الأحد 30 يونيو 2024

سيرة الأبطال بطل يودع بطل

14-7-2017 | 19:06

بقلم – طه فرغلى

مواكب الشهداء فى بلدى لا تنقطع، شهيد وراء شهيد، وبطل يودع بطلا، فى السماء أحياء عند ربهم، ينتظرون أحبابهم، بواسل أسود فى وجه العدو، لا يهابون الموت، يفتحون صدورهم له بكل ترحاب، عقيدتهم «الله والأرض»، نشيدهم «رسمنا على القلب وجه الوطن».

الوطن محفور فى قلوبهم، يحفظون رماله وترابه، يسهرون على حدوده، يطلبون الشهادة فى كل وقت وحين، وصيتهم فى جيب سترتهم العسكرية.

النصر أو الشهادة ليس مجرد شعار بل أسلوب حياة، يقسمون صباح مساء وضحية وعشية يرددون «محافظًا على سلاحى لا أتركه قط حتى أذوق الموت، والله على ما أقول شهيد»، قابضون على السلاح شرقا وغربا وشمالا وجنوبا متأهبون فى كل وقت وحين.

كتاب الشهداء حروفه من نور،سجلهم فى عليين «فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم إلا خوف عليهم ولا هم يحزنون».

يرحل الشهيد عريسا إلى السماء وتبقى لنا سيرته العطرة تقدم لنا النموذج فى التضحية والفداء، ولا أعرف لماذا لا تقرر وزارة التربية والتعليم ضمن مناهجها منهجا عنوانه»سيرة الشهداء»، يستلهم منهم الطلاب روح الانتماء وحب الوطن بشكل عملى بعيدا عن التنظير والكلمات الفارغة.

مطلوب منا أن نعيش سيرة الشهداء فى كل وقت وحين، نستلهم سيرتهم لتبقى جيلا بعد جيل.

الأبطال يخوضون معركة فاصلة فى تاريخ مصر معركة عنوانها «وطن أولا وطن» أمام عدو غادر جبان لا ملامح واضحة له مدعوم من قوى عديدة، ليس مجرد جيش عدوان، ولكنه أخطر.

وفى المعركة يقدمون أرواحهم ودماءهم فداء الوطن لا ينتظرون جزاء ولا شكورا، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر الشهادة على أحر من الجمر، هؤلاء الأبطال المغاوير يجب أن تبقى سيرتهم طازجة تتناقلها الألسنة ويرويها الرواة جيلا بعد جيل، تخلد سيرتهم، لا أن نتحدث عنهم وقت استشهادهم ثم يطويهم النسيان كما طوت أجسادهم الأرض لأن آفة حارتنا النسيان.

قائد الشهداء العقيد، أحمد منسى ورفاقه الأبطال ليسوا أول درس فى كتاب النور ولن يكونوا آخر درس، سلسال الأبطال متواصل، بطل يسلم الراية لبطل وأبدا لن تسقط الراية.

ولن ننسى شهداءنا الذين سقطوا فى أنحاء مصر شرقا وغربا وهم يدافعون عن الأرض ببسالة منذ ثورة ٣٠ يونيو المجيدة، سنظل نتذكر سيرتهم العطرة.

القائد البطل

وكيف ننسى سيرة الشهيد العميد سيد فوزى مصيلحى، قائد اللواء ١٢ مشاة ميكانيكى، الذى استشهد فى تفجير الكتيبة ١٠١ بالعريش ٢٠١٥، وهو الذى كان يقود العمليات بنفسه ويتقدم الصفوف قبل جنوده، ولا يناديهم إلا «يا رجالة»

الشحات الفدائى

وهل يجوز لنا أن ننسى المجند الشهيد، الشحات شتا ابن محافظة الدقهلية الذى استشهد بعد الهجوم الإرهابى الغادر على المقرات العسكرية بسيناء فى ٢٠١٥ بعد أن قام بعمل بطولى فريد عندما أقدم أحد العناصر الإجرامية وهو يرتدى حزاما ناسفا على الاندساس وسط الجنود لتفجير نفسه، فما كان من الشهيد (شتا) إلا أن قام بحمله والذهاب به إلى مكان خال من الكتيبة لينفجرا بعد ذلك معًا، أى فداء وأى تضحية بعد ذلك.

الدفعة ١١٠ حربية

«سلاما على أبناء العشرين ربيعا ورحم الله شهداء القوات المسلحة، بكل الفخر والإعزاز لا يزيدنا البلاء إلا قوة وغروا بأنفسنا التى نحن عليها دون ادعاء» هذا ما كتبه البطل الملازم، حسن محمد خريج الدفعة ١١٠ حربية، وفور تخرجه كانت خدمته فى شمال سيناء معقل أبطال القوات المسلحة فلم يتردد أو يتوان، وكيف يتردد وهو تعلم وحفظ عن ظهر قلب فى الكلية الحربية مصنع الرجال شعار « النصر أو الشهادة» واستشهد البطل وهو يشارك فى إحدى عمليات ملاحقة العناصر التكفيرية لتطهير أرض الفيروز.

الموت على السلاح

وتتواصل مواكب الشهداء ليضاف إلى سجل الخلود بطل من طراز فريد، لم تمنعه إصابته الشديدة من البسالة والزود عن الكمين المكلف بحراسته هو البطل الشهيد المجند، عبدالرحمن محمد المتولى، أحد الأبطال الذين تمكنوا من صد الهجوم الإرهابى على كمائن الشيخ زويد، فى محاولة لـ»احتلال» المدينة، واستطاع، برغم إصابته، أن يقتل ١٢ تكفيريا قبل أن يستشهد.

الشهيد البطل كان ضمن الأفراد المكلفين بحماية كمين «أبو رفاعى» الذى وقع عليه هجوم إرهابى مسلح، من قبل الجماعات الإرهابية، فى يوليو ٢٠١٥، وعلى الفور نفذت قوة الكمين خطة الانتشار، التى تم التدريب عليها، لمواجهة مثل تلك الهجمات الإرهابية، وحاول الجنود الدفاع عن الكمين، والتصدى لهجمات التكفيريين، وأثناء ذلك أصيب البطل بعد أن تلقى رصاصة فى جانبه، قال له قائد الكمين، الملازم أول عمرو أدهم صلاح: «اجمد يا عبدالرحمن»، وكان لتلك الجملة مفعول السحر، لدى البطل الشهيد، الذى وبرغم إصابته، ظل ممسكا بسلاحه رافضا التخلى عنه، وعن زملائه، وقد طلب منه قائده أن ينضم إلى زملائه المصابين، لكنه رفض، واستطاع أن يقتل ١٢ تكفيريا.

وروى الملازم أول عمرو أدهم صلاح تفاصيل استشهاد البطل الشجاع،قائلا: « تعرض كمين أبو رفاعى، لهجوم إرهابى فى الساعة السابعة صباحا، وعلى الفور تم تنفيذ خطة الانتشار للدفاع عن الكمين، وكان الشهيد عبدالرحمن المتولى بجوارى وقت الدفاع عن الكمين، والتصدى للتكفيريين، وفى تلك الأثناء أصيب عبدالرحمن بطلق فى جانبه، وقلت له اجمد وشجعته حتى نستطيع التعامل مع التكفيريين، وقال سوف أكمل المواجهة، وبالفعل استطاع، رغم إصابته ورفضه الانضمام إلى زملائه المصابين، أن يقتل ١٢ تكفيريا، وكان يزداد قوة وتماسكا كلما سقط واحد من العناصر التكفيرية، إلى أن أصيب برصاصة فى رأسه، ليسقط شهيدا، وتصعد روحه عند الله لينال جزاء شجاعته، وحبه ودفاعه عن أرض وطنه، وهو صائم».

بطولة ما بعدها بطولة، وتضحية ما بعدها تضحية، مصاب ويصر على أن يستكمل المعركة قابضا على سلاحه، ولم لا وهو جندى فى صفوف خير أجناد الأرض.

هذا نذر يسير من فيض بحر البطولة والتضحية والفداء فى كتاب الخلود الذى يسطره أبطال القوات المسلحة على مر العصور، جيلا بعد جيل.

واجب علينا أن نتدارس السيرة العطرة ونعلمها لأبنائنا حرفا حرفا حتى يعرفوا معنى الوطن والحفاظ عليه.

 

    الاكثر قراءة