الجمعة 19 ابريل 2024

بين أربيل والقاهرة.. مواطن التسامح

مقالات26-6-2022 | 11:54

متشابهات عدة بين العاصمتين، أربيل في كردستان العراق والقاهرة في مصر الشقيقة الغالية، أبرزها التسامح والتآخي والألفة بين المختلفين عقائديا، ربما الأعياد الدينية والوطنية مناسبات رائعة لتظهر فيها هذه العلامات الدالة على هذه الروح والمشاعر.

في القاهرة رأيت وعشت بين إخوتي المسلمين والمسيحيين كل محبة في رمضان وعيدي الفطر والأضحى والمولد النبوي الشريف، وكذلك في عيد القيامة وشم النسيم ورأس السنة الميلادية، حالة تجتمع فيها مكونات المجتمع المصري يحميها الشعور المشترك بالمسؤولية الوطنية والمصير المشترك في بناء المستقبل ومواجهة الأخطار.

في القاهرة والعاصمة الجديدة رأينا المسجد والكنيسة يشيدان بما يليق بمقام بلد الحضارة وأهل التراحم ومكانة القيادة الكبرى للمنطقة منذ أزمنة وعصور.

وفي أربيل يتطابق الحال، فقد كان لي مؤخرا شرف مرافقة وزير الأوقاف والشؤون الدينية لحكومة إقليم كردستان خلال افتتاح كنيسة جديدة للإخوة المسيحيين في قضاء عينكاوة وأكثرية سكانه من المسيحيين، وهذه ليست الكنيسة الأولى بل هناك العشرات من الكنائس في هذه المدينة.

الكنيسة هي مار الرسول الكلدانية، وحضر حفل الافتتاح العشرات من المسؤولين وأهالي القصبة، وما جذب انتباهي الكلمات التي ألقيت في المناسبة بعد المراسم الدينية وأشاد خلالها الجميع بالاستقرار والتعايش والتآخي بين مكوناتها، فقال لويس ساكو بطريك كلدان العالم "حكومة إقليم كردستان ليست حكومة طائفية، بل حكومة مدنية، لا تفرق بين مواطني الإقليم باختلاف انتماءاتهم القومية والمذهبية. استقبلت الآلاف من النازحين واللاجئين بمعاملة حسنة وجبدة. حكومة الإقليم أيضا في خدمة القوميات غير الكردية وغير المسلمة".

أما المطران بشار أبرشة أربيل للكلدان فقال "جمينا إخوة في الإنسانية لا فرق بيننا وهذا ما نلمسه من حكومة الإقليم والمسؤولين".

أما وزير الأوقاف الدكتور بشتيوان صادق أشار فشدد على مهمة الحكومة في بناء مجتمع مدني حضاري على أساس المساواة والتعايش.

 وأنا كمواطن من الإقليم، مواطن كردي عراقي، حضرت هذه الاحتفالية وشعرت بكل فخر واعتزاز بحقيقة ما يقوله مواطنون من غير قوميتي وديني أشادوا بموطن التسامح والتعايش كحالة حضرت بعد نضال عشرات السنين عاشه ركاب سفينة واحدة تحميها حكمة الزعيم الكردي مسعود بارزاني وجهود الحكومة ورئاسة الإقليم المتحدية دوما محاولات إشاعة الفرقة، وهي الحالة التي نجحت في تحقيقها مصر بفضل حكمة قيادتها السياسية.

ما يدعوني لسطر كلماتي هذه واحتفالات عيد الأضحى المبارك تقترب، أن أجد جهودا مباركة في أربيل والقاهرة في آن واحد لبعث الطمأنينة للشعبين وتصديرها لشعوب المنطقة أيضا بما تشهده العاصمتان الآن من جهود دبلوماسية وسياسية لتقديم ما يليق من مناخ وأجواء رائعين يسمحان بنهضة حقيقية، وها هما العاصمتان محط أنظار العالم ومبعث أمل وآمال قادة المنطقة كافة في رخاء وازدهار مقبلين، ولم لا، وقد واجهتا صعابا جمة لحفظ أمن وأمان شعوب اشتاقت إليها منذ 2011 وما تلتها من أحداث.

دعونا نفخر بروح التسامح والتآخي التي تسود موطنين مهمين في بقعتين ساحرتين من بلدان المنطقة والعالم، وندعو الله أن يبقي عليها نعمة تستقيم معها حياتنا.