الجمعة 27 سبتمبر 2024

"ذا ديبلومات": هل يمكن للهند مساعدة دول الآسيان في الهروب من تنافس القوى العظمى؟

الهند

عرب وعالم21-6-2022 | 09:43

دار الهلال

باستضافة الهند لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الأسبوع الماضي، لم يكن شبح الحرب بعيدا عن أذهان الوزراء المجتمعين، فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع تكاليف الوقود والغذاء في جميع أنحاء آسيا ودفعت البلدان إلى ضائقة اقتصادية غير مسبوقة، لكن الحرب الروسية أشعلت أيضا المخاوف من حروب أخرى أقرب في المنطقة.

وذكرت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية المتخصصة في الشؤون الآسيوية، في تقرير لها،"أن مصدر الكثير من هذا الخوف ينبع من تعميق الشراكة بين الصين وروسيا، ففي أوائل فبراير الماضي، كشف الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن صداقة "بلا حدود" وبيان من 5000 كلمة لنظام عالمي بديل، ومنذ ذلك الحين نمت تلك الصداقة بسرعة فائقة".

وأضافت" أن هذا هو السياق المناسب لدور الهند باعتبارها أحد الاقتصادات الرئيسية في المنطقة، فيما تأمل دول الآسيان أن تساعد الهند في الحفاظ على توازن القوى الإقليمي وتوقف اعتمادها التجاري على الصين ببطء".

وأضافت "ذا ديبلومات" "عندما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، اعتقد بعض المحللين أن رئيس الصين سيعرب عن انزعجه، حتى أن البعض من المراقبين جادل أن التكاليف الاقتصادية للحرب ستدفع بكين لإقناع بوتين بالتراجع، لكن بدلاً من ذلك، ضاعفت الصين في الواقع من دعمها لروسيا، وفي أواخر الشهر الماضي، أجرى البلدان أول مناورة عسكرية مشتركة بينهما منذ العملية العسكرية الروسية، والشهرالجاري شهد افتتاح جسرًا جديدًا عبر الحدود في الشرق الأقصى الروسي على أمل تعزيز التجارة الثنائية.

وتابعت أن تداعيات العلاقات الروسية الصينية أصبحت واضحة الآن بشكل مباشر في آسيا، ومع تصاعد التوترات حول تايوان، حيث تناقلت وسائل الإعلام الحكومية الصينية أن شي وبوتين أجرا مكالمة هاتفية عارض خلالها الرئيس الروسي أية قوة تستخدم للتدخل في الشؤون الداخلية للصين، وجرى ترديد هذه التصريحات على لسان وزير الدفاع الصيني وي فنجي ، الذي شن هجومًا لاذعًا على الولايات المتحدة وأعلن أن بكين "ستقاتل بأي ثمن" و "حتى النهاية" لمنع استقلال تايوان.

في غضون ذلك، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، اتهمت كندا وأستراليا الطائرات المقاتلة الصينية بالتحليق بشكل محفوف بالمخاطر بالقرب طائراتها فوق البحار الآسيوية، وبالنسبة للبلدان التي تعتمد بشكل كبير على التجارة والاستقرار الإقليمي - مثل دول الآسيان - فإن مثل هذه التطورات مثيرة للقلق بشكل مفهوم، لذلك لم يكن مفاجئًا أن معظم وزراء خارجية دول آسيان في نيودلهي الأسبوع الماضي كانوا حريصين على إيجاد طرق للابتعاد عن حالة الاستقطاب بين القوى الكبرى.

وقالت وزيرة الخارجية السنغافورية، فيفيان بالاكريشنان " التنافس الحاد بين القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين له تداعيات مباشرة علينا جميعًا...هذه التطورات، إذا لم يتم كبحها، يمكن أن تهدد نظام السلام والاستقرار الوحيد الذي اعتمدنا عليه في أساس نمونا وتنميتنا وازدهارنا على مدى عقود عديدة".

وأضاف التقرير أنه من الناحية الاقتصادية، فإن الآسيان في وضع حرج، وبسبب الروابط التجارية التي أقيمت على مدى العقود القليلة الماضية، حيث يعتمد كل منها بشكل كبير على الصين، ولكن نظرًا لوجود العديد من النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، يرى معظمهم أيضًا أن بكين تمثل تهديدًا خطيرًا.

وترى الدورية أن هذا هو السياق المناسب لدور الهند باعتبارها أحد الاقتصادات الرئيسية في المنطقة، فيما تأمل دول الآسيان أن تساعد الهند في الحفاظ على توازن القوى الإقليمي وتوقف اعتمادها التجاري على الصين ببطء، ومن جهتها ترى نيودلهي أيضا أن بكين تشكل تهديدا وترغب في الابتعاد عن تنافس القوى العظمى بين الصين والغرب، ومع ذلك، وحتى الآن، تُرِك الآسيان بخيبة أمل، وعسكريا ما تزال الهند قلقة بشدة بالتهديد الصيني، ووفقًا لبعض التقديرات، فإن الجيش الهندي يعاني من نقص بنحو 100 ألف جندي، حيث ما يزال منخرطا في صراع جبال الهيمالايا، بينما البحرية الهندية تفتقر الكثير من الإمكانات حيث تتطلع للحصول على 200 سفينة، وتمتلك حاليًا 130 سفينة فقط، لكن في الوقت نفسه، وسعت الصين وجودها بسرعة عبر المحيطين الهندي والهادئ، وأنشأت قاعدة في جيبوتي، وعسكرة الجزر في بحر الصين الجنوبي، ووقعت صفقات في المحيط الهادئ ، وربما بناء قاعدة أخرى في كمبوديا.

وتعول الدورية على دور الهند الذي يعد الأكثر منطقية عبر التوسع السريع في العلاقات التجارية، لكن دول الآسيان أصبحت أكثر خيبة أمل إزاء الهند، بعد القرار المثير للجدل ببقاء الهند خارج الكتلة التجارية للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، واتبعت الهند سياسة "الاعتماد على الذات" الحمائية، وفي أعقاب الخسائر المرتبطة بالمناخ وأقامت مؤخرًا حواجز أمام تجارتها الزراعية.

ويشير التقرير إلى أنه بينما تبلغ تجارة الهند مع رابطة الآسيان نحو 78 مليار دولار سنويًا، تبلغ قيمة تجارة الصين أكثر من 500 مليار دولار، أي ما يقرب من خمس إجمالي تجارة الكتلة.

يسلط التقرير الضوء على توترات حدثت في الآونة الأخيرة، بعد أن احتجت إندونيسيا وماليزيا على التعليقات المثيرة للجدل المعادية للإسلام التي أدلى بها زعماء حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم في الهند، وفي اجتماع الهند لرابطة الآسيان الأسبوع الماضي، شددت سنغافورة على "رفض خطاب الكراهية بشدة"، وأكدت إندونيسيا "على أهمية التسامح في مجتمع متعدد الثقافات".

ومع ذلك، بالنسبة للآسيان، تعد الهند شريكًا ضروريًا، نظرًا للوجود العسكري الصيني المتزايد في المنطقة والتوترات مع الولايات المتحدة، والسؤال الذي تطرحه دول رابطة الآسيان على نفسها هو ما إذا كان بإمكان نيودلهي أن تلعب الدور الاقتصادي والأمني الذي تتطلع إليه.