أكد المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية الدكتور مجدي عاشور، أن تصحيح المفاهيم الدينية يكشف عورات المتشددين ومتاجرتهم بالدين ويوضح وسطية الدين الإسلامي.
وأوضح الدكتور مجدي عاشور - في تصريح له اليوم الأحد - أن من أكبر عوامل التشدد والتطرف ما يطلق عليه الفقهاء مصطلح الفهم الخاطئ والمعوج للمفاهيم والمصطلحات الدينية، سواء أكان ذلك عن جهل، ما يستدعي توضيح الفهم الصحيح، أم عن عمد، ما يستدعي مواجهة حالة اختلال المفاهيم واحتلالها من قِبَل أصحاب الفكر المتشدد والإرهابي، وليظهر أمام العقلاء والأسوياء مدى ضحالة هذا الفكر وخبثه.
وقال "إنه انطلاقا من هذا الوضع جاء التفكير في كيفية تصحيح المفاهيم، وجاء عمل (سلسلة تصحيح المفاهيم) الممتدة التي تكشف عن الانحراف الفكري والفهم الخاطئ لدى جماعات التشدد"، مشيرا إلى أن الغرض منها تحصين الشباب من الانسياق وراء هذه المفاهيم المضللة، ولتكون بمثابة بيان وتوضيح وردود لتظل الأمة المصرية بفطرتها الوسطية المعتدلة.
وأوضح عاشور أن من المفاهيم الخاطئة لدى الجماعات المتطرفة القول بأن "الوطن حفنة تراب"، مؤكدا أن الصحيح أن الوطن ليس حِفنةً مِن تُراب أو مُجَرَّدَ حُدُودٍ مِن جِهَاته الأربع أو مكانًا مررنا عليه مرور الكرام، ولكنَّ الوطن "هو مكانٌ اختلطت به الأنفاس، وزمانٌ هو عُمُرُكَ وعُمُرُ آبائِكَ وأجدادِك، وذكرياتٌ ارتبطتْ به طُولَ عُمُرِكَ، ومُسْتَقَرٌّ لن تَجِدَ له بديلًا في تَحَمُّلِكَ وسَكَنِكَ واحتوائِكَ، هو جَارُكَ وثَقافتُكَ وعَادَاتُكَ، ومَحِلُ عِبَادَتِكَ لِرَبِّكَ هو مَوْضِعُ تاريخِكَ مِن المَهْدِ إلى اللَّحْدِ، هو ما تعيش فوقه وبعد ذلك يحتويك في حضنه، هو شقيق روحك الذي لا غنى لك عنه.. ولذلك وجب علينا حِمَايَتُهُ ورِعَايَتُهُ.. انظر كيف ابتلى الله تعالى قَوْمًا بالتضحيةِ بأنفسهم أو الخروج مِن وطنهم ، فقال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ".
كما أشار إلى أن من بين المفاهيم الخاطئة أن "الدين هو الشعائر والعبادات الأربعة التي هي أركان الإسلام بعد شهادة "أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، موضحا أن الدين ليس قاصرًا على الشعائر والعبادات الأربعة بل هو: عقيدة، وعبادات، ومعاملات، وأحوال شخصية وغير ذلك مما فيه علاقة بالله والنفس والغير، ومبثوث في كل ذلك القيم والأخلاق، فهي من أعلى معاني الدين.
واستشهد عاشور بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِم الأخلاق".. مضيفا بالقول "أن مَنْ يَحصُرُ الدينَ في جُزْءٍ دون آخر فقد ظَلَمَ الدين وظَلَمَ الآخرينَ وظلم نفسه".