تعجبت لأول وهلة، عندما لاحظت تشابها كبيرا بين تقديراتى لإبعاد الضربة السياسية غير التقليدية التى منيت بها الميلشيا الإيرانية "حزب الله" في الانتخابات البرلمانية اللبنانية الأخيرة، والتقديرات التى كشف عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن هذا التطور المفاجئ للبعض، لكن بعد مرور الوهلة الأولى، إتضح لى إنها التقديرات الواقعية لهذا الحدث، ولا تقديرات غيرها تقريبا.
وبالتالى لم تقدم المخابرات الحربية الإسرائيلية، آمان"، إعجازا في رسم المشهد السياسي اللبنانى وتأثيره على القوة العسكرية والتطلعات التهديدية لأمن ما يسمى بإسرائيل، فقط هذا المنطقي بشكل كبير.
التقديرات المخابراتية الإسرائيلية، تلخصت في أن نتائج الانتخابات في لبنان التي لم يحصل فيها حزب الله وتحالفه المسيحى الشيعى على أغلبية معتادة في البرلمان، طوال السنوات الماضية، ستعزز الهدوء على الحدود الشمالية مع إسرائيل.
وهذا أمر منطقي، لانشغال حزب الله بتحدياته الجديدة وعدم رغبته في فتح عدة جبهات عليه، وبالتالى ستستغل تل أبيب ذلك في الضغط عليه أكثر وأكثر، وتوريطه في تحديات جديدة تقوض قواته وامتداداته الداخلية والإقليمية، خاصة لأنها لا تستبعد أية مواجهة مع إيران خلال الفترة القليلة المقبلة، بل وهى أهم سيناريوهات مناوراتها العسكرية الكبري الحالية، التى تجرى داخل وخارج إسرائيل، وتحييد حزب الله أمر مهم في هذه المواجهة، والأمر يتجه لهذا المسار.
تقديرات الجيش الإسرائيلي بسبب ضعف نصر الله السياسي على وجه الخصوص، تدور في نطاق أن حزب الله، لن يسعى إلى المواجهة، وسينشغل بالشؤون الداخلية والمشاكل السياسية وضرورة تقوية موقفه، من جديد في المشهد اللبنانى، بعد هذه الضربة غير المفاجئة في العموم.
فيما ترى المخابرات الحربية الإسرائيلية، أن القضية الأساسية التي ستهم حزب الله في الأشهر المقبلة، هي الانتخابات الرئاسية اللبنانية، حتى يحاول الحفاظ على بعض قوته السياسية، لكن التحالف الأوروبي الخليجى، سيقوض هذا الطموح بشكل كبير، بدعم إسرائيلى أمريكى.
ويرى الإسرائيليون إنه حتى بعد الانتخابات البرلمانية بنتائجها المختلفة، والتى تراجع فيها حزب الله بشكل ما، فإن احتمال خروج لبنان من الأزمة الاقتصادية الحادة التي أصابته، ضعيف للغاية، وبالتالى ستظل الجبهة اللبنانية ساخنة بالنسبة لإسرائيل، ومستهدفة للعب فيها بكل السبل، ومنها الملف الغازى المرتبط بترسيم الحدود، بل والأبعد من ذلك بضم لبنان لركب التطبيع الإبراهيمى بتحريض خليجي مدفوع الآجر.