في ظل أزمات وتحديات اقتصادية متلاحقة ومتزامنة تواجه دول العالم، قامت الدولة المصرية بهيكلة الموازنة العامة للعام المالي المقبل بما يتسق مع المستجدات الراهنة ويضع حلولاً وتوقعات للتعامل مع مختلف السيناريوهات.
حيث عملت الدولة على تحقيق الانضباط المالي الكامل في الإنفاق وإعادة تنظيم الأولويات دون المساس بمخصصات برامج الحماية الاجتماعية إلى جانب الصحة والتعليم ودعم الفئات الأكثر احتياجاً، فضلاً عن تطبيق سياسات من شأنها تشجيع الاستثمارات وتحفيز الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية، خاصة قطاعات الصناعة والتصدير، بالإضافة إلى دعم مسار نمو قوي وشامل، وذلك في سبيل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق التعافي السريع لاستكمال مسيرة البناء والتنمية.
وفي هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على موازنة الجمهورية الجديدة التي تدعم نظم الحماية الاجتماعية وتلتزم بالاستحقاقات الدستورية للخدمات، لتعد الموازنة الأعلى إنفاقاً على كل من تحسين جودة حياة المواطن والاستثمارات التنموية، خاصة بعد هيكلتها لمواجهة سيناريوهات الأزمات العالمية.
وأبرز التقرير ملامح موازنة العام المالي 2022/2023، ففيما يتعلق بالإيرادات العامة، أوضح التقرير أنها ستبلغ 1.5 تريليون جنيه عام 2022/2023 مقابل 1.3 تريليون جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022 بنسبة زيادة 15.4%، إلى جانب بلوغ إجمالي المصروفات العامة 2.1 تريليون جنيه عام 2022/2023، مقابل 1.8 تريليون جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022 بنسبة زيادة 16.7%.
وبالنسبة لمستهدفات المؤشرات الاقتصادية خلال العام المالي 2022/2023، أوضح التقرير أن مستهدفات معدل النمو الاقتصادي سجلت 5.5% مقابل 5.7% (بيان مقدر) عام 2021/2022، بينما سجلت مستهدفات العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 6.1% عام 2022/2023، مقابل 6.2% (بيان مقدر) عام 2021/2022.
وبشأن الفائض الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي فقد استهدفت الموازنة تسجيل 1.5% عام 2022/2023 مقابل 1.2% (بيان مقدر) عام 2021/2022، كما سجلت مستهدفات دين أجهزة الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 84% عام 2022/2023، مقابل 85% (بيان مقدر) عام 2021/2022، في حين بلغ متوسط عمر محفظة دين أجهزة الموازنة المستهدف 3.6 سنة عام 2022/2023، مقارنة بـ 3.5 سنة (بيان مقدر) عام 2021/ 2022.
وأبرز التقرير استيفاء نسب الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم قبل الجامعي والتعليم العالي والبحث العلمي بموازنة 2022/2023، ففيما يتعلق بقطاع الصحة فقد بلغت مخصصاته 310 مليارات جنيه عام 2022/2023، مقابل 275.6 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022 بنسبة زيادة 12.5%
أما الإنفاق على الأدوية فيبلغ 14.6مليار جنيه عام 2022/2023، مقابل 13.7مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022 بنسبة زيادة 6.6%، بينما سجلت نسبة زيادة مخصصات دعم برامج التأمين الصحي 50%، حيث بلغت 1.8 مليار جنيه لعام 2022/2023، مقابل 1.2 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022، كما استقر الإنفاق على العلاج على نفقة الدولة عند 7.1 مليار جنيه في موازنة2022/2023، مقارنة بعام 2021/ 2022.
وبشأن قطاع التعليم، فقد بلغت مخصصات التعليم قبل الجامعي 317 مليار جنيه عام 2022/2023، مقارنة بـ 256 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022، بنسبة زيادة 23.8%، إلى جانب بلوغ مخصصات التعليم العالي 159.2 مليار جنيه عام 2022/2023، مقارنة بـ 132.1 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022 بنسبة زيادة 20.5%.
وأضاف التقرير أن مخصصات البحث العلمي بلغت 79.3 مليار جنيه عام 2022/2023، مقابل 64.1 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/ 2022 بنسبة زيادة 23.7%.
وتطرق التقرير إلى حزمة الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية التي اتخذتها الدولة بزيادة الدعم للتعامل مع تداعيات الأزمة العالمية، حيث بلغت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية 356 مليار جنيه عام 2022/2023 مقابل 311.5 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022 بنسبة زيادة 14.3%.
ووفقا للتقرير أيضاً فقد بلغت المخصصات المالية لدعم السلع التموينية ورغيف الخبز 90 مليار جنيه، إلى جانب 22 مليار جنيه مخصصات لتمويل برنامج تكافل وكرامة لتقديم دعم نقدي شـهري لنحـو 4 ملايين أسرة متضمنه 450 ألف أسرة جديدة للبرنامج.
يأتي هذا فيما تم تخصيص ٦ مليارات جنيه للاستمرار في دعم تنشيط الصادرات المصرية، وتوفير المخصصات المالية المطلوبة لسرعة رد الأعباء التصديرية للمصدرين، كما وصلت تكلفة دعم الأدوية وألبان الأطفال 2 مليار جنيه، وتكلفة برنامج توصيل الغاز للمنازل 3.5 مليار جنيه ويستهدف توصيل الغاز لـ 1.2 مليون أسرة، بالإضافة إلى بلوغ تكلفة الدعم النقدي ودعم المرافق للإسكان الاجتماعي 7.8 مليار جنيه، ويستهدف دعم 120ألف وحدة سكنية.
وتناول التقرير الحديث عن حزمة الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية بزيادة الأجور والمعاشات للتعامل مع تداعيات الازمة العالمية، حيث تم زيادة الأجور وتعويضات العاملين بنسبة 12%، لتبلغ 400 مليار جنيه عام 2022/2023، مقابل 357.1 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022.
وتشمل الجهود في هذا الصدد أيضاً تطبيق زيادة المرتبات أول أبريل 2022 بدلاً من أول يوليو 2022، بتكلفة 8 مليارات جنيه سنوياً، حيث تبلغ نسبة زيادة العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية ٨٪ من الأجر الوظيفي بحد أدنى ١٠٠ جنيه شهرياً بعد زيادتها من 7%، وصرف علاوة خاصة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية ١٥٪ من الأجر الأساسي بحد أدنى ١٠٠ جنيه شهرياً وذلك بعد زيادتها من 13%.
يأتي هذا فيما تم زيادة الحافز الإضافي الشهري للمخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بتكلفة 18 مليار جنيه بدءاً من أول إبريل 2022، إلى جانب تخصيص 190.6 مليار جنيه للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصرف زيادة المعاشات بنسبة ١٣٪ بحد أدنى ١٢٠ جنيهاً بدءاً من أول أبريل 2022.
وبالإضافة إلى ما سبق فقد تم تخصيص 8 مليارات جنيه تكلفة سنوية لزيادة حد الإعفاء الضريبي بنسبة 25% من 24 إلى 30 ألف جنيه للتخفيف عن المواطنين، هذا فضلاً عن تخصيص أكثر من 3.6 مليار جنيه لتعيين 30 ألف معلم مساعد و30 ألف طبيب وصيدلي.
وبجانب ذلك فقد استعرض التقرير الإجراءات التي اتخذتها الدولة لزيادة الاستثمارات للتعامل مع تداعيات الأزمة العالمية، مشيراً إلى زيادة الاستثمارات الحكومية بنسبة 9.6%. لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وخلق المزيد من فرص العمل، حيث بلغت 376.4 مليار جنيه عام 2022/2023، مقابل 343.4 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022.
وفيما يخص أبرز بنود هيكل الاستثمارات عام 2022/2023، فشملت 74.9 مليار جنيه لقطاع الشئون الاقتصادية، و64.8 مليار جنيه لقطاع الإسكان والمرافق المجتمعية، و45.2 مليار جنيه لقطاع التعليم، و34.1 مليار جنيه لقطاع الصحة، و7.5 مليار جنيه لقطاع الشباب والثقافة والشئون الدينية.
وتطرق التقرير لأبرز الإجراءات التي اتخذتها الدولة في إطار الأزمة لتشجيع الاستثمار في موازنة 2022/2023، حيث تشمل تحمل أعباء الضرائب العقارية عن قطاعات الصناعة لمدة 3 سنوات بقيمة 3.8 مليار جنيه، إلى جانب تحمل الأعباء المالية الناتجة عن خفض أسعار الكهرباء للأنشطة الصناعية بقيمة 5 مليار ات جنيه سنوياً.
وتشمل الإجراءات أيضاً، توجيه 50% من الاستثمارات الحكومية لمشروعات تتميز بالاستدامة البيئية وتساهم في الحد من الانبعاثات، فضلاً عن إعفاء صناديق الاستثمار والأوعية المستثمرة في البورصة من الضريبة، إلى جانب تجديد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية والأحكام والإجراءات حتى 31 ديسمبر، وكذلك تعديل المعاملة الضريبية لصناديق الاستثمار لتشجيع الاستثمار المؤسسي.
ورصد التقرير الرؤية الدولية لإجراءات الموازنة العامة للدولة، حيث رحب صندوق النقد الدولي بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها مصر لتوسيع النطاق المستهدف للإنفاق على الحماية الاجتماعية وزيادة مرونة سعر الصرف لامتصاص الصدمات الخارجية وتشكيل حاجز مالي قوي خلال حالة الاضطراب وعدم اليقين العالمية الحالية.
وبدوره ألمح البنك الدولي إلى أن مصر اتخذت عدة إجراءات نقدية ومالية استجابة للمستجدات العالمية، مشيرة إلى إعلان مصر تطبيق حزم مالية بموازنة 2022/2023، للتخفيف من تأثيرات الأزمة من خلال رفع الأجور والمعاشات.
ومن جانبها، أشارت ستاندرد آند بورز إلى أنها ترى آفاق نمو قوية نسبياً على المدى المتوسط لمصر مدعومة باستمرار تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، كما لفتت إلى إدراكها بأن موازنة مصر لعام 2022/2023 ستلتزم بتحقيق فائض أولي طموح يصل إلى 1.6% مع نية العودة لتحقيق نسبة 2% بمجرد تلاشي آثار الأزمة العالمية على الاقتصاد.
أما فيتش فقد توقعت أن تستمر مصر في خفض العجز الكلي بالموازنة خلال السنوات المقبلة مع تقلص تكاليف خدمة الدين وضبط سياسات الإنفاق، كما أشارت الإيكونوميست إلى هدف مصر من خلال موازنتها الجديدة لعام 2022/2023، لزيادة الإنفاق التحفيزي، بالإضافة لاستمرار تحقيق فائض أولي بالموازنة.
وأخيراً، علقت المنسق المقيم للأمم المتحدة (إلينا بانوفا) بأن مصر أدخلت بصورة عاجلة سلسلة من الإجراءات الطارئة للتخفيف من الآثار الاقتصادية للأزمة الروسية الأوكرانية، بما في ذلك تخصيص حزم مالية إضافية في ميزانيتها الوطنية لتغطية 450 ألف أسرة جديدة في إطار برامج شبكة الأمان الاجتماعي.