الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

هانى شنوده: حفلات اليوم صناعة ضخمة

هاني شنودة

5-6-2022 | 07:46

خالد فؤاد

 

خالد فؤاد

بين الماضى والحاضر، اليوم والأمس، مسافات ومساحات ودون شك أن التطور المذهل، لاسيما فى مجال التكنولوجيا قد ألقى بظلاله على كل شىء، ولم يترك شيئاً إلا وطاله، الحفلات الموسيقية صناعة ضخمة لها جمهورها بالآلاف، طالتها هى الأخرى يد التطوير والاختلاف.. فماذا كانت وكيف أصبحت؟

 حول أبرز ملامح هذا التطوير، ورأيه فى مطربى اليوم والحفلات بين اليوم والأمس يتحدث معنا الموسيقار الكبير هانى شنوده فى الحوار التالى... 

 

فى رأيك.. ما الفرق بين شكل الحفلات قديماً وحديثاً؟

الحفلات قديماً كانت تستوعب عدداً أقل من الجمهور، أما الآن فتستوعب عدداً كبيراً نظراً لوجود الـ«ساوند سيستم» حالياً، الذى أتاح الفرصة لمضاعفة عدد الحاضرين ، فقديماً كانت حفلات أم كلثوم وعبد الحليم فى السينما لا تستوعب اكثر من 500 شخص، لكن حالياً الأعداد زادت فى الحفلات بسبب هذا الـ«ساوند سيستم»، فعلى سبيل المثال حفلة مثل التى أقامها ويجز، وتم تصويرها بالطائرة، كان عدد الشباب الموجود بها كبيراً جداً، وهو ما يظهر خاصة لدى مطربى «الراب» التى طغت مؤقتاً على الأغانى الرومانسية، لكن الأغانى الرومانسية مازلنا نأمل فى عودتها كما كانت قديماً، وأنا على ثقة بأنها ستعود طالما أن الحب موجود، فالأغنية الرومانسية ستظل عماد فن الأغنية طالما أن هناك رجلاً وامرأة ، ومهما اختلفت قوالب تقديمها وشكل الموسيقى المصاحبة لها.

 اعتدنا قديماً على إقامة حفلات «ليالى التليفزيون» و«أضواء المدينة» بالقاهرة.. والآن اتجه الكثير من المطربين إلى الشواطئ والمدن الساحلية فى فصل الصيف لإحياء حفلاتهم.. ما تفسيرك لذلك؟

سعة الأماكن فى القاهرة محدودة، سواء فى الأوبرا أو على المسرح المكشوف، فهى لا تتجاوز 500 فرد، إلا إذا أُقيمت الحفلة فى الاستاد فى المناسبات القومية، وهو ما جعل الكثير من المطربين يتجهون إلى أماكن أخرى أكثر رحابة مثل الساحل الشمالى، لزيادة العدد واستقدام أكبر عدد من الجمهور وزيادة التفاعل مع المطرب، وأيضاً لزيادة الإيرادات عن طريق زيادة عدد التذاكر، وبالتالى تحقيق مكسب كبير للقائمين على الحفل.

من وجهة نظرك ما تفسير تلك الظاهرة.. وهل أنت مؤيد أم معارض لها؟

ليست الفكرة فى كونى مؤيداً أو معارضاً أو حتى فى فكرة الأفضل أو الأسوأ، ولكن لكل زمان شكله الخاص، ولكل وقت ظروفه، فالموضوع يتطور من وقت لآخر، فاليوم هناك ما يسمى «جمهور الشباب»، وعددهم يكون بالآلاف الذين يحتشدون لحضور هذه الحفلات لما يجدونه فيها من محاكاة لأفكارهم وأسلوبهم وتقديم المطربين لهم ما يريدونه من إيقاع سريع وصاخب، يدفعهم للبهجة والاستمتاع حتى إذا دفعوا فى سبيل ذلك مبالغ طائلة.

لازلنا نتذكر الفرق القديمة بنجومها.. أما الفرق الحديثة فمعظمها منسية.. ما تعليقك؟

السبب أن الفرق القديمة تكونت من فنانين بهدف الاستمرار داخل إطار الفرقة، فاستمرت الفرقة فترات كبيرة، أما حديثاً فنجد بعض الفرق يتم تكوينها لفترات محدودة لمجرد الشهرة والعمل، فيتجمعون لفترة محدودة، وبمجرد أن يشتهروا والناس تعرفهم بالاسم، يسعى كل منهم لأن ينال حظه من الشهرة بمفرده ومن ثم يتفرقون.

 وما أسباب افتراق الفرق قديماً؟ 

الفرق قديماً كانت تفترق لأسباب منطقية، فمثلاً فرقتنا «المصريين»، توقفت بوفاة كل من تحسين يلمظ وممدوح قاسم، وسفر كل من منى عزيز وإيمان يونس، بعد أن تركت الفرقة بصمة فى عالم الغناء وقدمت أعمالاً مازالت محفورة فى الوجدان حتى اليوم مثل «ماشية السنيورة» و«ماتحسبوش يا بنات».

فى رأيك كيف جعلت هذه الفرق شكل الحفلة يختلف قبل وجودها عما بعده؟

مع نهاية السبعينيات وبداية حقبة الثمانينيات وظهور الفرق الموسيقية مثل «المصريين» والـ«فور إم» وغيرهما من الفرق التى عزفت الأغانى ومزجت بين الموسيقى الشرقية والغربية، اختلف شكل الـ«ساوند سيستم» وأصبحت الحفلات بعد ما كان يتم نقلها عبر وسيله الإذاعة أو التلفزيون فقط أصبح الاعتماد على فكرة السماعات الكبيرة التى كان يطلق عليها «تاور أو بورج»، وتطور الأمر إلى الاعتماد على مساحات أكبر وآلات أضخم، ثم انتقلت الحفلات مع هذه الفرق وما تلاها مع حقبة التسعينيات إلى الشواطئ، حيث الأعداد غير المحدودة، ويستطيع الأفراد الحضور على مساحات كبرى، الأمر الذى استدعى تطوير شكل المسرح والأدوات الموسيقية.

وماذا عن الاختلاف فى شكل الجمهور نفسه؟

بالتاكيد إن التغيير طال الجمهور المتلقى للأغنية أيضاً، فجمهور زمان كان يجلس على الكرسى ليستمع إلى اللحن والأغنية والجمل الموسيقية والكلمة العذبة ويتفاعل مع المطرب بأذنيه ووجدانه، أما الآن مع أغانى الراب والمهرجانات والإيقاعات السريعة فالجمهور أصبح يقف على قدميه، يرغب فى الرقص والحركه ولا يريد الاستماع إلى كلمه أو لحن، بل فقط يرقص ويتفاعل من خلال الحركة، ونجد مع تطور الزمن أصبح «الشو» والإضاءات و«الفايروركس»، فنجد أن سعر تذكره الحفلة الغنائية نفسه أصبح مرتفعاً لأن الجمهور لا يسمع الصوت فقط.. بل يرى استعراضاً كاملاً.

وكيف ترى عملية المنافسة فى هذا الإطار؟

المنافسة الشرسة بين الفنانين جعلت الجميع يدخل أفكاراً عديدة للمنافسة والتفرد وجذب الآلاف من الجمهور، ويظل السؤال من سيصنع «الشو»، ومن يبهر الحضور فبدأ الرقص يدخل وكذلك الاستعراض والألعاب النارية والكورال الكبير وفتيات الاستعراض، وتحول الأمر إلى ما يشبه الصناعة، فيأتى الفنان يسجل أغنيته فى الاستوديو مع فرقته ويلعب الأغانى المقرر سماعها، ومن ثم يضع المزيكا على «فلاش ميمورى» بعد فصل صوته، ليضع الـ«فلاش ميمورى» على الكمبيوتر فى الحفلة، وتلعب المزيكا ماعدا صوته يطلع للجمهور «لايف» ليتفاعل معه.

 هل تغير ظروف العصر سبب فى عدم استمرارية الفرق بشكل عام؟

لا شك أن أى فرقة أو جماعة تفترق بسبب اختلاف الظروف واختلاف الزمن، لكن هذا لا ينفى تأثر كل جيل بسابقيه، فلا شك أن جيلنا تأثر بجيل العمالقة أمثال أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وغيرهم، وكذلك فقد ترك جيلنا تأثيراً فى الجيل اللاحق مثل مطربى الراب الآن، لكن مطربى الراب والشباب الذين يسمعونهم، هم فقط يريدون الرقص والإيقاع السريع أولاً، فلا أستطيع أن أقدم لهم أغنية مثل «أهواك» و«أنا لك على طول»، فهم لا يريدون هذا اللون، لكن أتصور أنه بعد فترة من التشبع بهذا اللون.. سيركزون ويكونون على استعداد لتقبل ألوان وأنماط غنائية أهدأ.