الأحد 22 سبتمبر 2024

د. طه الطوخى شاهد على عصر الزعيم عندما هتف البورسعيدية: «الكورة ياريس»

21-7-2017 | 15:06

حوار: محمد القاضى

الدكتور طه الطوخى أحد المدربين الكبار فى الكرة المصرية، والأهم من كل هذا أنه أحد الشهود على عصر الزعيم جمال عبد الناصر, يعرف كثيرا عن علاقته بالرياضة وخاصة كرة القدم, الطوخى يعتبر فترة عبد الناصر من أفضل الفترات الكروية فى مصر، لأنه لم يعتبر الرياضة مجرد تسلية وإنما سخر كل الإمكانيات لتنافس مصر على المستوى العالمى.

الطوخى يكشف كيف تدخل عبد الناصر لإحضار المدربين اليوغسلاف للأندية المصرية، كما يكشف كيف استجاب الرئيس للبورسعيدية عندما هتفوا: الكورة ياريس.

ما ذكرياتك عن الرئيس جمال عبد الناصر؟

لم أقابله بشكل شخصي، فكانت جميع مقابلاتى معه وسط مجموعات، ولكن لى ذكريات من الصعب أن أنساها معه، فبعد قيام ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢، كان عبد الناصر فى منصب رئيس الوزراء، وفى إحدى المرات كان معه الرئيس محمد نجيب فى قطار الثورة يقوم بجولة المحافظات من أسوان إلى الاسكندرية، ومن حب الناس فى الثورة ومجلس قيادتها كانوا يرغبون فى حمل القطار على أكتافهم، والقطار وقف فى مدينة الحوامدية مسقط رأسى وكنت صغيرًا مع والدى، ولا أستطيع أن أنسى هذا اليوم، حيث كان من المفترض أن يقوم الرئيس محمد نجيب بإلقاء خطبه فى بلدنا، ولكنه كان مرهقًا جدًا من كثرة التوقف فى محافظات الصعيد، وأعطى الكلمة إلى جمال عبد الناصر، والذى كان يرتدى الزى العسكرى فى رتبه البكباشي، وألقى خطبه جميلة تنم عن أهداف الثورة فى شركة السكر، والمعروفة اليوم بسكر الحوامدية، عمرى وقتها كان ١٤عامًا لكنى مازلت أتذكر الخطبة جدًا.

يومها فى الخطبة وقف العمال فى شركة السكر من جماعة الإخوان يهتفون فى وجود محمد نجيب وعبد الناصر ويقولون: “ لا حكم إلا بالدين، لا حكم إلا بالقرآن “، إلا أن عبد الناصر وقف لهم بالمرصاد، وقال لهم ثلاث مرات متتالية السلام عليكم، وعندما صمت الجميع بفضل الشخصية القوية الموجودة أمامهم، رد على جميع الحاضرين من الإخوان وقال لهم “ لا تكونوا مثل الببغاء يقول الكلام ولا يفهمه “، وكان إلى جواره مطران الجيزة, كانت كلمات مؤثرة فأسكتت الجميع.

كثيرون لا يعرفون شيئًا عن علاقة عبد الناصر بالرياضة؟

كانت لديه قناعه شديدة بأن الرياضة بشكل عام أحد أسس بناء الشعوب، لذلك حرص على إقامة البطولة العربية فى عام لكى يبقى مشاريع القومية العربية فى نفس كل الدول المشاركة، واختار لها مصر، وفى عام ١٩٦٥ كانت البطولة فى القاهرة، وحضرها فى الاستاد وكان معه الملك فيصل، والمشير عبد الحكيم عامر، وعندما نجحنا فى الفوز بالبطولة أرسل لنا مندوبا بالميداليات، وقال إنه حضر لمشاهدة المباراة النهائية للتأكيد على قوة الرياضة فى مصر.

هل كان صاحب فكرة تولى عبد الحكيم عامر منصب رئيس اتحاد الكرة؟

المؤسسة العسكرية هى الأكثر انضباطًا فى مصر، وكان عبد الناصر يريد ضبط إيقاع اتحاد الكرة فأصدر قرارا بأن يتولى المشير عبد الحكيم عامر منصب رئيس اتحاد الكرة، لضمان استمرار مصر فى دائرة المنافسة على جميع البطولات التى تشارك فيها، وطلب من المشير قبل سفرنا إلى دورة طوكيو إقامة وليمة كبيرة لتحفيز اللاعبين على تحقيق الإنجاز فى عام ١٩٦٤، وبالفعل حضرها مصطفى رياض، ويكن حسين، والشيخ طه إسماعيل، وحصلنا فى دورة الألعاب الأوليمبية على المركز الرابع، وأحرزنا فى مرمى كوريا الجنوبية عشرة أهداف، ونجح مصطفى رياض فى أن يكون الهداف بعدما أحرز بمفردة ستة أهداف.

هل ترى أنه قام بتسييس الرياضة؟

من القرارات الصائبة التى اتخذها الرئيس عبد الناصر بخصوص الرياضة كانت مجموعة المدربين اليوغسلاف الذين حضروا إلى القاهرة فى ظل علاقته القوية مع دولة يوغسلافيا، حيث أعطونا الخبراء الكبار فى كرة القدم، وكانت قوة كبيرة قبل التفكك، حيث عملت مساعدًا مع جميع المدربين الأجانب الذين أحضرهم عبد الناصر للمنتخب الوطنى وأيضا بقية الأندية المصرية، حيث كنت مساعدًا لبرانكو خورباتك فى النادى الأهلى عام ١٩٦٢، وفى وقتها كان مدرب يوغسلافى أيضًا يقود الزمالك هو فانجلر، والذى قاد منتخب مصر فى دورة الألعاب الأوليمبية فى طوكيو عام ١٩٦٤ للحصول على المركز الرابع فى إنجاز لم يتكرر حتى وقتنا هذا، كما حصل اليوغسلافى ساديتش على كأس مصر مع النادى الأهلى من أنياب نادى الترسانة الرهيب، كما عمل يورشيستش اليوغسلافى أيضًا مع منتخب مصر الوطنى فى تلك الفترة.

ما حكاية أول دورة مدرسية كروية على مستوى الجمهورية؟

فى عام ١٩٦٤ أصدر الرئيس عبد الناصر قرارًا بإقامة دورة مدرسية على مستوى جميع محافظات الجمهورية، ومن بعدها أصدر قرارًا بأن تكون تلك البطولة عربية على مستوى الدول المجاورة فى الوطن العربي، كما قام بإعطاء الأوامر إلى اتحاد الكرة بتكوين منتخب مصرى من المدارس، وكنت مساعدًا للمدير الفنى الكبير المجرى الجنسية سابوبال، وحصل منتخب مصر على دورة المدارس العربية الأولى وكان يضم فى وقتها عبد المنعم ومصطفى عبد الله، وعلوى مطر وشوقى عبد الشافي، وأحمد رفعت ومحمد ظاظا، وفاروق السيد، عبد الكريم الجوهرى، والبورى، ومصطفى شتا، والذين أصبحوا فيما بعد نجوما كبار فى سماء الكرة المصرية، ولعبوا للمنتخب الوطنى الأول.

اذكر لنا واقعة عودة الكرة إلى بورسعيد؟

رغم أن هذا الموقف ليس معروفًا للأجيال الحالية، إلا أن جمهور بورسعيد قام بعمل شغب كبير فى مباراة المصرى مع اتحاد السويس فى عام ١٩٥٩، وعلى أثرها قرر الرئيس عبد الناصر إيقاف النشاط الكروى فى المحافظة بالكامل، إلا أنه فى زيارته إلى المحافظة الباسلة فى العيد القومى، فوجئ بأن البورسعيدية فى الشوارع يهتفون له” “الكورة يا ريس.. الكورة يا ريس “، وقتها تذكر أنه قرر إلغاء نشاط الكرة فى بورسعيد فأصدر قرارًا بعودته فورًا، واتصل بالمشير عبد الحكيم عامر، وقال له أعيدوا الحياة إلى بورسعيد مرة أخرى.

هل كان لديه رغبة فى أن تكون كل المباريات بالحضور الجماهيرى؟

طبعًا بكل تأكيد، وكان لا يخشى من الجماهير بدليل أن كل الخطب التى كان يقوم بإلقائها كانت فى الحضور الجماهيرى، ولم يكن لديه رغبة فى منع الجماهير من الأساس.