الجمعة 24 يناير 2025

بالصور.. تزوير الأختام بـ«ثمن بخس» على أرصفة العتبة

  • 18-7-2017 | 16:37

طباعة

تحقيق ــ خلود الشعار

 

 

"يا آنسة مش عايزة أي ختم بسرعة".. من هنا تبدأ قصة تزوير الأختام مع كل شخص يبحث عنها بحذر بين حرفيين الأرصفة بمنطقة العتبة، فبمجرد ترجلك في شارع محمد علي، تجد المنطقة مقسمة لأجزاء صغيرة، يجلس في كل جزء منها حرفي متخصص في صناعة الأختام واللافتات، يضع أريكة مليئة بالأختام المختلفة، التي لن تراها إلا في التعامل مع شركة أو مؤسسة ما، والعجيب في هذا الأمر أن قسم الموسكي يقع في الجهة المقابلة للشارع، كما أن هؤلاء الحرفيين ينتشرون في محيط الشركات الرسمية المعتمدة لصناعة الأختام بعد استيفاء الأوراق الرسمية.

السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يتم السماح لهذه المنصات بصناعة أختام خطيرة؟، وربما تصل إلى التزوير في العلن بالرغم كونها غير قانونية؟، فضلًا عن أن صناعة أي ختم هناك لن يستغرق وقتًا طويلاً.

 

وقعت عدة حوادث وخسائر مادية للبعض في الفترة الأخيرة نتيجة تزوير الأختام، وتمكنت الرقابة الإدارية من ضبط عدد كبير من الأختام المزورة تحمل أسماء جهات رسمية مختلفة.

 

شركات صناعة الأختام

وأثناء تجولك في المكان تجد عدة شركات لصناعة الأختام، بجانب هذه المنصات المتراصة، وتوجنا إلى أحدى الشركات التي تحمل اسم "الترقي لصناعة الأختام"، فقال طارق عاصم، مدير الشركة، إن صناعة الأختام تتطلب توافر مجموعة من الأوراق الرسمية حتى يتم صناعة الختم اللازم بشكل قانوني.

 

وأضاف عاصم، أن الأختام الحكومية تتطلب وجود جواب رسمي موجه للشركة ويتم ختمه من هذه الجهة الحكومية، وبناءً على هذا يتم عمل الختم المطلوب، مشيرًا إلى أن شركات القطاع الخاص يتطلب منها تقديم أوراق البطاقة الضريبية والسجل التجاري لهذا القطاع، وذلك تأكيدًا على قانونيتها.

وعن صنع ختم النسر تحديدًا، قال إن مصلحة "صك العملة" هي الجهة الوحيدة المعنية بصناعة هذا الختم، حيث إنه غير مصرح بصناعته لأي شركة أو شخص، مشيرًا إلى أن هذه المنصات أو الأكشاك كما وصفها تعمل بدون ترخيص، فضلًا عن استخدامها مواد يدوية مثل "الكاوتش" والتي تسهل الحفر عليها، فهناك فرق بين الأختام السليمة والأخرى المزورة، الأمر الذي يمكن كشفه بمجرد النظر إلى الختم،خاصة أن الختم السليم لا يمكن صناعته بشكل يدوي.

 

واختتم حديثه:"أن أماكن صناعة الأختام تعمل تحت رقابة هيئة الأموال العامة للتزييف والتزوير، ويتم متابعة هذه الأماكن أسبوعيًا بالتفتيش والرقابة"، لافتًا أنه هناك أماكن عدة متفرقة في القاهرة تقوم بصناعة الأختام.

 

بينما قال مصطفى سيد،أحد العاملين في شركة "المنى" لصناعة الأختام، إنه قديمًا كان يصعب على الأشخاص تزوير الأختام، لكن التطور التكنولوجي وظهور الآلات الحديثة سهلت هذا الأمر.

 

وأضاف سيد:" أن صناعة الأختام ليس أمرًا بسيطًا، حيث أنها تتطلب عمالة كبيرة، لأن عملية تصنيع الأختام تمر بالعديد من المراحل"، مشيرًا إلى أنه لتأكد من الأوراق التي يقدمها من يريد عمل ختم، تقوم الشركة بإرسالها لمباحث الأموال العامة لتحري الدقة ومدى صحتها، وتحدد عما إذا كان سيتم تسليم الختم لهذه الشركة أو الشخص أم سيتوجه للمباحث للتعرف عن أسباب المنع.

 

وأكد، أن صناعة الأختام صعبة وخاصة الملونة، التي يمكن أن تظهر بأكثر من لون على الأوراق، وتصنيع مثل هذه الأختام يتم في شركات قليلة، حيث إنها تحتاج إلى نوع خاص من الماكينات والآلات، وهو ما يلقي إقبال كثير من قبل القطاعات والجهات المختلفة الهامة.

 

أختام مزورة

وخلال العودة لشارع محمد علي مرة أخرى، والتوجه إلى أحد هذه المنصات دون الإفصاح عن الهوية الصحفية، والطلب من صاحب المنصة عمل ختم نسر لشركة إعلانات، فلم يسأل عن أي أوراق رسمية عن الشركة لتوثيق الختم، قائلا:" هعملك الختم اللي أنت عوزاه أهم حاجة الفلوس"، وسأل عن أسمها لعمل الختم، ثم قُال لي "عايزه الختم بكام ؟"، لنتأكد أن هذه المنصات تعمل بشكل غير قانوني، بل تبحث عن جني الأموال فقط.

 

وللتأكد من مدى قانونية هذه المنصات، تم التوجه إلى منصة أخرى، والإفصاح عن الهوية الصحفية والغرض من الأسئلة، فقال أحمد، أحد أصحاب إحدى المنصات، إنهم يعملون بشكل قانوني، بعلم مباحث الأموال العامة، التي تمر بهذا الشارع وتري هذه المنصات يوميًا.

 

وأكد، أنه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 3 سنوات، ولم يرى أي من هذه المنصات تخترق القانون، أو يعمل دون الحصول على أوراق رسمية من الشركة أو الشخص، مشيرًا إلى أنه لم يلجأ لفتح محل لهذه المهنة لأن أسعارها مرتفعة للغاية، حيث يصل إيجار المحل في شارع محمد علي لـ 6000 آلاف جنيه وأكثر، بل يبلغ سعر شرائه حوالي نصف مليون جنيه.

 

وأضاف، أن أغلب هذه المنصات تستخدم مادتي "السريل والكاوتش" في تصنيع الأختام، حيث أن الكاوتش يستخدم إذا كان الزبون يريد الختم سريعًا فلن يستغرق صناعته 10 دقائق، ولكن السريل يستغرق حوالي 8 ساعات بسبب صعوبة الحفر عليه.

ومن هاتين الروايتين، يتضح تناقض كبير بين أصحاب هذه المنصات.

 

رقابة أمنية

اللواء خالد هشام، رئيس مباحث الأموال العامة، قال إن المحلات التي تعمل في مجال صناعة الأختام مراقبة من قبل مباحث الأموال العامة، حيث إنه هناك دوريات تمر أسبوعيًا عليهم للمتابعة والرقابة.

 

وأضاف "هشام"، أن صناعة الأختام لم تتم بشكل عشوائي، لما تحمله من خطورة في حالة وجود أختام مزورة، مما يساعد على تعدد الحوادث المختلفة، مشيرًا إلى أن تقديم الأوراق الرسمية هو شرط الختم السليم، وبدون هذا الأمر يعتبر الختم مزورًا.

 

كوارث التزوير

اللواء أشرف محمد رياض، الخبير الأمني، قال إن الرقابة وحدها لا تكفي، فيجب أن يتم تفعيل قانون العقوبات وتشديدها، مضيفًا أنه يمكن للدولة أن تخصص جهة معينة خاصة بصناعة الأختام فقط وتكون تابعة للرقابة الإدارية، حتى يتم إحكام الرقابة والقضاء على عمليات التزوير التي انتشرت بكثرة في الفترة الأخيرة.

 

وأكد "رياض" أن المحلات المتخصصة في هذه الصناعة يكون هدفها الأول والأخير هو الربح فقط، ولا تهتم بمدى قانونية عملها من عدمه، مشيرًا إلى أن الأختام المزورة تؤدي إلى حدوث عدة كوارث مثل عمليات النصب والاختلاس وغيرها.

    الاكثر قراءة