أكد الكاتب والباحث الدكتور يوسف زيدان أن ما تشهده المنطقة العربية من صراعات جاء نتيجة الخواء الفكري والركون إلى القضايا الجدلية السطحية.
وقال إن الثقافة المحدودة التي تركز على الفرعيات وتبتعد عن الإنسان باعتباره أصل الكون والمحرك الأساسي للأحداث أدت إلى ما تعانيه البلاد العربية من انقسام وويلات لا يعلم مداها إلا الله.
جاء ذلك في تصريحات خاصة لزيدان خلال استضافته لـ"بوابة الهلال" في صالونه الثقافي الذي عقد بمنزله مساء أمس الجمعة، بحضور عدد من المفكرين والإعلاميين والمثقفين، وكان موضوعه "رسالة ابن العربي ما لا يعول عليه".
وقال زيدان، إن "الثقافة العربية بدأت تتراجع منذ الخمسينيات من القرن الماضي بعد أن كانت منارة للعالم منذ مهد الحضارات وفي فترات العصر الذهبي في بغداد في القرن الرابع والخامس".
وأشار إلى أنه "في الوقت الذي صعدت فيه الحضارة العربية، كانت اليابان وألمانيا وفرنسا مدمرة والعالم يموج بصراعات الحروب العالمية".
وأرجع زيدان حال الثقافة العربية منذ ذلك الوقت وحتى الآن إلى الابتعاد عن اعتبار الإنسان هو القيمة الأعلى التي يجب تنميتها وتطويرها والاهتمام بها".
وحذر من إقحام الدين في السياسة، لافتا إلى أن "الظهور الداعشي علي الساحة العربية مرده الخواء الفكري، فحين حدث خواء سياسي، استعدت تلك الجماعات بجاهزية كبيرة لتدمير المنطقة، مستغلين الخلافات التافهة بين من يتصدرون المشهد حول قضايا فرعية وجدلية خطيرة".
وشدد على "نحن العرب ما زلت تشغلنا الأمور السطحية والجدالات العقيمة التي تقحم الدين في المشهد السياسي دون أي مبرر منطقي والخلاف على قضايا من الحجاب أم النقاب، المسلم أم المسيحي وهو ما أحدث البلبلة الحادثة الآن، في حين أن الدين الإسلامي صريح في مسألة الحرية لكل إنسان فيما يعبد والله سبحانه وتعالي عنده الثواب والعقاب وليس الناس هم القيمون علي بعضهم البعض".
وأضاف أن المشهد الدامي العبثي في اليمن الآن يؤكد أن قيمة الإنسان هي أبعد ما يفكر فيه من يتصدرون المشهد، في حين أن المسألة ستنتهي في وقت قصر أم طال لكنه سيخلف دمارا إنسانيا كان السبب فيه خواء فكري وثقافي كبير.
وتوقع زيدان "ألا تنتهي المشكلات الاجتماعية إلا إذا تقدمت المجتمعات العربية على المستوى الفكري"، لافتا إلى أن "المشهد الثقافي يتأثر سلبا في ظل ابتعاد الطبقة الأكثر تنويرا عن المشهد وتصدر الشرزمة وأصحاب الفكر الرجعي الساحة". مؤكدا أن "الناتج العام لثقافة المجتمع مرتبط بالتفكير الجمعي وليس الأفراد ".
وطالب بـ"إعادة قراءة التاريخ والارتقاء باللغة والترسيخ لثقافة احترام الإنسان لأنها سبب رئيسي في تقدم المجتمعات وتجارب التاريخ البعيد والقريب تؤكد على ذلك".
وقرأ الدكتور يوسف زيدان في شرح مستيفض خلال الجلسة الفكرية الجديدة ضمن صالونه الأسبوعي رسالة ابن عربي "مالا يُعوّل عليه" ومقدمة كتابه "فصوص الحكم"، الذي يعد أحد أهم كتب التصوف الإسلامي التي يتحدث فيها ابن عربي على أسرار الأنبياء والرسل مبينة الحقائق الوجودية الثلاث: الله والكون والإنسان، وعلاقة الإنسان مع الكون ومع خالق الكون، وما إلى ذلك من مصطلحات ارتبطت بالصوفية وتفسيراتها .