت مياه الشجاعة فى غيابات بئر الجبن و التخوين و التكفير .. لله در المنصفين .
كتب : حمدى رزق