الإثنين 24 يونيو 2024

رمضان وتكفير الذنوب!

16-7-2017 | 10:55

بقلم : نبيلة حافظ

 

  بداية أعترف أنني لم أكن من معجبيه، ولم أكن من هواة مشاهدت أعماله الفنية، بل كنت من المعارضين له والناقمين عليه بسبب نوعية الأدوار التي كان يقدمها والشخصيات التي كان يجسدها دراميا وسينمائيا، تلك الشخصيات التي ساهمت بشكل كبير في انحدار أخلاقيات الشباب الذين وجدوا فيه القدوة والمثل الأعلى، وأصبحت مفردات كلماته في هذه الأعمال هي الأكثر انتشارا، وأفعاله بها ـ المتسمة بالعنف والبلطجة - يقتدي بها أفراد المجتمع صغارا وكبارا، لذا لم يكن غريبا أن يطلب الكثير منا محاكمة محمد رمضان على ما سببه من أضرار بالمجتمع.

 عنف وبلطجة وإسفاف وابتذال هي المحصلة الطبيعية التي كانت تنتجها أدوار محمد رمضان والتي تصيب سمومها المجتمع المصري، وكثيرا ما كنت أسأل نفسي عن إحساسه الداخلي وهو يجد نفسه متهما بسبب تلك الأدوار التي أضرت بمجتمعه، ولكن كنت أجده دائما في عالم آخر بعيدا عن عالمنا عالم يملأه شعور مبالغ فيه بالذات والفخروالتباهي بما حققه من شهره وبما حصده من مال، وكنت على يقين تام بأن محمد رمضان لن يتمكن من التكفير عن ذنوبه التي اقترفها بقصد أو دون قصد الله أعلم؟ المهم أنني كنت واثقة أنه لن يجد الفرصة التي تمكنه من التكفير عن تلك الذنوب.

ولكن فجأة وبخطوات محسوبة ومدروسة تنم عن ذكاء شديد يتمتع به محمد رمضان وجدناه يسلك طريقا آخر له، ويظهر بصورة على النقيض تماما من صورته السابقة، فمن كان يتباهى ويفتخر بما يملكه من أسطول سيارات هي الأحدث والأغلى بالعالم نجده يتفاخر ويتباهي بتبرعه بالملايين للأعمال الخيرية التي تعود بالنفع على أهل مصر من المرضى والفقراء، تصرف نبيل يحسب له رغم اعتراض البعض عليه إلا أنه لم يبالي لتلك الاعتراضات واستند إلى الآيات القرآنية التي تحث على الجهر بالصدقات.

تبرع محمد رمضان لم يكن هو الخطوة الوحيدة نحو إصلاح ما أفسدته أعماله الفنية، بل بذكاء شديد قرر أن يقدم على خطوة أخرى جريئة، فكان قرار التحاقه بالخدمة العسكرية ليؤدي واجبه تجاه الوطن، بإرادته الكاملة أقدم على التجنيد على الرغم من أنه كان بإمكانه الإفلات والهروب منه كما يفعل البعض من الشباب, فما بالك بنجم مثله له شعبيته وشهرته والتي كانت تمكنه من الهروب بسهولة، ولكنه وجد في تجنيده فرصة كبيرة للتكفير عما أقدم عليه من أدوار خلفت آثار سلبية بالمجتمع ورسخت قيم العنف والبلطجة بين الشباب، وبحنكة شديدة وظف موهبته الفنية في أداء أعظم بطولة حقيقية في حياته من خلال أداء دوره بفيلم "حراس الوطن" الذي أعدته الشئون المعنوية والذي صور فيه الحياة اليومية لجندي مجند منذ التحاقه بالخدمة العسكرية بسلاح الصاعقة بالقوات المسلحة مرورا بتدريباته البدنية والعسكرية على أرض الواقع، كل ذلك كان من أجل أن يقدم للشباب المثل والقدوة الحسنة وينمي لديهم قيم الانتماء والولاء للوطن، وليظهر الوجه الحقيقي لمن ينال شرف أداء الخدمة العسكرية.

 هي بكل تأكيد لعبة ذكاء وضربة حظ معا، فلقد استطاع محمد رمضان أن يوظف ذكاءه وموهبته في إزالة الآثار السيئة التي خلفتها أدواره السابقة، وهو أيضا إنسان وفنان محظوظ لأن الفرصة أتت إليه واستطاع أن يبدأ صفحة جديدة من حياته الفنية والإنسانية!