الثلاثاء 18 يونيو 2024

التحية لابن طبيب الغلابة

14-7-2017 | 19:11

بقلم – إيمان رسلان

«لم أرَ محمد ابنى يبكى أباه؛ لكنى رأيت دموعه ونهنهات الأطفال وهو يبكى أخاه وصديق عمره أحمد المنسى قائد الكتيبة ١٠٣ صاعقة «رفح» فى آخر إجازة للشهيد أحمد له أهداه محمد كتاباً لـ»جمال حمدان» و»المصريون والحرب» لجمال الغيطانى، وأهدى أحمد لمحمد تيشرت الصاعقة».

هكذا كتبت الكاتبة ماجدة الجندى على صفحتها فى مواقع التواصل الاجتماعى تصف مشاعر ابنها محمد جمال الغيطانى تجاه الشهيد أحمد المنسى.

 

هزتنى الكلمات بشدة من الأعماق؛ لأن خير تأبين للإنسان أن تسمع كلمات أصدقاء حياته.

بحثت عن صفحة ماجدة الجندى ومحمد الغيطانى، أبحث عن كلمات تداوى الدموع على فقدان الشهيد.

قرأت كلمات زادت من فخرى بالشهيد، فهو ابن د. صابر منسى طبيب الغلابة الذى حتى مات فى عام ٢٠١٣ كان سعر الكشف عنده ٥ جنيهات، أكرر ٥ جنيهات لا غير وليس ٥٠٠ جنيه الحد الأدنى الآن لأباطرة آخر الزمان، هذا الأب الدكتور، الإنسان فى أعماقه، يعشق مصر والمصريين بالتأكيد، وأحمد الله أن توفى قبل أن يسمع خبر استشهاد ابنه، بالتأكيد تربى ابنه أحمد على الفداء والتضحية وحب مصر وفقراء هذا الوطن، وإلا لما كانت تذكرة الزيارة عنده تظل بخمسة جنيهات حتى وفاته، هؤلاء أبناء مصر وكان من الطبيعى أن يتشرب أحمد حب الوطن والناس من أبيه، فيدخل الكلية الحربية ويتخصص فى الصاعقة ويصبح العميد أركان حرب أحمد منسى قائد الكتيبة ١٠٣ ليستشهد هناك ويترك لنا صوراً هزتنى أيضا، صورته مع طائر يقف على يده فمن يملك لغة الحوار مع الكائنات أكيد يملك حساً إنسانياً ومشاعر قلما يجود الدهر بها، أحمد المنسى الذى ترك ثلاثة أطفال رأيت أحدهم بالبدلة العسكرية والدموع فى عينيه، أكيد سيشرب حب الوطن ورفاهة الحس والدفاع عن الفقراء والمصريين من أبيه وجده.

بالتأكيد أحمد كما عرفت مما كتبه محمد وزملاؤه عنه قارئ نهم للتاريخ المصرى ولبطولات الجيش المصرى، أكيد قرأ عن البطل الرفاعى الذى وثق بطولاته الراحل العظيم جمال الغيطانى وابنه محمد صديق أحمد والقراءة عملة نادرة فى زماننا الحالى هذه البطولات تتوارثها الأجيال وتنقلها جينات المصريين، أكيد انتقلت لأحمد منسى وقرر أن يتخصص لهذا الفرع المهم والبطل فى الجيش المصرى.

أشعر أن جينات أحمد منسى وعقله وقلبه كانت تذكر كل بطولات الجيش والصاعقة وهم يحملون السلاح دفاعاً عن أرض الوطن فى سيناء من شمالها إلى جنوبها ليحارب العدو.

نعم العدو اليوم، هو قوى الإرهاب أياً كان اسمها داعش، الإخوان، القاعدة، بيت المقدس، فالأسماء لا تهم بقدر ما يهم أنه العدو الآن الذى يحارب جيشنا تماماً مثلما حارب الرفاعى العدو فى سيناء من قبل، كلاهما يحمل جينات المصريين فى حب الوطن وتراب الوطن والأخذ بالثأر من الأعداء أيا كانت تسميتهم عبر السنوات وتغير زيهم عبر التاريخ.

أحمد أو البطل أحمد منسى أخذت أتتبع أخباراً عنه، لم أكتفِ بصور الجنازة المهيبة التى خرج فيها الشعب المصرى يودع أبطاله أو حتى المشهد على جانب طريق السويس - الإسماعيلية - والسيارات تركن على جانب الطريق تفسح الطريق لموكب جثمان الشهيد فى طريقها إلى مدينة العاشر من رمضان حيث العائلة ومراسم الدفن التى ستقام، شدنى كلمات ماجدة الجندى وبكاء محمد ومشهد المصريين وهم يصطفون على جانب الطريق يؤدون التحية العسكرية لمواكب الشهيد لقد نقل لى أحد الجيران هذا المشهد كاملاً.

وجدتنى لا إرادياً أتمنى أن أكون فى هذا الطريق لأؤدى له التحية عن نيابة عن زملائه الشهداء فى كتيبة الصاعقة المصرية، كل منهم بطل ووراءه حكاية، قد تكون دموع محمد الغيطانى وكلمات أمه علقت بذهنى لأنى أعرف الأستاذة ماجدة.

ولكن أكيد هناك عشرات الحكايات الإنسانية للضباط والمجندين فى الصاعقة المصرية، نعم السادات قال إن أكتوبر آخر الحروب ولكنه هو نفسه الذى أخرج وتحالف مع أعداء اليوم من قوى الإرهاب فهو من أخرجهم من القمم فى أوائل السبعينيات حينما تحالف مع قوى الإخوان المسلمين ليحاربوا أبناء الوطن بعد ذلك، لم نصدق كلمات السادات أن أكتوبر ستكون آخر الحروب؛ لأن ما يدور الآن فى سيناء هو حرب أيضاً للأسف قد يكون بشكل أو بآخر ساهم السادات فى أن تظهر إلى النور بعد ٤٥ عاماً مع تحالفه الشيطانى مع عدو اليوم وهو الإرهاب الاسم الجديد لحركات التأسلم السياسى، أحمد منسى وزملاؤه فى كتيبة الصاعقة فقدوا أرواحهم دفاعاً عن الوطن فى ٢٠١٧ تماماً كما فعل من قبل الرفاعى وأبطال الصاعقة المصرية من قبل، أحمد المنسى يحارب عدواً حديثاً ساهمت فى صنعه السياسة والسياسيون وزرعوهم فى المنطقة ليكونوا العدو الذى يضرب الوطن وأبناءه من الخلف تماماً كما زرعوا من قبلهم الدول العنصرية والدينية لتكون الشوكة التى تضرب مصر أحياناً تكون من الأمام كما حدث فى الخمسينيات والستينيات وقبلهما فى الأربعينيات، وأحياناً كما الآن وتضربنا من الخلف مشاهد التحية العسكرية لشهيد الوطن أحمد المنسى على جانب الطريق وبكاء زملائه هى الصورة التى انطبعت فى قلبى منذ زمن لعطاء الشباب المصرى فى حربه ضد العدو سواء كان قديماً أو حديثاً، فالمضمون واحد أياً كان الرداء أو الذى سيرتديه ولكن التحية واجبة حتى لو كانت على جانب الطريق لأبطال كتيبة صاعقة مصر.. وها أنا أرسلها إليه وإليهم بعد أن هرعت للشارع لعلى ألحق بالموكب لأؤديها له.