الأربعاء 15 مايو 2024

عفاف عبد المعطي: الاهتمام بالمرأة في مصر بدأ منذ عقدين

14-7-2017 | 10:47

 

كتب: أحمد فيصل

بدأت إصدرات الدكتورة عفاف عبد المعطي منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وظهر كتابها الأول "فتحي غانم قاصا " الذى كان رسالتها للماجستير وقد أحدث الكتاب عند صدوره ضجة كبرى؛ لأنه تناول القصص القصيرة للكاتب الكبير فتحى غانم، الذى عُرفَ بدأبه واستمراره فى الكتابة الروائية التى تكشف خبايا عالم الصحافة.

تم اتجهت الدكتورة عفاف عبد المعطي إلى المشرق، فكان ثاني كتبها عن إبداعات المرأة فى كتابها " المرأة العربية رؤى سوسيولوجية، وقدمت فيه تحليلا لنصوص كاتبات عربيات لم يكن أحد يعرفهن من قبل مثل الفلسطينية نعمة خالد، ثم اتجهت إلى المغرب، فصدر عن دار المعارف فى تونس كتابها " حاضر الرواية فى المغرب العربي " الذي استقبلته دول شمال إفريقيا بالكثير من الحفاوة لتحليلها فيه الروايات أدباء من الجزائر، وتونس، والمغرب، مما أهلها للمشاركة فى احتفالات الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وتقديرا لجهدها منحها الرئيس بوتفليقة وسام المكتبة الوطنية الجزائرية الذى يمنح للشخصيات رفيعة المستوى التي تهتم بالأدب الجزائرى.

تخصصت الدكتورة عفاف عبد المعطي فى مرحلة الدكتوراه في الأدب المقارن، وقدمت دراستها المهمة "واقعية القاع فى الرواية المصرية والأمريكية " التي كانت مسار حديث الأوساط الأدبية، نظرا لحداثة المصطلح الذي استخدمته، وكذلك لتعريف العالم العربي بكاتبين أمريكيين لم يكن قد عرفهما من قبل هما " بول أوستر " و"ريتشارد فورد " اللذين توالت الترجمات لنصوصهما الأدبية بعد تقديم رسالة الدكتور عفاف عبد المعطي "واقعية القاع " Dirty Realism وتحليلها لنصوصهما فى دراسة كانت مسار حديث الصحف والمجلات السيارة آنذاك.

لم تقتصر كتب الدكتورة عفاف عبد المعطى على التأليف فحسب، بل ترجمت رواية " موسيقى الصدفة " للكاتب بول أوستر، وكذلك ترجمة كتاب المفكر والفيلسوف الكبير شيلي واليا عن المفكر الفلسطيني العالمى إدوارد سعيد، فصدرت ترجمتها لكتاب "إدوارد سعيد وتدوين التاريخ "  ثم مع انتشار عصر الصورة ترجمت كتاب " أبعاد الصورة " للكاتبة الأشهر سوزان سونتاج ثم راجعت الكثير من الكتب المترجمة، منها ما يؤصل للدراسات اللاهوتية مثل كتاب "قارة الرب للكاتب الإنجليزى فيليب جنكينز الذى يهاجم فيه بشدة انتشار الإسلام فى أوربا ويحذر منه، ثم راجعت كتاب " أمريكا والعالم الإسلامي سنوات من الحروب البربرية للكاتب روبرت إليسون والذي يؤكد على الصراع حين والتحالف أحيان بين الإمبراطورية الأمريكية وبين الجماعات التكفيرية"، ثم راجعت كتاب "تشرشل واليهود " الذى يعد جزءاً من مذكرات تشرشل الذي يعترف فيها بدوره الأساسي في ترسيخ وجود الدولة العبرية . ثم صدر  كتابها " المرأة والسلطة فى مصر " عن مؤسسة دار الهلال ففتح لها مجالا آخر فى الربط بين السياسة والأدب لكون السياسة هي التي تسير أي شيء في المجتمع . وشاركت الدكتورة عفاف عبد المعطي في الكثير من المحافل الدولية والعربية الأكاديمية والثقافية ونالت الكثير من شهادات التقدير خارج مصر أكثر من داخلها. 

الهلال اليوم، كان لها هذا الحوار مع الدكتورة عفاف عبد المعطي:

 

كيف ترين الحركة النقدية الآن ؟ ولماذا انتقل أغلب النقاد من نقد الشعر والقصة إلى نقد الرواية؟

الحركة النقدية فى المجتمع مرتبطة بحركة المجتمع ذاته، ولا تنس كلمات صلاح جاهين الجميلة “الكلمة إيد، الكلمة رجل، الكلمة باب”، لذلك فالكلمة النقدية مهمة وأمانة والنقاد المصريون لأجيال متعددة لايزال عطاؤهم كبيرا منذ الجيل الأول الذي ورث لويس عوض وغالي شكري ومحمد مندور، مرورا بجيل الوسط الذي يمثله نقادا كبار أمثال الدكتور محمد بدوي والدكتور حسين حمودة، وكذلك من أبناء جيلي من النقاد الذين يتابعون الكتابات السردية لأكثر من عقدين أمثال الناقدين الكبيرين الدكتور سمير مندي والدكتور محمد الشحات، أمّا عن الاتجاه لنقد الرواية ذلك لأن الرواية هي النوع الأكثر انتشارا وكتابةً،  فمنذ ظهور مصطلح الرواية الجديدة فى فرنسا على يد آلان روب جرييه وميشال بوتور، ومن ثم تأثر جيل الستينيات فى مصر بها والرواية هى سيدة الموقف ونوع أدبي فائض استحق برسوخه وفضائه كل الاهتمام النقدي . 

 

كيف ترين الأدب النسوي فى فترة ما بعد ثورة 25 يناير؟

 حقيقة أنا مهتمة بموضوع المرأة منذ صدور كتابي " المرأة والسلطة في مصر"، عن كتاب الهلال بمؤسسة دار الهلال العريقة، فمصطلح الأدب النسائي أو النسوي بالرغم من كثرة الترجمات وتنوعها عنه إلّا أنني سوف اعتبر سؤالك عن كتابات المرأة التي ازدهرت كثيرا بعد 25 يناير، لكنها تظل بلا علاقة بالحدث نفسه، ومما قرأت رواية الكاتبة الكبيرة عزة رشاد "شجرة البلخ "، وكذلك مجموعتها القصصية الرائعة "حائط غاندي " التي تسلّط الضوء على تنوع واقع المراة ما بين السقوط الاجتماعي والكفاح وتتناول في الوقت نفسه جزءا من حدث ثورة 25 يناير، وإن كانت هناك روايات أخرى تنظر إلى داخل المرأة أكثر من تفاعلها مع المجتمع مثل رواية " قبل الموت " للكاتبة نورا أمين ، وكذلك رواية " ترانيم أنثى " للكاتبة أماني الشرقاوي، وكذلك رواية " أهداني حبا " للكاتبة زينب عفيفى . فقد انصبت كتابات المرأة على الذاتية أكثر من الموضوعية بمعنى رؤيتها الشاملة للمجتمع. 

 

كيف ترين مكانة المرأة حاليا فى المجتمع المصري؟ هل بلغ مستوى تمكين المرأة مستوى مقبولا؟ 

الاهتمام بالمرأة في المجتمع المصري من أجل الإنصاف ليس وليد اليوم؛ بل هو منذ عقدين تقريبا، وبالتحديد منذ ظهور واعتماد وجود المجلس القومي للمرأة، فتلك كانت أول بادرة تمكين منذ عقدين بالتمام، غير أن الأهم من وجود المؤسسة أو حتى وجود المرأة نفسها في موقع أو مكان هو مدى فاعلية هذا الوجود ومدى تفاعل هذا الوجود مع المجتمع واستفادة المجتمع منه خاصة، وأنت تعلم أن نسبة الأميّة فى المجتمع مرتفعة خاصة بين الإناث ومن ثم يجب ان يكون للمرأة تأثير كبير في أي موقع تتواجد به.

 

ما تقييمك لكتاب "تشرشل واليهود" للكاتب مارتن جلبرت الذى راجعتي ترجمته ؟ 

تحمست لمراجعة الكتاب بعد أن قام المترجم المجتهد أحمد فتحي بترجمته، أولا لأهمية الترجمة، وثانيا لأهمية الكتاب أيضا، حيث ارتبطت حياة تشرشل بكل ما يخص اليهود منذ أن انتخبوه للوصول إلى البرلمان البريطاني فى عشرينيات القرن المنصرم مما أهله لأن يكون مسئولا عن تقرير الحالة المستقبلية لترسيخ وجود ما أسماه بنفسه الوطن اليهودي القومي بفلسطين وكقائد للحرب العالمية الثانية وقف ضد نازية هتلر صاحب المحرقة الشهيرة لليهود وضع اللبنة الأولى لدولة إسرائيل ضد العالم العربي ككل فبدأ دوره من قبل مأساة حرب فلسطين ونهايتها المؤسفة فى 1948 . 

 

كمترجمة ومراجعة ما مشكلات الترجمة فى مصر والعالم العربي؟ 

أكبر مشكلة هى مصداقية المؤسسة المتخصصة فى الترجمة مع الناشر الأجنبي، أولا معروف أن هناك قرصنة لكتب كثيرة مترجمة فى العالم العربي حدثت دون استئذان الناشر الأصلي للكتاب، فضلا عن الأهواء الشخصية التي تحكم الاختيار للكتاب المترجم، بالإضافة إلى العشوائية فى الاختيار، هذا فيما يخص المؤسسات الحكومية والنشر الخاص،  كذلك هناك مؤسسات لم تستمر طويلا ووئدت من قبل أن تبدأ نتيجة لسوء التخطيط ففقدت الاستمرارية مثل مؤسسة محمد بن راشد للترجمة بدولة الإمارات التي عقد عليها المترجمين آمالا كبيرة ومن ثم فؤجئ المترجمون ودور النشر باعتذارها عن الاستمرار فى الترجمة خاصة أنها قد وعدت بعض دور النشر وارتبطت معهم بالموافقة على اعتماد نشر كتب مهمة لكنه لم تكمل المشوار . 

 

ما جديد مشروعك النقدي؟

منذ أن ترجمت كتاب "إدوارد سعيد وتدوين التاريخ " وأنا مهتمة جدا بطرح فكرة الاستشراق -فضلا عن كتابه الذى يحمل عنوان الاستشراق وقد ظهر بترجمة للدكتور كمال أبو ديب وأخرى للدكتور محمد عناني- التي لم تتم مناقشتها فى كتب نقدية حتى الآن لأن الاستشراق –حسب إدوارد سعيد – ليس فى الأدب أو النقد فقط لكن الاستشراق والعولمة على النطاق السياسيى والاجتماعي هما أكثر ما يعاني منه الواقع العربي لذلك ساولى اهتماما كبيرا بفكرة الرؤية الاستشراقية وعلاقتها بالواقع الاجتماعي العربي .