الأحد 19 مايو 2024

العائدون من التنظيمات الإرهابية.. هل يمكن استيعابهم داخل المجتمعات مرة أخرى؟ خبراء يوضحون

التنظيمات الإرهابية

تحقيقات29-5-2022 | 16:33

أماني محمد

تعد قضية العائدين من التنظيمات الإرهابية من القضايا التي تشغل اهتماما عالميا في الوقت الحالي، في ظل مناقشات عالمية عن آلية التعامل معهم ومدى خطورتهم، وهل يمكن دمجهم في المجتمعات أم لا، وتباينت آراء الخبراء في هذا الصدد فهناك من رجح اللجوء إلى إعادة تأهيلهم عبر مراكز تستهدف احتواء تلك العناصر وبدء تغيير أفكارهم المتطرفة ولو بنسبة بسيطة، فيما رأى البعض أن هؤلاء العناصر تستهدف التخريب ولا يمكن استيعابهم داخل المجتمع.

وتلك القضية من المحاور التي من المرتقب أن يطرحها المؤتمر الدولي الأول الذي ينظِّمه "مركز سلام لدراسات التطرف" التابع لدار الإفتاء تحت مظلَّة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم في يونيو المقبل، وذلك بحضور ممثلين عن مجلس الأمن والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية يُناقشون قضايا العائدين وتمويل الإرهاب خلال المؤتمر.

تتضمن محاور المؤتمر الذي سيعقد خلال الفترة من 7 إلى 9 يونيو المقبل تقييم تعامل تجارب الدول مع "قضية العائدين من التنظيمات الإرهابية"، في محاولة للوصول إلى معرفة هل نجح أيٌّ من هذه التجارب في استيعاب العائدين؟ وكيف تعاملت معهم؟ وهل مثَّلوا خطورة على مجتمعاتهم وعلى أبناء جالياتهم؟ وكيف تصدَّت الحكومات لهذه المخاطر؟

مراكز تأهيل

وفي هذا السياق، قال سامح عيد، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، إن قضية العائدين من التنظيمات الإرهابية من القضايا التي تشغل اهتماما عالميا لأن هؤلاء الأشخاص لا يعرفون سوى عناصر التنظيم فقط وينقطعوا عن العالم، مشيرا إلى أن هناك تجارب غربية في التعامل مع العائدين من التنظيمات الإرهابية إلى موطنهم الأصلي يمكن الاستعانة بها.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هناك تجربة أوروبية في التعامل مع العائدين من التنظيمات الإرهابية، من خلال عمل مراكز تأهيل تستوعب هؤلاء العناصر بعد خروجهم من المعتقلات أو السجون أو بعد عودتهم من الخارج من الجماعات الإرهابية بعد تلقيها هزائم عسكرية كبيرة خلال السنوات الماضية.

وأكد أن هناك من الأشخاص من لم يتورطوا في العنف وقضوا مدة حبسهم داخل السجون لذلك يجب إعداد برامج تأهيلية لهم ودمجهم في المجتمعات، مشيرا إلى أنه مع دخول العام التاسع منذ عام 2013 الذي شهد موجة عنيفة من الإرهاب فهناك الحاجة إلى إلزام الذين خرجوا من السجون بالدخول إلى مراكز تأهيل ودعم كما حدث في أوروبا.

وأشار إلى أن العائدين من تنظيم داعش الإرهابي في أوروبا التحقوا بمراكز التأهيل في أوروبا لا تديرها الدولة ولكن المجتمع المدني، بهدف تغيير أفكارهم وإدارة النقاش والحوار ووضعهم في مجتمع مختلف عن المجتمع والتنظيم الإرهابي الذي كان ينتمي إليه، لتوضيح أن هناك نقاط اتفاق في الأفكار الوطنية.

وأضاف أن هذه المراكز يجب أن تستوعب أفكارا مختلفة وتدار وفقا لصياغة فكرية للاستفادة من هذه العناصر أو تغيير أفكارهم لأنهم حتى بعد عودتهم ستظل أفكارهم المتطرفة والإرهابية مخزنة بداخلهم وتظل خطورتهم قائمة لذلك يجب إعادة تأهيلهم وانخراطهم في المجتمع واستيعابهم اقتصاديا واجتماعيا وتوفير فرص بديلة للعمل والدراسة.

وشدد على أهمية حتى لا يقعوا مرة أخرى في براثن تلك التنظيمات الإرهابية التي تستقطبهم من خلال توفير فرص عمل وسفر وإعانات مادية لذلك يجب المبادرة لدمجهم حتى لا يكونوا فريسة لتلك التنظيمات، موضحا أهمية مبادرات الدعم الاجتماعي والاقتصادي من خلال مبادرات تستوعب هؤلاء الأشخاص.

ولفت إلى أن هذه المراكز قد لا تحقق نتائج 100% نجاح لكن نجاحها بنسب أقل هو إنجاز لأنه قد يحول بعض الأشخاص إلى عناصر منتجة تتغير أفكارهم وأنهم يمكن أن يكونوا عناصرا منتجة ومتفاعلة داخل المجتمع بدلا من المجتمع المغلق الذي كان ينتمي إليه داخل التنظيم الإرهابي، مشيرا إلى أن تلك التجارب ستنتج أفكارا جديدة فمراكز التأهيل حققت درجة من درجات النجاح وساهمت في تحريك أفكار البعض بنسب متفاوتة.

مصر محاطة ببيئات حاضنة للمجرمين

ومن جانبه، قال اللواء رضا يعقوب، خبير مكافحة الإرهاب، إن الظروف الراهنة في العالم والصراعات الخارجية مثل الحرب الروسية الأوكرانية تجعل هناك بيئة حاضنة للإرهاب وزيادة انتشار الأسلحة وخاصة في مناطق الصراعات مثل أفغانستان فتقع أجزاء من تلك الأسلحة في يد العناصر الإرهابية في كل أرجاء العالم.

وأوضح يعقوب، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه طالما هناك صراعات أرجاء العالم وانتشار للأسلحة ستستغل التنظيمات الإرهابية ذلك وتعيد تمويل وتسليح أنفسها، مشيرا إلى أن التنظيمات بدأت تهرب من مناطق وتتجه إلى مناطق أخرى مثل الصحراء الأفريقية والدول التي تشهد صراعات في المنطقة مثل ليبيا المنقسمة إلى جزأين في الشرق والغرب وبها حكومتين وصراعات.

وأكد أن هذه الاضطرابات في الدول المجاورة تجتذب العناصر الإرهابية وتكون بيئات حاضنة لهذه التنظيمات، مشددا على أن مصر محاصرة من بيئات تشجع هذه العناصر الإرهابية وتؤويها وتهدد أمن البلاد، لذلك يجب مراقبة تلك العناصر الإرهابية وتحركاتها وهناك مجموعة استطلاع رائعة تراقب تلك العناصر لضبطها.

وشدد على أن القوات المسلحة والشرطة دائما العمل في الحفاظ على أمن مصر، لأن البيئة المحيطة بمصر هي بيئات حاضنة للإرهاب وتهدد المنطقة، لذلك المطلوب اليقظة الدائمة لمراقبة هذه العناصر والقضاء عليها، وهناك عمليات استباقية كثيرة تتم لضبط هذه العناصر وتحركاتها في البلاد.

وأكد أن هذه العناصر جاءت لتمزيق تلك العناصر ويجب الحرص من خطورتهم والتصدي لهم ولا يمكن دمجهم في المجتمع.