مازالت تركيا تصر على ممارسة دور هدام في سبيل وحدة الشعب الليبي واستقرار بلاده بعد موجة من الفوضى تضرب وجه الحياة فيه بمحاولة قطع الطريق على اي محاولات للوصول الى اتفاق من شأنه أن ينهي الصراع بين حكومتين احداهما شرعية وأخري تتمسك بتلابيب السلطة تحت ذرائع شتى.
ولايمكن لأي مراقب للشأن الليبي أن يتجاهل زيارة رئيس الوزراء ووزير الدفاع بحكومة الوحدة في طرابلس عبدالحميد الدبيبة وعدد من قادته العسكريين إلى مدينة أزمير التركية للمشاركة في المناورات العسكرية التركية بمشاركة ما يزيد على 25 دولة من بينها ليبيا حيث عقد الدبيبة اجتماعاً مع وزير الدفاع التركي خلوصي آكار بحضور تحت عنوان عام بل يبدو مضلل وهو دعم برامج التدريب والتطوير للجيش الليبي ومناقشة التعاون بين البلدين .
وهنا لم يعد ميل الجانب التركي إلى حكومة الدبيبة - والتورط في النزاع على رئاسة الحكومة بين الدبيبة ورئيس الوزراء المكلف من البرلمان فتحي باشاغا- خافيا على احد وأن تركيا لن تقف متفرجة إذا سعى أي طرف إلى محاولة دخول طرابلس بالقوة العسكرية من جديد، كما فعل باشاغا أخيراً، خصوصاً مع استمرار وجودها العسكري في العاصمة الليبية .
كل تلك الإشارات تؤكد أن ليبيا على وشك جولة جديدة من الصراع الذي حذرت منه مصر حين أعلنت أن تجاوز خط سرت الجفرة يعلن بشكل واضح انخراط مصر وتدخلها عسكريا لمنع ارباك المشهد وحفاظا على عمقها الاستراتيجي وما يؤكد أن الأمور قابلة للاشتعال هو حثت وزارة الخارجية الأمريكية رعاياها على تجنب السفر إلى ليبيا ضمن بلدان عدة أخرى لدواع أمنية وصنفت ليبيا في المستوى الرابع للدول المعرضة للخطر.
وعلى الرغم من أجواء التفاؤل التي ترتبت على الجولة الثانية للحوار الدستوري في القاهرة،باعتبارها خطوة مبشرة وتقدم مهم يجب البناء عليه لحل العقدة الرئيسة في مفاوضات المسار الدستوري، وهي قانون الانتخابات الرئاسية تحاول تركيا افتعال نزاع جديد يعرقل الوصول إلى انتخابات ستكون بالتأكيد بداية شرعية لخروج الليبيين من المأزق وتنهي أيضا وضع الميليشيات والكرتزقة الذين يؤرق وجودهم استقرار ليبيا ويمنعها من وجود كيان سياسي مستقر يدير شئون البلاد بمناى عن تدخل الأطراف الأجنبية التي لا تكترث طويلا باستقرار ليبيا أو عبورها عنق الزجاجة.
حيث يخشى أن يتكرر مع ما حدث في حوار المغرب، حيث تم تأجيل النقاش بشأن قانون الترشح للرئاسة للمرحلة الأخيرة، ولم يتم الاتفاق عليها ليصدر البرلمان القانون بشكل منفرد، قبل أن يفشل الاستحقاق الانتخابي ويساعد في ذلك رفض هيئة صياغة الدستور الليبي استبدال المسودة الدستورية، التي أعدتها بقاعدة مؤقتة للانتخابات، وأنها طالبت مجلسي النواب والدولة وأعضاءهما المجتمعين في القاهرة بالاتفاق على قانون الاستفتاء وطرح مشروع الدستور المنجز من قبل الهيئة المنتخبة من الشعب، على الاستفتاء العام من دون أي تعديل وترك الخيار للشعب الليبي لقول كلمته بشأنه وزادت الأمور تعقيدا حين أكدت أن خيار غير الذهاب إلى مرحلة الاستفتاء على مشروع الدستور وإنجاز الدستور الدائم للبلاد، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على أساسه هو إطالة للأزمة السياسية في ليبيا إذن ليبيا تسير إلى طرق يحمل بين جنباته مزيدا من الانقسام والصراع.
إن اجتماع القاهرة المرتقب المنوط به اتمام باقي بنود القاعدة الدستورية التي ستجري عبرها انتخابات في ليبيا وخاصة ما يتعلق بنقاط الخلاف بين أطراف النزاع والتي تمثل 30٪ بعد ان أتموا أكثر من 70٪ من تلك القاعدة احتماع غاية في الأهمية فمن ناحية سيكشف لليبيين من الطرف المتسبب في تعميق الأزمة ومن أيضا الأطراف الدولية التي تساعده على ذلك حيث ينتظر الجميع ما ستسفر عنه تلك الجولة خاصة مع وجود دعم دولي كبير منها جهود بذلتها مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز صاحبة المبادرة قبل ثلاثة أشهر بإجراء جولات في شرق ليبيا وغربها فهل تتجاوز ليبيا محنتها ام نحن أمام ارهاصات جولة جديدة من الصراع المسلح.