الثلاثاء 14 مايو 2024

الغنوشى» يطلب وساطة السعودية للمصالحة و«القرضاوى» يطالب بالمراجعات «ترامب» يبدأ العد التنـازلى لــ «أســود أيام الإخـوان»

9-2-2017 | 11:21

تقرير: مروة سنبل

الجدل والنقاش لا يزال مستمرا، لكن التوجه العام يسير ناحية تصنيف الإخوان جماعة إرهابية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو تصنيف سيقضى بفرض عقوبات، هكذا يمكن وصف المشهد الحالى الذى تتعرض له جماعة الإخوان على الأراضى الأمريكية، وتحديدا بعد دخول دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى الجديد، المكتب البيضاوى.

إدارة «ترامب» التى تجنح إلى إعلان “الإخوان” جماعة إرهابية يوجد داخلها فصيل يقوده مستشار الأمن القومى لـ”ترامب”، مايكل فلين، يرغب فى إدراج جماعة الإخوان إلى قائمتى وزارتى الخارجية والخزانة الأمركيتين للمنظمات الإرهابية الأجنبية، كما أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون يتخذ موقفا ضد الجماعة والذى وصفها خلال جلسة المصادقة على تعيينه فى مجلس الشيوخ بأنها «بوق للإسلام المتشدد»، ويأتى ذلك بالتزامن مع توجه داخل الكونجرس بتقديم أعضاء بارزين فى مجلس الشيوخ الأمريكى، بينهم السيناتور تيد كروز مرشح الرئاسة السابق، مشروع قرار لإدراج جماعة الإخوان فى قائمة المنظمات المحظورة، واعتبر «كروز « أن مواصفات المنظمات الإرهابية تنطبق على الجماعة.

فى المقابل أعلن راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة الذراع السياسية لجماعة الإخوان بتونس أنه طلب من السعودية التوسط لدى مصر للمصالحة مع الإخوان، مشيرا إلى أن ذلك حدث خلال لقاء جمعه بالأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودى، حيث طلب منه الوساطة لتهدئة الأجواء، واستند «الغنوشي» فى دعوته للمصالحة إلى أن العالم العربى فى الوقت الحالى مصاب بالعطب، نتيجة للوضع المصري، مؤكدًا أن معالجة الحالة المصرية ستساعد فى معالجة أوضاع العالم العربى ، تحركات جديدة أيضا يقودها يوسف القرضاوى من أجل لململة شتات الجماعة، بعد انشقاقها إلى فريقين الأول بزعامة القائم بأعمال مرشد الإخوان محمود عزت، والثانى كان يقوده القيادى فى الإخوان محمد كمال الذى قتل فى تبادل لإطلاق النار مع الشرطة. وعقد «القرضاوى» لقاءات عدة فى قطر مع أطراف الفريقين، إضافة إلى القيادى فى التنظيم الدولى للجماعة إبراهيم منير، وتعتمد تلك المساعى على إحداث تغيير فى القيادة العليا للجماعة بالدفع بجيل الوسط، مع إجراء مراجعات فى إستراتيجية الإخوان باعتماد التهدئة مع السلطة المصرية ومحاولة الوصول إلى تفاهمات. ويراها المراقبون خطوات استباقية ينتهجها الإخوان بهدف تجنب اتخاذ الإدارة الأمريكية الجديدة أية إجراءات ضد التنظيم الدولى والكيانات التابعة له ، يأتى ذلك تزامنا مع قيام اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا الذى يعد أحد الكيانات التابعة للإخوان، ويضم هيئات ومؤسسات إسلامية تنتشر فى نحو ٣٠ دولة ، باتخاذ خطوة مفاجئة بإعلانه رسميا فك الارتباط بجماعة الإخوان ؛ بعد اجتماع عقده ممثلى كيانات الاتحاد فى إسطنبول بتركيا، الخطوة الذى يصفها المحللون بالإجراء «التكتيكي» لتجنب أى تغييرات متوقعة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة فى ظل الحديث عن توجه دونالد ترامب وإدارته بقوه نحو إدراج الجماعة «إرهابية».

المعايير الثلاثة للـحـظر

وعن مواصفات المنظمات الإرهابية وفقا للقانون الأمريكى تفرض اللائحة بأن يتفق وزيرا الخارجية والعدل على أن الجماعة تنطبق عليها الشروط والمعايير، وفقا لنص المادة ٢١٩ من قانون الهجرة والجنسية الأمريكى، وتحدد هذه المادة ثلاثة معايير أساسية لوضع أى منظمة فى لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، أولها أن تكون منظمة أجنبية، أما المعيار الثانى فهى الاشتراك فى أنشطة إرهابية وهذا يتطلب تقديم أدلة دامغة ودقيقة، بينما المعيار الثالث أن تهدد تلك الأنشطة الإرهابية الأمن القومى للولايات المتحدة.

مشروع القانون المقدم فى الكونجرس -والذى أطلعت «المصور» على نسخة منه - استند على أن الولايات المتحدة سبق وأن صنفت عناصر لجماعة الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية، وتشمل حركة حماس، التى تعرف كونها « أحد أجنحة الإخوان «، وتم تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الرئيس ويليام جيفرسون كلينتون «بيل كلينتون» يوم ٢٣ يناير ١٩٩٥، ومن قبل وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت فى ٧ أكتوبر ١٩٩٧، بموجب المادة ٢١٩ (أ) من قانون الهجرة والجنسية، أيضًا لجنة الدعوة الإسلامية لجماعة الإخوان الكويتية («لجنة الدعوة الإسلامية»)، والتى تم تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الرئيس جورج دبليو بوش فى ٢٣ سبتمبر ٢٠٠١، بموجب الأمر التنفيذى رقم ١٣٢٢٤ ووزير الخارجية كولن باول فى ٩ يناير ٢٠٠٣، بموجب نفس المادة، واستند أيضًا مشروع القانون المقدم فى الكونجرس على العديد من الوقائع لممارسات الإخوان فى عدة دول من بينها مصر.

أهـم العقـوبات

وفى حال تصنيف الإخوان جماعة إرهابية من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة تنتظر الجماعة عدة عقوبات بموجب القانون الأمريكي، أولها منع دخول أى مواطن غير أمريكى على صلة بتنظيم الإخوان إلى الأراضى الأمريكية، وأن يخضع داعمو الجماعة سواء ماديا أو بأى شكل من الأشكال لقانون العقوبات الأمريكى، إلى جانب تجميد أرصدة الهيئات والأفراد الذين لهم علاقة بالجماعة، وتصبح أى منظمة غير حكومية سواء كانت مؤسسة خيرية أو بحثية على صلة بالإخوان «غير قانونية» ما يعزز من ملاحقتها قضائيا بموجب القانون الأمريكى.

ويمنح القانون الأمريكى للجماعة الحق أن تتقدم بطلب إلى محكمة الاستئناف للاعتراض على إدراجها على لائحة المنظمات الإرهابية خلال ٣٠ يومًا من نشر التصنيف فى السجل الفيدرالى.

ووفقا للقانون الأمريكى، فإنه يصبح على المنظمة الموضوعة على قائمة الإرهاب أن تقدم الأدلة لتبرير رفعها من تصنيف المنظمات الإرهابية.. ويستغرق هذا الإجراء فترة طويلة من المراجعات، ثم يُطلب من وزير الخارجية مراجعة التصنيف أو إلغاءه إذا كان هناك من الأدلة ما يستوجب الإلغاء، ويجوز إلغاء تصنيف المنظمة على لائحة الإرهاب بموجب قانون صادر من الكونجرس أو بأمر من المحكمة.

وللوقوف على حقيقة ما يجرى حاليا فى الداخل الأمريكى تجاه الإخوان، أعرب أحمد صوان عضو اللجنة الاستشارية للحزب الجمهورى بالكونجرس الأمريكى فى تصريحات خاصة لـ«المصور» عن تأييده إدراج الجماعة فى قوائم الإرهاب، مؤكدا أن الأمر يخضع للنقاش حاليًا وأنه هناك اتجاه قوى نحو هذا الأمر داخل إدارة الرئيس ترامب.

وأضاف «صوان» قائلا: يسمح القرار، حال تمريره لوزير الخزانة العامة الأمريكي، بمطالبة المؤسسات المالية الأمريكية إيقاف كل المعاملات المالية، التى تتضمن أصول خاصة بالجماعة ما سيحد من مصادر تمويلها، الأمر الذى يشكل ضربة قوية للتنظيم خاصة أنهم يتمتعون بمميزات كبيرة داخل الولايات المتحدة من خلال جمع التبرعات ونقل الأموال.

وألمح «صوان» بأن وزير الخارجية الأمريكية يعتبر جماعة «الإخوان» إرهابية، ويوجد توافق بين الخارجية والأمن القومى على اعتبارها تنظيمًا إرهابيًا.

كما أكد أن إدارة الرئيس «ترامب» تدرس بجدية تصنيف الإخوان منظمة إرهابية وإخضاعها للعقوبات الأمريكية، ما سيترتب عليه تجريم أى اتصالات سياسية أو تتعلق بالبيزنس مع الجماعة بموجب القانون الأمريكي، مشددا على أن هذا القرار سيحد من نشاط التنظيم فى أمريكا وأيضًا فى أوروبا إلى حد كبير.

محاولات للصلح المتكررة

أما عن تداعيات القرار ومحاولات الصلح، التى أعلن عنها راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، بتونس بطلب وساطة سعودية للتوسط لدى مصر للتصالح مع الإخوان لتهدئة الأجواء، قال ماهر فرغلى المتخصص فى الحركات الإسلامية: الحديث عن المصالحة لن يغير من الأمر شيء، حيث أن إدارة ترامب ترى أن الإخوان فصيل متشدد وجزء من صناعة الإرهاب، لذا أتوقع أن يصدر هذا القرار قريبًا.

وأضاف: القرار المزمع صدوره من الإدارة الأمريكية بشأن تصنيف الإخوان إرهابية، سوف يؤثر بشكل بالغ على أنشطة الجماعة حول العالم، كما سيؤثر على تمويلها، لأنه سيحظر على أى مواطن أمريكى التعامل مع أى شخص أو جهة أو تنظيم تابع للجماعة، ما سيؤثر على جهود الإخوان فى الداخل الأمريكى، ومن المعروف أن الجماعة لها أكثر من ١٠٠ جمعية، واتحاد ومنظمة داخل الولايات المتحدة أغلب نشاطاتها إعلامية واقتصادية فى الداخل الأمريكى لتمويل نشاطات الإخوان حول العالم.

وتابع قائلا: أكبر محدد للقوة بالنسبة لتنظيم الإخوان هو العامل الخارجي، فهو نقطة القوة الرئيسية، التى يعتمد عليها تنظيم الإخوان فى أنشطته، وبالتالى فالقرار الأمريكى سيوجه ضربة قوية للجماعة.

وعن الخطوات المتوقع أن تلجأ الجماعة إليها لمواجهة القرار حال اتخاذها قرار التصنيف، قال «فرغلى»: جماعة الإخوان لها أوراق ضغط فى الداخل الأمريكى ولها اتصالات بأعضاء فى الكونجرس ولها جمعيات متنوعة ومتعددة، وبعض التقارير فى الإدارة الأمريكية تشير إلى أن أى إجراء أمريكى لتصنيف الإخوان بالكامل كمنظمة إرهابية قد يؤدى إلى تعقيد العلاقات مع أنقرة، التى تعد حليفا رئيسيا لواشنطن فى الحرب على تنظيم داعش، ولاسيما أن القيادة التركية يتزعمها «حزب العدالة والتنمية» ذو الخلفية الإسلامية، وهناك أيضًا حزب النهضة فى تونس، ولكن الاتجاه العام داخل إدارة «ترامب» يذهب ناحية أن الإخوان إرهابية، والجماعة ذاتها تدرك خطورة ذلك فهى تتجه إلى مسارات أخرى فى كندا ولندن وبعض العواصم الأوربية لإعادة جدولة التنظيم من جديد.

من جانبه رأى سامح عيد، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن دعوة التصالح التى يقودها الغنوشى بوساطة سعودية تتوقف على آليات هذا التصالح، معتبرا أن خطوة إخوان تونس «غير موفقة» مشيرا إلى أن المشكلة تكمن هنا فى طرح التصالح مع الإخوان بإعطاء صيغة التنظيم، وهو أمر مرفوض فلن نقبل باستمرار الوضع الذى كان عليه الإخوان أيام مبارك، ولابد من إنهاء فكرة التنظيم.

وأكد «عيد» أن جماعة الإخوان تواجه منعطفات خطيرة وتمر بمأزق كبير على مستوى العالم، كما يواجه التنظيم داخل مصر انشقاقا كبيرا، فضلا عن حالة الرفض الشعبى الكبيرة ضد الإخوان وهى أزمات لم يشهدها التنظيم منذ التأسيس.مشيرا إلى الجماعة قد خارت قواها فى مصر وتعانى من أزمة كبيرة ، وأن حديث الإخوان عن مراجعات للتنظيم هنا تأتى من باب التراجع عن الأفكار من حيث التكتيك والموائمات والضرورات والمحظورات من ناحية البعد عن العنف وعدم مناهضة الدولة، لكنها مراجعات لم تصل لأدبيات الجماعة وميراثها الفكرى ، مؤكدا على أنه لن يتخلى الإخوان مثلا عن فكرة الخلافة والدولة الإسلامية لأنه من الصعب أن يتخلوا عن أيدلوجياتهم ومشروعهم الأصلي.

وحول تداعيات إعلان اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا تخليه عن الإخوان وانفصاله عنها ، يقول سامح عيد: معظم المنظمات الإسلامية التى كانت تحت جناح تنظيم الإخوان بدأت الانفصال عنها بشكل إداري، مشيرا إلى أن الاتحاد انفصل كهيئة عن تنظيم الإخوان، لكن هذا لا ينفى استمرار أعضائه فى انتمائهم للجماعة كأفراد. ويؤكد عيد على أن اتحاد المنظمات بأوروبا والكيانات التابعة للإخوان بالخارج تخشى وقوع أى عقوبات على التنظيم فى ظل إدارة الرئيس الأمريكى الجديد، والذى توعد كثيرا بحظر الإخوان فاتخذت خطوات استباقية « تكتيكية « بإعلان الانفصال تخوفا من تلك العقوبات، بينما سيستمر التعاون مع الجماعة فى الخفاء.

بينما قال هشام النجار، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية: مبادرات التصالح التى طرحها عدد من وسطاء الإخوان وأتباعهم متكررة طوال السنوات الماضية وليست المرة الأولى، التى يعلن فيها الغنوشى مثل هذه المبادرات.

وتساءل «النجار» عن آليات هذا التصالح قائلا: لم يحدث أى تغيير على الأرض يجعلنا نقول بإمكانية التصالح مع الإخوان، بل على العكس تزايدت عمليات العنف من خلال خلاياهم المسلحة وعلى رأسها حركة حسم، الذراع العسكرية للإخوان تحت ذريعة ثورية.

وقال أيضًا: المبادرات التى تدعو الجماعة إليها لا تتعدى كونها خطوة استباقية للجماعة بأنها تخلت عن العنف، وربما كانت مبادرة الغنوشى للصلح، التى تحدث عنها مؤخرا ما هى إلا دعوة لإحراج مصر دوليا، كما أن الظروف الحالية لا تسمح بمصالحة مع الإخوان، وهناك شروط يجب أن تتحقق قبل أن تحدث المصالحة من بينها التوقف عن أى أعمال إرهابية تهدد استقرار الوطن، فالمصالحة مع الإخوان تخص الشعب وعليهم الالتزام بشرعية ٣٠ يونيه، وعلينا أن ندرك أيضا أن «الغنوشى» يريد المصالحة من أجل إنقاذ الإخوان، فمحاولاته من أجل مصلحة التنظيم وليس من أجل مصلحة مصر.

ويتفق النجار مع الرأى السابق معتبرا أن كافة تحركات التنظيم وقياداته دوليا و انفصال كياناته بالخارج عن الجماعة تأتى كخطوات استباقية، تخوفا من إدارة «ترامب»، التى توعدت بإدراج الإخوان منظمة إرهابية، وتابع : ما يهم اتحاد المنظمات بأوروبا ألا يلحق به تلك الصفة، ويعوق نشاطه المجتمعي، وينعكس سلبا على التمويلات التى يتلقاها، ومن الممكن أن يعرضها للتوقف والمسائلة. مشيرا إلى أن الجماعة تحاول فى الوقت الحالى تسوية أزماتها السياسية، والحفاظ على آخر أوراقها سواء فى الداخل والخارج، واللعب على النشاط المجتمعى والدعوى الذى من خلاله تحاول العودة إلى المشهد السياسى من جديد.

 

    Dr.Radwa
    Egypt Air