السبت 20 ابريل 2024

أوبرات مصرية في تراثنا الغنائي

مقالات15-5-2022 | 22:13

شهد مطلع القرن العشرين مولد المسرح الغنائى فى مصر الذى كان رائده الشيخ سلامة حجازى (1852-1917)والذى قدم (75) مسرحية غنائية لحنها وقام ببطولتها، نذكر منها (إبنة الحارس – أنيس الجليس – أوديب ملكا –إخناتون – الأفريقية – البخلاء –العفوالقاتل – عواطف البنين – فى سبيل الوطن – مجنون ليلى- مطامع النساء- هاملت ).

وتبعه كامل الخلعى (1870-1938) الذى لحن عددا من المسرحيات الغنائية نذكر منها(التالتة تابتة- العذارى- الفراشة)0وتلاه داود حسنى(1870- 1837) الذى قدم عددا من المسرحيات الغنائية نذكر منها (معروف الإسكافى- الغندورة – الليالى الملاح-أميرة الأندلس –الشاطر حسن-قنصل الوز- زباين جهنم- سفينة نوح- سميراميس- شمشون ودليلة- ليلة كليوباترة )0

وبعده جاء فنان الشعب سيد درويش (1892-1923) الذى لحن (29) مسرحية غنائية نذكر منها (أوديب – كله من دا –الهوارى – ولو- إش- ولسة – عقبال عندكم –أحلاهم – مرحب – كلها يومين –العشرة الطيبة – راحت عليك – فشر- هدى –شهرزاد –البروكة – الهلال ).

وجاء الشيخ زكريا أحمد (1896 – 1961) وقدم (53) مسرحية غنائية نذكر منها (دولة الحظ –الغول – ناظر الزراعة- الطنبورة – أبو زعيزع- حكيم الزمان –إبن فرعون – الكنوز- ياسمينة – قاضى الغرام – يوم القيامة- عزيزة ويونس ) ولكن فى نفس الوقت ظهر أيضا عدد من الأوبرات المصرية التى ألفها موسيقيون مصريون، درسوا الموسيقا العربية، ثم درسوا العلوم الموسيقية العالمية (الهارمونى – الكونترابونط – البناء الموسيقى- الكتابة للأوركسترا السيمفونى)،وبعد ذلك قدموا مؤلفات لموسيقا الحجرة وللأوركسترا السيمفونى، وكذلك قدموا أوبرات مصرية بالمعنى العلمى والفنى للأوبرا،كما هى  معروفة فى تراث الموسيقا العالمية.

وحركة التأليف الموسيقى فى مصر قد بدأت  عام 1932 عندما ألف يوسف جريس (1899 – 1961) رائد التأليف الموسيقى فى مصرالقصيد السيمفونى (مصر)الذى ألفه عام 1932، وقدم لأول مرة بمدينة الإسكندرية فى السادس عشر من أغسطس 1933، واتبعه بالقصائد السيمفونية التالية(النيل والوردة – أهرام الفراعنة- نحو دير فى الصحراء) وألف ثلاث سيمفونيات،الأولى منها تحمل عنوان (مصر) وعددا من مؤلفات موسيقا الحجرة والأغانى.

ووجد كاتب هذه الكلمات فى مخلفات يوسف جريس –التى أطلعنى عليها مشكورا إبن أخيه الدكتور إسكندر جريس – نصا شعريا باللغتين العربية والفرنسية لأوبرا بعنوان(القدر) ،مؤرخا فى(3 ديسمبر1943)وتركها ولم يشرع فى تلحينها حتى وفاته عام 1961.

وجاءت بعد ذلك الأوبرا الأولى فى التراث الغنائى المصرى، وهى أوبرا (مصرع أنطونيو)التى أتمها مؤلف الموسيقا الراحل حسن رشيد(1869 – 1969)عام 1947،وإقتبسها من رواية (مصرع كليوباترا)لأمير الشعراء أحمد شوقى(1868 -1932)،وقدم المنظر الأخير من الفصل الثالث فى ديسمبر 1949 وقد جاءت الأوبرا فى ثلاثة فصول ، وتدور أحداثها حول أنطونيو فقط، ويعرض الفصل الأول الدعوة التى قدمت له، ويعرض الفصل الثانى إنهزامه فى معركة أكسيوم وهربه إلى الدير بصحراء الإسكندرية ،ويعرض الفصل الثالث محاولة إنتحاره ،ونقله إلى الدير الذى تصادف وجود كليوباترة فيه ، ثم موته 0

وفى عام 1952 أتم مؤلف الموسيقا المصرى الراحل كامل الرمالى(1922 -2011)الأوبرا المصرية الثانية فى التراث الغنائى المصرى ، وهى أوبرا (حسن البصرى) ، وقد عرضت هذه الأوبرا لأول مرة فى الثلاثين من يونيو1995( صورة كونسير) أى أنها عرضت بدون إستخدام حركة مسرحية أو ملابس خاصة بالعرض أو ديكورات خاصة ،وإنما وقف المغنون والمغنيات والكورس على المسرح يغنون وهم واقفون وفى أيديهم المدونان الموسيقية ، وكل منهم معه المدونة الموسيقية الخاصة به،ويؤدون أدوارهم غناء.

أما الأوبرا الثالثة فى التراث الغنائى المصرى فهى أوبرا (أنس الوجود) لمؤلف الموسيقا المصرى الراحل عزيز الشوان (1916- 1993)، وقد جاءت الأوبرا فى ثلاث فصول، وموضوعها مستوحى من قصص (ألف ليلة وليلة) وكتب نصها الشعرى، سلامة العباسى، وعرضت الأوبرا لأول مرة على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية فى صورة كونسير يوم أول يوليو 1994.

وفى عام 1994 أيضا قدم مؤلف الموسيقا المصرى الراحل الدكتور سيد عوض (1926 -2000)الأوبرا الرابعة فى التراث الغنائى المصرى وهى أوبرا (مصرع كليوباترا) ، وقد جاءت الأوبرا فى ثلاثة فصول ،شعر أحمد شوقى ، وقد أعدها وصاغ ألحانها دكتور سيد عوض.

وفيما يلى أقدم لك عزيزى القارئ قصص ثلاث من تلك الأوبرات المصرية بالتفصيل.

أولا : أوبرا (حسن البصرى) لكامل الرمالى

قدم الفصل الثانى منها لأول فى قاعة إيوارت التذكارية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، واستعان فيه المؤلف بالعناصر الفنية من طلبة وخريجى المعهد العالى للفنون المسرحية، وعرض مساء السادس والعشرين من أبريل 1956 0 وفى الثلاثين من يونيو 1995 ، قدمت الأوبرا كاملة لأول مرة فى صورة كونسير،على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية0 وقد جاءت أوبرا (حسن البصرى) فى ثلاثة فصول وأربعة مشاهدعلى النحو التالى :

 الفصل الأول

المشهد : فى قصر السحاب 

يشاهد سبع فتيات من الجان عزلهن والدهن عن العالم فى قصر السحاب ،وهو قصر منيف أقيم على قمة جبل شاهق يحيط به السحاب 0 ونظرا لما تعانيه الفتيات من ملل ، تطل إحداهن من إحدى النوافذ وتشاهد حسن البصرى يتقدم نحو القصر وهو فى حالة يرثى لها0ويدخل حسن البصرى إلى القصر ويقص على الجميع قصته، حيث غرر به ساحرمجوسى أوهمه بأنه يستطيع تحويل النحاس إلى ذهب،وجعله يصعد إلى قمة الجبل ويلقى له بأعشاب معينة تصلح لإستخدامها فى هذا الغرض، ولكن الساحر بعد أن حصل على مايريده من أعشاب فإنه تركه فوق قمة الجبل

دون أن يدله على وسيلة للعودة والنزول0وترحب الفتيات بحسن البصرى ويعاملنه كأخ لهن، وتعلن إحدى الوصيفات عن وصول "طهمان" عم الفتيات إلى القصر ويسبق دخول ملك الجان "طهمان " تقديم أغنية يؤديها الكورال وهم رجال الحرس ، حيث ينشدون على إيقاع المارش أمجاد الجان ومليكهم، وما أن ينتهى رجال الحرس من أنشودتهم ينصرفون، حتى يصيح العم "طهمان " بأنه يشم رائحة "شخص" من أولاد آدم ويهدد بقتله وتمزيقه إربا ، ولكن بعد توسلات الفتيات وشرحن الأمر لعمهن تم الإتفاق على أن يسمح "طهمان" لحسن البصرى بالبقاء فى القصر مؤقتا ،وتستعد الفتيات السبع للرحيل مع عمهن ويتسلم حسن البصرى مفاتيح القصر، ولكنهن يشترطن عليه ألا يفتح حجرة معينة.

 الفصل الثانى

المشهد : فى قصر السحاب :

يتضح أن حسن البصرى لم يستطع التمسك بوعده ودفعه الفضول وحب الإستطلاع إلى فتح الغرفة وشاهد فيها بحيرة رائعة وفتيات جميلات يظهرن على شكل سرب من الطيور،وعندما يهبطن إلى البحيرة يخلعن ريشهن ،ويستحممن فى البحيرة0ويلاحظ حسن البصرى أن هذا الأمر يتكرر مرة واحدة كل عام، وهنا يتأكد أنه قد وقع فى غرام أميرة الطيور، وأنه يحترق شوقا للقائها مرة أخرى.

ويستهل الفصل بأغنية يقدمها حسن البصرى ويعبر خلالها عن  مدى حبه لأميرة الطيور، ويصف جمالها وكيف سيطرت على قلبه وعواطفه، وهنا يسمع حسن البصرى حفيف أجنحة سرب الطيور، فيسارع بالإختباء وراء أكمة، وتهبط الفتيات تتوسطهن أميرتهن بدر البدور،والتى تنشد بدورها أغنية جميلة تعبر خلالها عن مدى سعادتها بالعودة إلى البحيرة، وفى نفس الوقت يتغنى حسن البصرى هو الآخر بأغنية تعبر عن حبه للأميرة بدر البدور، ثم يشتركان معا فى أداء ثنائية،وينشد حسن البصرى دوره وهو مختفيا فى مخبئه.

ويتخلل هذا المشهد رقصة للباليه يتمكن حسن البصرى خلالها من سرقة ريش الأميرة بدر البدور، ويتسلل به خارج المسرح، وتعثر كل واحدة من سرب الطيور على ريشها فيما عدا الأميرة بدر البدور التى تناشد باقى الفتيات أن يبحثن عن ريشها بقولها أين ريشى ، أين ريشى، يابنات الطير أين ريشى.

وفى النهاية ترحل الفتيات على أمل أن يسارعن بإحضار ريش جديد للأميرة بدر البدور،وهى تندب حظها وريشها المفقود.

الفصل الثالث                                                                

المشهد الأول : فى أرض الطيور:

يتضح أن حسن البصرى بعد أن تزوج من الأميرة بدر البدور رغما عنها،فإن الأميرة إستطاعت الهرب منه بعد عثورها على ريشها، وعادت إلى وطنها فى جزيرة واق الواق ،كما يتضح أن حسن البصرى إستطاع –برغم مالاقاه من أهوال- أن يصل إلى أرض الطيور.

ولقد إستغل كامل الرمالى فى هذا المشهد السلم الموسيقى  الخماسى مستخدما أربعة مقامات خماسية متنوعة ومما هو جدير بالذكر أن السلم الخماسى كان مستخدما فى الموسيقا المصرية القديمة ، وفى موسيقا الحضارات القديمة بشكل عام.

وفى هذا المشهد يرى حسن البصرى قرب الشاطئ، وهو قاب قوسين أو أدنى من الهلاك، وتمر فرقة حارسات الحدود ، ويتوارى حسن البصرى فى مكمنه حتى لاتقبض عليه فتيات الحرس ،ولكنه قبل أن يشعر بالإطمئنان بعد مرور الحرس تقبض عليه قائدة الحارسات ، والتى تهم بقتله ، ولكنها بعد أن تعرف قصته تقرر عرض الأمر على ملك الطيور ليقول كلمته.

المشهد الثانى : فى قصر الملك    

وفى قصر الملك تشاهد الأميرة بدر البدور مقبوضة عليها ثم تدخل قائدة فتيات الحرس ومعها حسن البصرى حيث تكبله بجوارها ،وهنا يدخل الملك وسط حاشيته ويستفسر الملك منهما عن قصتهما ،وتحكى بدر البدور قصتها فى صدق ، ثم يقص حسن البصرى هو الآخر قصته فى صدق ، ويعترف بمسؤليته ويؤكد براءة بدر البدور ويطلب من الملك الحكم بإعدامه والعفو عن بدر البدور، وهنا يصدر الملك حكمه بإعدام حسن البصرى ، إلا أن الأميرة بدر البدور – بعد أن هالها حكم الإعدام الذى صدر ضد حسن البصرى – تصرخ قائلة أن حسن البصرى لن يموت وحده وأنها مستعدة للموت معه 0 وهنا يرق قلب الملك ويصدر عفوه عنهما ،وبعدها ينشدان معا بالإشتراك مع الكورس نشيد الشكر وعرفان الجميل للملك فى لحن يفيض بالسعادة والمرح ،وتطلب قائدة الحرس من الملك أن يأذن لها هى الأخرى بالسفر مع الأميرة بدر البدور وحسن البصرى، وحين يسألها عن السبب فى طلبها الرحيل ،تقول أنها وجدت أن الحب شئ رائع وجميل ، وأن فكرة الزواج راقت لها ،وأنها تطلب الرحيل لتبحث لنفسها هى الأخرى عن زوج وحبيب وحين يسمح لها  الملك بالرحيل تنشد أغنية تركزعلى السلم الخماسى الذى لازمها باستمرار بمصاحبة من آلة الكلارينيت حيث تتغنى بآمالها وأحلامها فى الحب والزواج ،يلى ذلك رباعية حيث يشترك حسن البصرى والأميرة بدر البدور والملك وقائدة الحرس، ويتغنى الجميع بالسعادة لتحقق حلم العاشقين وتنتهى الأوبرا بكورس ختامى يعتمد على اللحن الثانى من الإفتتاحية الموسيقية ،حيث يتمنى أفراد الكورال للأميرة بدر البدور وحسن البصرى أن يعيشا سعداء فى حياتهما.

لقد نجح كامل الرمالى فى التعبير موسيقيا عن أحداث قصة غرام حسن البصرى والأميرة بدر البدور ، وكذلك فى التعبير عن الجو الساحر والخرافى فى أرض الطيور مستغلا –ببراعة – السلم الخماسى بوعى وفهم كاملين 0 وقد إستطاع كامل الرمالى كذلك أن يقدم صورة موسيقية معبرة عن أرض الطيور مستغلا الأوركسترا السيمفونى الكبير أحسن إستغلال

ثانيا : أوبرا  (أنس الوجود ) لعزيز الشوان :        

أوبرا فى ثلاثة فصول ، مستوحاة من قصص (ألف ليلة وليلة) ،شعر سلامة العباسى ، موسيقا عزيز الشوان ،عرضت لأول مرة على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية (فى صيغة كونسير) فى أول يوليو 1994.

وأوبرا (أنس الوجود) مصرية الموضوع ، حيث تعرض لمحات من الحياة المصرية خلال نهاية العصر القبطى والفترة الأولى للفتح العربى لمصر0 ولقد نجح عزيز الشوان فى صياغة ألحانه وموسيقاه وفقا لللأسلوب الأوروبى التقليدى لفن الأوبرا ،ولكن فى نفس الوقت إحتفظ بشكل ملحوظ بوضوح مخارج الألفاظ ، واستطاع بذلك أن يحقق الإتصال الوثيق بين الموسيقا المصرية المتطورة وبين التراث الموسيقى العالمى مستغلا قدراته الفائقة على تطويع علوم الموسيقا الأوروبية لتكون خير عون لألحانه المصرية الطابع والأسلوب 0وبرغم إعتماد عزيز الشوان على علوم الموسيقا الأوروبية ، فإنه يمكن القول بأنه إستطاع أن يقدم عملا فنيا متكاملا ، يعتبرمن الأمثلة الجيدة للموسيقا المصرية المتطورة ، ويمكن القول أيضا بأن موسيقا عزيز الشوان فى الأوبرا (أنس الوجود) تخاطب القلب والعقل معا 0 فى القلب:الموضوع المصرى والذى يتسم بطابعه الرومانسى الأخاذ.

والعقل : ممثلا فى قدرته على إستغلال الأسس العلمية للموسيقا العالمية بعد تطويعها وتبسيطها لتكون خير سند لتدفق أفكاره الموسيقية بشكل حقق الإندماج الكامل بين الروح المصرية الأصيلةوفى قصة الأوبرا التى صاغها الشاعر سلامة العباسى ، وفى الألحان السلسة المصرية الأسلوب ، وبين التقنية الفنية العالمية 0وقد راعى عزيز الشوان إلى حد كبير أن تكون ألحان الأوبرا (أنس الوجود) سلسة وصادقة فى التعبير.

وقد صاغ عزيز الشوان أوبرا (أنس الوجود)فى ثلاثة فصول وثمانية مشاهد، ويتخلل المشهد الأول والذى يتكون من مشهدين فاصل للأوركسترا بين المشهدين الأول والثانى من هذا الفصل، أما الفصل الثانى فيتكون من ثلاثة مشاهد يتضمن المشهد الثانى من هذا الفصل بعض رقصات الباليه0

وكذلك الفصل الثالث والذى يتكون هو الآخر من ثلاثة مشاهد يتضمن المشهد الثانى بعض مشاهد الباليه، كذلك يتضمن المشهد بعض مشاهد الباليه ، والتى تقدم من الرجال ، ويعبر الشوان فى هذا المشهد من باليه الرجال عن محاولات "أنس الوجود" للعبور خلال مياه النهر، حيث تتصدى له التماسيح ، ويستمر صراع "أنس الزجود" مع التماسيح ،حتى حلول المساء ، يخيم الظلام على المسرح دون أن يتمكن المشاهد من التعرف على مصير أنس الوجود، وهل تمكن من عبور النهر أم أنه مات خلال صراعه مع التماسيح.

وقد ذكر الشاعر سلامة العباسى أن "أنس الوجود"أسطورة من أساطير ألف ليلة وليلة ،وهى قصة حب "أنس الوجود" وهو جندى مصرى من جنود السلطان يتميز بمواهبه الشعرية ، أما البطلة فهى "ورد الأكمام " إبنة وزير الدولة.

ويعجب السلطان بإبنة الوزير ويطلب يدها من والدها للزواج ، ويرحب الوزير بطلب السلطان ، وهو لايدرى أن إبنته تحب الجندى أنس الوجود وينقل الوزير إلى ورد الأكمام رغبة السلطان بالزواج منها ، ولكنه يصدم برفضها هذا الشرف، ويتقرر نفى ورد الأكمام مع وصيفاتها إلى إحدى الجزر لمدة عام ،ويعرف أنس الوجود المنفى الذى تعيش فيه ورد الأكمام، ويلتقى بها بعد رحلة شاقة،ويتفق موعد وصول أنس الوجودإلى المكان الذى توجد فيه ورد الأكمام مع إنتهاء فترة نفيها ، ويصل السلطان والوزير إلى الجزيرة  وعندما تتمسك ورد الأكمام بحبها لأنس الوجود، يأمر السلطان بإعدامه 0 وهنا تقف ورد الأكمام أمام أنس الوجود عارضة حياتها فداءا ،وبعد هذا المشهد الدرامى ، يتراجع السلطان ويعفو عن أنس الوجود، ويبارك حبهما ويمنحهما القصر الذى مقرا  لمنفى ورد الأكمام ، ويطلق عليه إسم أنس الوجود حيث يعيش الحبيبان للامل والحياة.

ثالثا : أوبرا (مصرع كليوباترا ) : للدكتور سيد عوض 

أوبرا فى ثلاثة فصول ، شعرأمير الشعراء أحمد شوقى، أعدها وصاغ موسيقاها وألحانها د سيد عوض

تتكون الأوبرا من ثلاثة فصول ،مقسمة إلى خمسة مشاهد ، وتدور أحداثها فى مصر القديمة ، فى عصر من عصور الصراع السياسى الدائم على عرش مصر فى النصف الأخير من القرن الأول قبل الميلاد، حيث إحتكت عظمة الإمبراطورية الرومانية القديمة بالسياسة المصرية ،وطوى هذا الإحتكاك آخر صفحة فى تلك المدنية الزاهرة التى إصطبغت بها مصر فى ظل البطالسة وتحت حكمهم أكثر من ثلاثة قرون 0 تحكى الأوبرا الأيام الأخيرة من حياة كليوباترة ونهاية علاقتها بأنطونيو التى إنتهت بإنتحارها.

ولقد أبدع أمير الشعراء فى صياغة هذه القصة التاريخية ممزوجة ببعض الشخصيات والأحداث الخيالية فى صورة مسرحية شعرية، وقام د0 سيد عوض بإختصار النص الشعرى بما لايتعارض مع تدفق الحدث الدرامى وتسلسل الأحداث ورؤية أمير الشعراء أحمد شوقى.

يقدم سيد عوض فى هذا العمل الكبير نوعا  وأسلوبا جديدا فى الغناء العربى الأوبرالى ،يعتمدان  على المزج بين الأسلوب العربى، ومقتضيات فن الأوبرا الغربى فى أسلوب يعتمد على إبراز الكلمات والمعانى حتى تصل الأوبرا إلى المستمع بسلاسة 0 هذا العمل غنى بالألحان التى تعبر بصدق عن كل الإنفعالات والمعانى فى النص الشعرى ، ونلاحظ إرتباط الألحان بشخصيات الأوبرا ، فنجد مثلا اللحن المميز لكليوباترا الذى يتكرر فى أماكن متعددة ، كذلك اللحن المميز لهيلانة وصيفة كليوباترا، هذه الفتاة المرحة التى تربطها علاقة غرامية بحابى أحد مساعدى أمين المكتبة0 وهذه الأوبرا هى خلاصة الخبرة الموسيقية الطويلة للدكتور سيد عوض التى إمتدت إلى أكثر من نصف قرن .

الإفتتاحية :

تعبرالإفتتاحية بوضوح عما يحتويه  هذا العمل  من أحداث ودراما ، فهى تعتبر ملخصا لكل أحداث الأوبرا، جاءت فى صيغة السوناتا، وتبدأ بمقدمة قوية من آلات النفخ النحاسية ، ثم تستعرض آلات النفخ الخشبية اللحن المميز لكليوباترا ، ونستمع إلى اللحن الثانى العريض من آلات التشيللو، ثم تنتقل الموسيقا بسرعة وحيوية إلى مرحلة التفاعل فنستمع إلى تنويعات على اللحنين معا فى حوار بديع بين الآلات الوترية وآلات النفخ ، ونلاحظ ما تحتويه هذه التدفقات اللحنية من لمسات الشجن والمأساة 0 نعود ونستمع إلى إعادة العرض مرة أخرى، ثم تختتم الإفتتاحية بلحن عريض لكل آلات الأوركسترا.

 الفصل الأول

المشهد الأول :-

يستهل المشهد فى مكتبة قصر كليوباترا، حابى وديون مساعدى أمين المكتبة جالسان وهما يستمعان إلى جماعة من العامة ينشدون خارج القصر نشيد " يومنا فى أكتيوم" ثم نستمع إلى ثنائى بين حابى وديون ، وهما يتعجبان من موقف الجماهير وكيف أنهم إنفعلوا من مجرد إشاعة كاذبة بإنتصارجيوش المصريين بقيادة أنطونيو والرومان الموالين له على جيوش أوكتافيو 0ننتقل بعد ذلك إلى ثنائى آخر بين هيلانة (إحدى وصيفات كليوباترا ) وحابى اللذين تربطهما علاقة غرامية، تنبؤ فيه بقدوم الملكة 0 تدخل كليوباترا وتحيى كلا من زينون شيخ المكتبة وأنوبيس الكاهن الأكبر، وعندئذ يسمع هتاف الحماهير مرة أخرى ينشدون النشيد ، وتوضح لها وصيفتها الثانية شرميون أن الجماهير فرحة بانتصارها ،وهنا تنفعل كليوباترا بشدة وتوضح أن هذا الأمر مخالف للحقيقة ، وتبدأ فى سرد وقائع المعركة من خلال الي أغنية (أيها السادة إسمعوا خبر الحرب ) وكيف أنها خذلت يوليوس قيصر رغم الطفلين اللذين أنجبتهما منه ،ففى ضعف روما قوة لمصر، وعند ختامها ترجو أنوبيس أن يدخل إلى المحراب ليصلى ويدعو لها.

المشهد الثانى :

يبدأ المشهد فى إحدى غرف القصر الملكى بثنائى بين كليوباترا وأنوبيس عن الحرب الدائرة بين أنطونيو وأوكتافيو، ثم يدخل الحارس يبشر الملكة بإنتصار أنطونيو، وأنه قادم فى الطريق تعبر الملكة عن سعادتها ،تردعليها شرميون والكورال فرحين ومهنئين ، تنشد بعدها كليوباترا لحنا جميلا فى قالب الفالس0 يخرج أنوبيس وحابى ، ويسمع اللحن المميز لدخول أنطونيو، ثم يبدأ الثنائى الغرامى بينهما ،وفيه تعاتبه على سرعة المجئ والحرب لاتزال دائرة  ينتهى المشهد بخروج كليوباترا وأنطونيو للإحتفال بالنصربينما يتعجب أحد القادة الرومان من تصرفات أنطونيو،وكيف أنه يفكر فى المرح والشرب والحرب لم تنته بعد.

 الفصل الثانى

المشهد الأول :

مشهد يجمع بين كليوباترا وأنطونيو وكل القادة والجنود فى بهو القصر الملكى ، يشربون ويمرحون ، يغضب أنطونيو قواده عندما يصرح أنه ماهو برومانى ،ولكنه تابع وفى لكليوباترا ، فيتفقون على أن يتسللوا خارجين عندما يبلغ السكر مداه بأنطونيو، ينادى الحاجب بدخول كل من "بولا" الشاعر و"حبرا" الساحر ، و"إياس" المغنى ، ينشد بعدها بولا شعرا يتغزل فيه فى النبيذ المصرى ، ثم يشدو إياس أغنية "الحياة الحب" وينتهى المشهد بعد أن تقدم الراقصات رقصة مصرية ،ثم يطلب أنطونيو من كليوباترا أن تأذن له بالرحيل.

المشهد الثانى :

يستهل المشهد فى حجرة أنوبيس يناجى نفسه وأفاعيه0 ينتقل المشهد بعد ذلك إلى ميدان القتال حيث نسمع ثنائيا بين أنطونيو وأوروس وقد لحقت بهما الهزيمة0 يصل بعدها أولمبوس طبيب الملكة،ويبلغ أنطونيو كذبا نبأ إنتحار كليوباترا ينشد أنطونيو أغنية (روما حنانيك واغفرى لفتاك) وفى هذه الأغنية الطويلة قمة الحزن والندم 0 يطلب أنطونيو من أوروس فى ثنائى آخر أن يطعنه بسيفه ويخلصه من عذاب الندم وذ ل الهزيمة ، لكن اوروس  يطعن نفسه ولاءا  لأنطونيو الذى يبادر بطعن نفسه أيضا ، يقترب من المكان ثلاثة جنود رومان ويحملون أنطونيو الجريح إلى كليوباترا.

ينتقل المشهد مرة أخرى إلى حجرة انوبيس ونسمع ثنائيا بينه بين حابى عن هزيمة أنطونيو تدخل الملكة بعد ذلك فى ثنائى آخر مع أنوبيس ،وتطلب منه أن يرسل لها إحدى أفاعيه ، فيخبرها أنوبيس بأنه سيخبئ إحدى الأفاعي فى سلة التين ، ويرسلها لها مع حابى يدخل الجنود حاملين أنطونيوالذى يفاجأ بأن كليوباترا لم تمت ، لكنه يفارق الحياة بين أحضانها 0 يصل أوكتافيو، ونسمع الثنائى بينه وبين كليوباترا حيث يودع رفيق سلاحه أنطونيو.

 الفصل الثالث

يتكون الفصل الثالث من مشهد واحد فى حجرة كليوباترا ومعها وصيفتاها هيلانة وشرميون ، يبدأ الفصل بأغنية "نام ماركو ولم أنم " وفيه تعبر كليوباترا عن قمة حزنها لموت أنطونيو، وتسترجع ذكرياتها معه ،وتصور الموسيقا بوضوح ذلك عندما نسمع اللحن المميز لأنطونيو من أغنية "الحياة الحب " من الفصل الثانى ،ذلك اللحن الذى إستخدمه المؤلف مرة ثالثة فى نهاية الأوبرا يصل حابى ومعه سلة التين وبداخلها الأفعى، ثم تطلب كليوباترا من اياس المغنى أن يبشد لها أغنية الموت "يا طيب وادى العدم".

تستعد كليوباترا للموت فتطلب من وصيفتيها أن تزيناها ، وتغنى الأغنية الأخيرة لها " إيزيس ينبوع الحنان تعطفى " ثم تستسلم لعضة الأفعى حتى تفارق الحياة ، وتتبعها وصيفتاها بالمثل 0 يدخل أنوبيس وحابى يجدان هيلانة لم تمت بعد ، فيسقياها ترياق النجاة ،تصحو هيلانة ، ويتغير طابع الحزن إلى جو السرور حيث نسمع مرة اخرى لحن هيلانة المميز، وتخرج مع حابى راحلين معا من الإسكندرية0  يدخل أوكتافيوس فيودع كليوباترا ، وتنتهى الأوبرا بأنوبيس مناديا " قسما مافتحتموا مصرا ولكن فتحتم بها لروما قبرا" .            

أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون