الأربعاء 27 نوفمبر 2024

إنها مصر الأبية.. فقيرة أو غنية

  • 9-2-2017 | 10:35

طباعة

بقلم –  لواء نصر سالم

ماذا يريد الشعب من رئيسه؟

أن يصارحه؟ هذا حقه؟

أن يقوده إلى تحقيق أهدافه وآماله وغاياته؟ وهذا مؤكد، وإلا لما اختاره ومنحه ثقته وبايعه على الخير والشر.

ولكن ما ماهية المصارحة؟ وما مقدارها؟ وما توقيتها؟ وهل هى مصارحة مطلقة أم نسبية؟

المصارحة هى إعلان الحقيقة، والحقيقة تشمل العمل المراد المصارحة به، ما هو ما هدفه وما توقيته وما مكانه؟

وانتقالاً إلى كون المصارحة مطلقة أم نسبية.. فإن السؤال الأهم هو: من المستفيد من هذه المصارحة؟

والإجابة على هذا السؤال تحددها طبيعة التهديدات والتحديات التى يمر بها الوطن فى هذه المرحلة أو أى مرحلة أخرى، ومدى ارتباطها بقضية الأمن القومى المعقدة التى تتطلب توحيد الرؤى والجهود فى ضوء التطور المستمر فى مفاهيم الأمن القومى التى رسخت فيما مضى انطباعات خاطئة حول قصر إمكانية معالجتها على استخدام القوة المسلحة، وهو مفهوم غير صحيح، تم معالجته بالتركيز على إظهار الأبعاد غير العسكرية للأمن القومى للدولة.

ومن الأهمية بمكان تفهم أن قوة التماسك الوطنى الداخلى هى التى تحدد مقدار قوتنا ونفوذنا على المستويين الإقليمى والدولى.

كما أن الرؤية الشاملة للأمن القومى التى لا ينفصل فيها التهديد الداخلى عن الخارجى والتى تتطلب عمل كافة مؤسسات الدولة فى منظومة متكاملة من التنسيق والتعاون وفى إطار استراتيجية تقوم فيها كل وزارة أو جهاز بدور محدد وتتفاعل فيها كافة قدرات الدولة لتشكيل منظومة الأمن القومى فى مواجهة التهديدات بأبعادها المختلفة داخلياً وخارجياً.

وقدرة الدولة على تحقيق أمنها القومى وتوفير الحصانة الداخلية تجاه أى تهديد خارجى، تتمثل فى قدرة الدولة على حماية حدودها وأراضيها من أى عدوان خارجى، كذلك درجة الرضا الشعبى والمجتمعى عن قدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها، فضلاً عن قدراتها على فرض هيبتها والحفاظ على شرعيتها السياسية، وأخيراً موقف النخب السياسية والاجتماعية فى إطار الصراع على عناصر السلطة والثروة.

ووصولاً إلى النخب وموقفها، وأعنى النخب المتعلمة والعالمة بأصول السياسة وإدارة شئون البلاد، وحق الإدارة التى تدير شئون البلاد فى إدارتها بالشكل الذى تراه بشرط تحقيق الأهداف والغايات المحددة، وهذا ما يجب وما تتم المحاسبة عليه من جانب السلطة التشريعية التى تمثل الشعب فى الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية فى الإطار الذى حدده الدستور وبالكيفية التى لا تعرض أمن البلاد للخطر.

أما ذلك الفريق من الناس الذين يريدون أن يدسوا أنوفهم فى كل الأمور لمجرد إشباع رغبة العلم ببواطن الأمور، أو بعض الإعلاميين الذين يسعون للحصول على السبق بأى ثمن حتى ولو كان تعريض الأمن القومى للبلاد للخطر فقد يكون من المناسب أن نضع أمامنا بعضاً من المفاهيم والمعلومات التى تخص الأمن القومى قبل مناقشة ما يمكن وما لا يمكن نشره من المعلومات.

ماذا يقصد بالأمن القومى؟

يقصد به قدرة الدولة على حماية مصالحها والارتقاء بها ومواجهة مصادر تهديدها الداخلية والخارجية، أى قدرتها على تعبئة مواردها البشرية والمادية، السياسية منها والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والثقافية والاجتماعية بهدف حماية كيان الدولة وتأمين حياة كريمة لشعبها.. وبمعنى آخر.. قدرة الدولة فى الحفاظ على بقائها بكامل سيادتها على أرضها فى نسيج شعبى ووحدة وطنية متماسكة وفى مأمن من الأطماع والتهديدات الداخلية والخارجية مع تهيئة الظروف التى تكفل تحقيق السلام والاستقرار اللازمين للتقدم والتنمية وصولاً إلى الرخاء والرفاهية.

وبنظرة سريعة على بعض التهديدات والمخاطر التى تحيط بنا نلاحظ الآتى:

تزايد الخلل فى موازين القوى فى منطقة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل التى لا تخفى أهدافها التوسعية والتى لا يجب أن نأمن جانبها مهما عقدنا بينها من معاهدات.

النشاط الإرهابى المتزايد والمحيط بنا من كل الجهات سواء فى سيناء أو التهديد القادم من الغرب خاصة مع انتقال نشاط عناصر «داعش» إلى الأراضى الليبية وتهديدها المستمر لمصر.

تعاظم أدوار القوى الإقليمية غير العربية ) إيران، تركيا، إسرائيل) وأطماعها فى الحصول على دور أكبر من قدرها على حساب الدور المصرى خاصة والعربى بصفة عامة.

محاولة دفع مصر للانضمام إلى مبادرة التعاون الدفاعى الأمريكية وخاصة بعد موافقة الدول الخليجية والأردن على الانضمام إليها، وما تمثله من تهديد للأمن القومى العربى والمصرى وتساهم فى تفكيك النظام الجماعى العربى.

الاستراتيجية الجديدة لحلف شمال الأطلنطى (الناتو) التى أطلقت حرية العمل العسكرى للحلف فى منطقة الشرق الأوسط تحت دعاوى الحفاظ على المصالح الأوربية والغربية ومقاومة الهجرة غير الشرعية دون الرجوع للمنظمة الدولية.

وعلى الصعيد الاجتماعى استثمار تداعيات ما أطلق عليه ثورات الربيع العربى فى زيادة التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية تحت ستار دعم مطالب الشعوب المناهضة للأنظمة الحاكمة.

فى مواجهة هذه التهديدات الظاهرة والمعلنة بخلاف ما لم يعلن وما لا نعلمه هل يجوز التنازل عن توفير قدرات شاملة بصفة عامة وهى القدرات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والاجتماعية والتكنولوجية والمعلوماتية إضافة إلى القدرة العسكرية بصفة خاصة، وبالشكل والقدر الذى يضمن الحفاظ على أمننا القومى؟

إن القدرة العسكرية تحديداً لا يمكن التفريط فيها بحجة نقص الموارد فهى المعنية بصد أى عدوان على باقى قدرات الدولة ومرافقها واقتصادها بمعنى أن أى قدر من التوفير والنقصان فيها سيكلف الدولة أضعاف ما يتم توفيره بحجة نقص الموارد.

والقوة العسكرية تحقق فى مستواها الأول القدرة على صد العدوان، أما المستوى الثانى وهو ما يتوازن مع قدرات العدو أو يزيد عليها فإنه يوفر ويحقق عامل الردع أى يمنع الأعداء من التفكير فى الاعتداء علينا من البداية.

والقوة العسكرية هى أداة الحرب والحرب خدعة - كما قال الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه- وأيضاً قوله «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» ولأن الخدعة هدفها تحقيق المفاجأة على العدو فإن عناصر المفاجأة تشمل إخفاء الوقت والمكان ونوع وحجم التسليح وأخيراً الأسلوب أو الطريقة التى يتم استخدامها.

وبقدر ما لدى العدو من معلومات يستطيع أن يخطط ويدير أعمال قتاله ضدنا وبقدر ما يعلم ويقدر عن قدراتنا وما لدينا من احتياطيات وقدرات، يكون نجاحه أو فشله فى مواجهة جيوشنا وشعوبنا.

إن مصر الآن فقيرة مواردها، ولكنها غنية بشعبها وسواعدها، أبية بإرادتها.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة