السبت 20 ابريل 2024

مجتمع فى خطر «1»

مقالات21-6-2022 | 21:01

لندق الناقوس مرات ومرات.. ونواجه أنفسنا قبل فوات الأوان.. ونسأل من أين جاء كل هذا العنف والتوحش.. وماذا نحن فاعلون؟

 بمجرد أن شاهدت فيديو جريمة فتاة جامعة المنصورة ومقتلها على يد زميلها فى عرض الشارع وفى عز النهار انتابتنى حالة من الفزع والخوف الشديد.. وسألت لماذا كل هذا الغل والبربرية والوحشية، هل لمجرد أنها رفضت أن تبادله الحب والإعجاب يكون مصيرها القتل بهذا الشكل البربرى والوحشى فى مشهد داعشى غريب على مجتمعنا المصرى.. لسان حالنا جميعاً ماذا أصابنا، لماذا كل هذا العنف والوحشية، الفتاة الجميلة البريئة لم ترتكب أى جرم، «فبأي ذنب قتلت» وهل هناك خلل وتغيير خطير فى مجتمعنا خاصة أن هناك جرائم مماثلة ارتكبت بوحشية مفرطة ومفزعة.. لم نكد ننسى جريمة الدقهلية عندما أقدمت الأم على قتل أبنائها الثلاثة لأسباب نفسية بحتة بعد أن أصابها الاكتئاب الحاد لم نكد ننسى جريمة الإسماعيلية المفزعة عندما قام شاب بفصل رأس جاره عن جسده وأمسك بها فى عرض الشارع.. وقيل إنه تحت تأثير المخدرات، وجرائم أخرى لا تقل مأساوية ووحشية ترتكب فى الأسرة الواحدة، وتحصد أرواح الأبرياء، وسؤالنا ما الذى جرى لهذا المجتمع المتسامح الطيب المحب للحياة.. فبقراءة دفتر أحوال هذه الجرائم لا تجد فيها أى بعد أو سبب اقتصادى حتى لا يعلق الموتورون والمشوهون والمغرضون على هذه الجرائم وإسنادها لأسباب مالية، وهذا لم يحدث على الإطلاق، وتفاصيل الجرائم الوحشية بين أيدينا، ولم يكن هذا البعد طرفاً أو سبباً فيها.. إذن ما الذى حدث وما الذى أصاب الشخصية المصرية؟

الحقيقة أن هذا الملف مهم وخطير ولابد من مواجهة شاملة والبحث عن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى تغيير ملامح وصفات ومكونات الشخصية المصرية، وما الذى جعلها تقدم على ارتكاب مثل هذه الجرائم الوحشية، والذبح بدم بارد.

الحقيقة أيضا أننى قلق للغاية من بشاعة هذه الجرائم، ليس هذا فحسب بل من سلوكيات وتعامل الناس مع بعضهم البعض، هناك مبالغة فى رد الفعل العنيف لأخطاء أو سلوكيات تافهة لا ترتقى للوصول إلى الخلاف الشرس، وأتذكر أن الابتسامة من المخطئ أو كلمة «لا مؤاخذة» أو «حقك عليا» تكفى تماما.. إذن هناك طغيان للمادية والعنف وافتقاد الرقة والرومانسية، وتفشى الأفكار والسلوكيات الشرسة والعنيفة، فجريمة «جامعة المنصورة» تمت لأسباب غريبة.. فما معنى أن تقتل فتاة لمجرد أنها متحفظة ورفضت أن تجارى زميلها فى مشاعر الحب والإعجاب فهل يستحق هذا أن يكون مصيرها الذبح بهذا الشكل البربرى والوحشى.

لا أستطيع أن أستبق التحقيقات أو الحديث عن أسباب ما حدث.. ولا يجب أن يكون التناول قاصراً على هذه الواقعة أو الجريمة ولكن من الأفضل للجميع أن نواجه ظاهرة العنف المجتمعى وأسباب وسبل علاجها لأنها غربية وشاذة ودخيلة على المجتمع المصرى.

أولاً: لا يجب الحديث عن الفتاة الجميلة نيرة إلا بكل الخير والاحترام فهى «ضحية» مجتمع تسببت التراكمات الكثيرة على مدار العقود الماضية إلى أن يصل إلى هذا التوحش.. وربط الواقعة بملابس الفتاة أو بحجاب وبدون حجاب هو جهل وتخلف، والسؤال لهؤلاء المرضى الذين يرجعون ملابس الفتاة إلى أن تكون أحد أسباب الجريمة هل من حق أحد أن يزهق روحاً بريئة لمجرد أنها لا ترتدى الحجاب، فى الماضى كان «الميكرو والمينى جيب» يمثل زي طالبات الجامعات أو جزءا غير قليل من المجتمع لكننا لم نسمع عن هذا التوحش والبربرية.. إذن هناك خلل خطير فى بنية ومكونات الشخصية المصرية أدت إليه مجموعة عديدة من الأسباب تعرض خلالها المجتمع المصرى لهزات عنيفة وموجات من الثقافات والسلوكيات والمؤثرات الخارجية أو الاستهداف لمجتمعنا وشبابنا بشكل ممنهج فى ظل دولة كانت غائبة ومستسلمة على مدار 5 عقود كاملة لم تدرك خطورة حالة الفراغ والإهمال التى دارت رحاها فى عقول أبنائنا، أفسحت المجال لنجاح الحروب والغزو الثقافى وتغييب وتغريب العقول.. لذلك لا يجب أن ننظر إلى الجريمة التى راحت ضحيتها الفتاة الجميلة البريئة «نيرة» بمعزل عن الجرائم الأخرى التى ارتكبت خلال الفترات الماضية أو ننظر إليها بمعزل عن المتغيرات التى حدثت فى المجتمع المصرى خلال العقود الماضية أو ما حدث فى 2011 انتهاء بزوال حكم الإخوان المجرمين أو ما يعرض على «السوشيال ميديا» من فيديوهات داعشية ترسخ ثقافة وجريمة العنف والذبح والقتل بشكل بربرى ومتوحش.

بطبيعة الحال هناك حالة فزع وقلق وخوف فى المجتمع المصرى.. وعدم الاطمئنان والريبة، وفوضى الشارع.. وحالة التوتر والتشنج وعدم الادراك والوعى فبدأ البعض يشعر وكأننا نتعامل مع كائنات أو مخلوقات متوحشة منزوعة القلب والرحمة لكن السؤال ما هى الأسباب التى أدت إلى هذه الحالة بعد جريمة الإسماعيلية وجريمتي الدقهلية سواء الأم التى قتلت أبناءها الثلاثة أو الطالبة الجميلة نيرة وما بينهم من جرائم لا تقل مأساوية وتوحشًا؟

أولاً: تعرض المجتمع المصرى لهزات وصدمات عنيفة.. وحالة كارثية من إهمال بناء الإنسان، وتداعى منظومة القيم والأخلاق على مدار خمسة عقود، انتشرت فيها الاستهلاكية فى كل شىء الثقافة والدراما والسينما بالإضافة إلى الأنانية والاتكالية «الإنامالية».. فلم تكن أفلام تشويه مصر من أفلام العشوائيات والصفيح وثقافة الميكروباص وإبراهيم الأبيض والألمانى ومسلسلات وأفلام محمد رمضان والانتصار للبطل المجرم أو تاجر المخدرات أو البلطجى إلا تجسيداً لغياب الدولة وعدم وجود رؤيتها فى الحفاظ على الشخصية المصرية المتسامحة والطيبة.

ثانياً: حالة الانسحاب للدولة من المجتمع المصرى فى كافة ربوع البلاد وهو ما عزز مشروع الإخوان المجرمين فى هدم جدار الشخصية المصرية ونشر التطرف والتشدد والكراهية وعدم الولاء والانتماء وتوظيف المساعدات الخيرية لأسباب سياسية وتجنيدها لصالح المشروع الإخوانى.

ثالثاً: إن ما حدث فى 2011 من أحداث عنف وإجرام وإرهاب هو أمر غريب على الشخصية المصرية التى لم تثر يوماً إلا على المحتل والمستعمر.. وتخشى على الوطن وتعتبر أن المساس به أو إضراره خط أحمر.. فالمصرى يعيش على مدار التاريخ على ضفاف النيل، يحتضن هذا الوطن، ويقدس ترابه، إلا أن ما جرى وحدث من حرق وتدمير واعتداءات على مؤسسات الدولة وقطع للطرق وعنف مفرط واستهداف المؤسسات الأمنية والفوضى والانفلات دون الإدراك أو الوعى بخطورة ذلك على سلامة الوطن، كل ذلك يجعلنا نتوقف عند هذه السلوكيات والممارسات ونحلل أسبابها ويدعونا إلى عمل دراسات حول مضامين الخطابات الثقافية والدينية والدرامية، ولماذا تغيرت وانجرفت الشخصية المصرية إلى هذا السلوك، رغم كونها شخصية صبورة متسامحة وطنية لأبعد مدى لديها قدرة على التحمل تفوق الجبال.

رابعاً: ما بين ميراث العقود الخمسة الماضية وميراث الإخوان اللعين، تعرض المواطن المصرى لحالة حصار فكرى وسلوكى غير مسبوق فمن ثقافة الفساد والأنانية والفهلوة و«الدراع» إلى ثقافة الفاشية والإجرام والقتل والإرهاب الإخوانى، ومن خرج من رحم الجماعة المجرمة، وما خلفته من أكاذيب وبراجماتية عفنة وخيانة وعنف وقتل وذبح، فليس ببعيد على عقول وعيون المصريين عبر وسائل السوشيال ميديا ومواقع التنظيمات الإرهابية الداعشية عمليات ذبح الأبرياء بدم بارد دون ذنب أو جريرة، وهو ما جعل الشباب والأطفال والمواطن المصرى بل العربى يألف مثل هذه الجرائم، فعلينا أن نتوقف أمام مشاهد ذبح أكثر من 20 شابا مصريا فى ليبيا، وحرق الطيار الأردنى بإجرام وبربرية ووحشية، فما تعرض له الطفل المصرى منذ 2011 وحتى نهاية نظام الإخوان المجرمين امتداداً إلى جرائمهم وإرهابهم وما يعرضونه فى وسائل الإعلام الجديدة عبر السوشيال ميديا ومواقعهم الإرهابية بطبيعة الحال نال من تكوين ووجدان وشخصية أطفالنا فإذا أخذنا فى الاعتبار أن الطالب الذى قتل الطالبة «نيرة» عمره الآن 21 عاماً، إذن كان عمره فى عام 2011 «9 أو 10 سنوات».. شاهد واطلع ورأى حالة الفوضى والانفلات والاستباحة والقتل والعنف والذبح.. وترسخت فى وجدانه وشخصيته وأصبحت سلوكاً مألوفاً ومتكررا وأصبح التعامل عنيفاًَ بالإضافة إلى أفلام ومسلسلات البلطجة والمخدرات والسلاح والعنف والقتل، وأصبحت هذه النماذج السينمائية والدرامية التى قدمت بشكل مدعوم وممنهج مصدراً للنيل من الشخصية المصرية.

خامساً: حالة الغزو الثقافى والفكرى الممنهجة التى تستهدف العقل والوجدان المصرى من هبوط وتدن وابتذال بالاضافة لتراجع قوانا الناعمة خلال العقود الماضية وتفشى الفن الاستهلاكى الهابط، واللامبالاة الدينية والسلوكية بسبب غياب الخطاب الدينى وزعزعة الثقة فى الدين بعد انكشاف وسقوط أقنعة الإخوان المجرمين، ولم يتصد أحد لحالة الصدمة التى أصابت الشباب فاتجه البعض إلى اعتناق الإلحاد أو اللا دين، كما أن المؤسسات الدينية لم تستطع مواكبة المتغيرات ولغة وثقافة وتحديات العصر، وعدم تقديم الدين بما يتواكب ويتناسب مع التطور والمستجدات التى يتطلبها العصر دون المساس بالثوابت، وترويج لأفكار وسلوكيات منحرفة تخالف فطرة البشر مثل الشذوذ الجنسى أو ما يجملونه بمصطلح المثلية والاستماتة فى ترويجه والدفاع عنه وكل ذلك يتطلب رؤى واستراتيجيات وفكرًا للمواجهة والتصدى وإعادة بناء الشخصية المصرية والتأكيد على ثوابتها وصفاتها ومكوناتها.. وجميع المحاولات كانت بدائية ضعيفة تفتقد لروح الاستمرارية أو الجذب الأمر الأكثر خطورة ان التليفون المحمول أو الكمبيوتر أو اللاب توب.. يحصل على نصيب كبير من الوقت لدى أطفالنا وشبابنا وهو مليء بالثقافات الشاذة والدخيلة، وخطط الغزو الفكرى والسلوكى.. حتى الألعاب (الإلكترونية) تركز على العنف والقتل والصراع أو حتى القمار والمراهنات وخلق مشاعر محمومة لمجرد الفوز مهما كانت الأسباب.. أن كل ما يعرض على أبنائنا عبر الـ«سوشيال ميديا» يستلزم إجراءات فنية أقدمت عليها بعض الدول مثل الحجب أو الانتقائية لعدم السماح بنفاذ هذه الأفكار والثقافات والسلوكيات إلى أن تكون جزءا من شخصية المواطن المصرى خاصة الأطفال والشباب فحجب المواقع الداعشية والإرهابية أو التى تروج الشذوذ والمثلية والإباحية والخلاعة أمر بات مهما للغاية، ولابد من الإجراء والتنفيذ فالأمر لم يعد يحتمل.. وهذه الأمور لا تحتاج إلى مواربة ولكن لحلول جذرية تحجب الفحش والتحريض والشذوذ والقتل والإرهاب.

من المهم أيضا التصدى لعمليات تغييب الوعى الدينى، وتشويه الأديان والإساءة إليها.. ويجب ألا نخاف من الدين أو ننسب إليه ما حدث من إرهاب وفوضى لأن جماعات الشر والباطل والظلام مثل الإخوان لم تكن أبداً ممثلاً للدين وهو منها برىء بل هى جماعات حظيت بالدعم والتمويل والرعاية الخارجية لتقوم بتنفيذ مهمة هدم الأديان والأوطان لكن يجب علينا فى نفس الوقت أن يكون لدينا مشروع واستراتيجية لنشر وترسيخ الدين الصحيح الوسطى والمتسامح الذى يعلمنا الحب والرحمة والرقة وفن الحياة واحترام روح وحياة وآدمية الإنسان يبدأ منذ الطفولة وحتى يكون ذلك تحصينا للشاب أو المواطن لأن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، ويجب ألا يطول انتظار مشروع مؤسساتنا الدينية لبناء الشخصية الدينية المصرية وإزالة كل العوالق والشوائب التى خلفتها جماعات التطرف والتشدد.

سادساً: إعادة الاعتبار والتقويم للأسرة المصرية التى تحولت فى العقود الأخيرة إلى حالة من اللامبالاة، وتنازلها عن دورها فى التربية السليمة والصحيحة، وتعرضها لحالة من السلبية فى تربية ومراقبة سلوك الأبناء، فالأب والأم هما نتاج المجتمع على مدار العقود الماضية بأخطائه وكوارثه وسلوكياته وثقافاته، فهل ننتظر أن يكون الأبناء فى حالة اختلاف عن الآباء.. بطبيعة الحال هما نسخ مكررة وأكثر حدة من الأب والأم يدخل مع الأسرة «الفيروس» الذى أصاب التعليم فى مصر وما حدث من غياب للرؤية والترهل وضعف النظام التعليمى وغياب السيطرة والدور والتأثير والرؤية لدى المدرسة، إذن نحن أمام مقولة «لا تربية ولا تعليم» ويعذرنى البعض فى هذه الكلمة التعليم الآن فى «السناتر» وليس فى المدارس، وبطبيعة الحال فإن ثقافة انتهازية «السناتر» التى شكلت ثقافة وسلوكيات أبنائنا.

الأمور فى المدرسة لم تعد كما يجب.. حتى ان الميل للعنف بين التلاميذ أصبح جزءا من المشهد بداخلها لذلك علينا ألا نتأخر كثيراً فى بسط نظام تعليمى يعتمد فى الأساس على التربية والتعليم وبناء الشخصية ودراسة «النظام الجديد» ومراجعته بدلاً من أن يتجاوز القطار تطوير التعليم المحطة المأمولة إلى محطات أخرى يصعب عندها العودة أو إهدار الوقت فى العودة مرة أخرى وهنا أقصد ضرورة الإسراع سواء فى استكمال المشروع الحالى أو تعديله أو تغييره إذا تطلب الأمر وتوصلت نتائج المراجعة والتقييم إلى ذلك.

سابعاً: هناك بعد آخر خلفته ثقافة الزحام والتكدس بسبب فرط النمو السكانى غير المحسوب والعشوائى والذى يفوق قدرات وموارد الدولة وهو ما خلق حالة من الصراع فى الحياة والضيق أو مقولة روحه فى (مناخيره) بالاضافة إلى تداعيات النمو السكانى فى تحقيق تطلعات المواطن، ورغم أن الدولة المصرية منذ 2014 صارعت وسابقت الزمن من أجل بناء وتنمية غير مسبوقة إلا أن الزيادة السكانية أصبحت عبئا كبيرا وتخلق ثقافات وحالة اختناق وضيق وعدم شعور بالسعادة والصفاء، وتلاشى أجواء الهدوء والسكينة وغياب المشاهد الجمالية على مرمى البصر فى مناطق التكدس وكأن المواطن يعيش فى (علب) متراصة.

ثامناً: الانتشار الغريب لأنواع جديدة من المخدرات واتساع رقعتها لتشمل الأحياء الشعبية ومدن وقرى الجنوب.. ومحافظات لم تكن تعرفها.. وهى نوعيات من المخدرات تحدث خللاً فى التكوين النفسى والسلوكى لمتعاطيها وتحوله إلى مجرد وحش كاسر لا يدرك طبيعة سلوكه ويرتكب جرائم فظيعة ومأساوية وهنا فتش عن «الاستروكس»، والفودو والشابو، وغيرها من أنواع المخدرات المنتشرة فى الشارع المصرى وبين الأوساط الشبابية والعمالية ومواقف الميكروباص والطرق والمناطق الشعبية والمقاهى وطلاب الجامعات.. كل ذلك يحتاج لمواجهة حاسمة لتطهير البلاد من خطر المخدرات الداهم والضرب بيد من حديد على مصادرها وتجارها وتشديد الرقابة على الشوارع والأحياء والقضاء على ظاهرة «دواليب» المخدرات.

لا أعلم صحة ما إذا كان الطالب الذى قتل الفتاة البريئة «نيرة» تعاطى مخدر استروكس أم لا.. لكن الشواهد فى جرائم أخرى تشير إلى أن المخدرات طرف فاعل فى معظم الجرائم خاصة مثل نوعيات جرائم المنصورة والإسماعيلية.

تاسعاً: لابد أن يكون هناك مشروع قومى نتمسك ونصر على تنفيذه لعلاج كل أسباب الخلل والأعطاب التى أصابت الشخصية المصرية وأبعدتها عن مسارها الطبيعى من الهدوء والسكينة والتسامح والطيبة، وعلى المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية أن تقوم بدورها فى التنشئة الصحيحة للإنسان المصرى وأتمنى أن نخصص عاماً للأخلاق المصرية، وحملة قومية شاملة لتطهير البلاد من المخدرات.

الحقيقة أن جريمة المنصورة وما قبلها من جرائم مماثلة تدق ناقوس الخطر وبقوة، وتشير إلى أن هناك خطرا داهما على مجتمعنا ومستقبلنا فى ظل حالة (التوحش) التى يجب أن تحظى بالاهتمام والدراسة والتحليل وصولاً للأسباب ووضع العلاج لإعادة الاستقامة الأخلاقية للمجتمع المصرى فى ظل ما عاناه على مدار العقود الماضية وفى ظل مخلفات الإخوان المجرمين، وفوضى «السوشيال ميديا»، وتفشى المخدرات الجديدة التى تحول الإنسان إلى وحش.

نحتاج إلى استعادة الأسرة والمدرسة والجامعة وأن نواجه أنفسنا.. فى حالة مصارحة ومكاشفة مجتمعية تستلزم النظر إلى ما حدث من خلل للمنظومة القيمية والأخلاقية وما نال من الشخصية المصرية بعمل مؤسسى جماعى يرتكز على رؤية وإرادة وتحد للقضاء على هذا الخطر الداهم قبل فوات الأوان.

بالمناسبة كان من الأجدر لجامعة المنصورة أن تكتفى بإصدار بيان تقدم فيه العزاء والمواساة والترحم على روح طالبة بريئة فى عمر الزهور، ولا تغسل يديها من تحمل المسئولية أو جزء منها، فأحياناً الصمت أفضل من الكلام «الخايب» ومحاولات إبراء الذمة.

 

تحيا مصر