خلال الساعات القليلة الماضية انتشرت بعض الصور المأخوذة عن وكالة ناسا للفضاء تشير إلى انشقاق القمر، حيث أظهرت الصور انشقاقا في القشرة القمرية، لتثير حالة من الجدل وتعيد حادثة انشقاق القمر التي وقعت خلال عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى صدارة الاهتمام، وهي الحادثة التي وثقها القرآن الكريم في سورة القمر.
صور انشقاق القمر
والصور المتداولة لانشقاق القمر، ليست جديدة بل هي صور قديمة نشرتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، في أغسطس 2010، أخذها المسبار "Lunar Reconnaissance Orbiter"، الذي أطلق من الأرض في 19 يونيو 2009 ودخل في مدار القمر بعد أربعة أيام، معلقة "أنه تشير المنحدرات المكتشفة حديثًا في القشرة القمرية إلى أن القمر تقلص عالميًا في الماضي الجيولوجي القريب وربما لا يزال يتقلص حتى اليوم"، وذلك في بحث نشرته حينها أن المسبار يكشف عن تقلص لا يصدق للقمر.
وفسرت الوكالة الشقوق حينها بأنه مع تقلص القمر أجبر الوشاح والقشرة السطحية على الاستجابة ، مشكلين صدوعًا ليتشقق جزءا من القشرة ويبرز فوق جزء آخر.
حادثة انشقاق القمر
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) هكذا جاء ذكر حادثة انشقاق القمر في القرآن الكريم، والتي تعد إحدى معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تعد حادثة انشقاق القمر هي من المعجزات الحسية وخوارق العادات التي ظهرت على يد النبي صلى الله عليه وسلم تصديقًا له وتأييدًا لكونه رسولًا من عند الله تعالى.
وتعريف المعجزة هو: أمر خارق للعادة يظهره الله على يد مدعي النبوة، والفرق بين المعجزة والكرامة أن المعجزة تأتي بعد التحدي بخلاف الكرامة فإنها تظهر على يد الأولياء من غير تحد، وفقا لنص الفتوى المنشورة على موقع دار الإفتاء، والتي أصدرها فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في 30 مارس 2003.
وأوضحت الإفتاء أنه قد ثبت في "صحيح الإمام البخاري" (كتاب المناقب، 4/ 206) عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يريهم آيةً، فأراهم انشقاق القمر".
وهذا يفيد التحدي؛ بدليل الرواية الواردة في "تفسير القرطبي" (17/ 127) وفيها: أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن كنت صادقًا فاشقق لنا القمر فرقتين، فقال: «إِنْ فَعَلْتُ تُؤْمِنُونَ؟» قالوا: نعم. وَكَانَتْ لَيْلَةَ بَدْرٍ، فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا قَالُوا، فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ.
أدلة حدوث انشقاق القمر
وأكدت الإفتاء أنه يدل أيضًا على ثبوت هذه الحادثة: رواية الإمام البخاري في "صحيحه" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم شِقَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «اشْهَدُوا». وأيضًا حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الباب نفسه: أن القمر انشق في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.
وكثير من المفسرين يميلون إلى أن في قوله تعالى في أول سورة القمر: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: 1] إشارةً إلى هذه المعجزة، وجمهور علماء المسلمين على أن هذه الحادثة ثابتة ويقينية وأنها إحدى معجزاته صلى الله عليه وسلم الحسية.