تقرير: يمنى الحديدى
دركت الصحافة الغربية مبكراً ، وفى مقدمتها مجلة «تايم» الأمريكية أن الزعيم جمال عبد الناصر صانع أحداث من الطراز الأول فى مختلف محطات الثورة ، فتوالت أغلفتها التى تحتل صورته بداية من سبتمبر ١٩٥٥ حتى المرة السادسة والأخيرة فى ١٢ أكتوبر ١٩٧٠ ، ولم يسبق لزعيم عربى أن نال هذا الاهتمام من تلك المجلة العريقة سواء بشكل ايجابى أو سلبى .
والمؤكد أن التركيز الأعلامى الغربى على الزعيم لم يقتصر على «التايم» فقط ، وانما اشتركت فيه العديد من الصحف والمحطات الإذاعية ومنها مجلة «لايف» الأمريكية ومجلة Thesaturday Evening post.
أول غلاف لمجلة «تايم» الأمريكية عن ثورة ٢٣ يوليو كان من نصيب الفريق محمد نجيب أول رئيس مصرى . تحت عنوان «محمد نجيب الرجل القوى فى مصر» وعنوان إضافى آخر «كان لدينا ما يكفى من الفساد».
لكن النصيب الأكبر للظهور على أغلفة مجلة تايم كان من نصيب جمال عبدالناصر الرئيس الثانى لجمهورية مصر العربية.
كان أول ظهور لعبد الناصر على غلاف «تايم» فى ٢٦ سبتمبر عام ١٩٥٥ حيث أظهرته «كرمز للثورة» من خلال تجسيده فى صورة الضابط الصغير الذى يرتدى بدلته العسكرية وينظر إلى الأمام بشغف، وفى الخلفية ظهرت بعض النقوش المصرية القديمة وهى تعود لحائط أثرى فى معبد الكرنك، وكانت ترمز إلى المصريين الذين يدعمونه.
المرة الثانية كانت فى السابع والعشرين من أغسطس عام ١٩٥٦ ، لكن هذه المرة لم تكن «تايم» تمدح عبدالناصر لكنها كانت تلومه عقب تأميم قناة السويس، فوصفته وقتها «بالديكتاتور»، و«عقبة الدول الغربية» حينها، ظهر ذلك من خلال صورة عبدالناصر التى رسمها إيرنست هاملين باكر وكانت عن صورة لعبد الناصر عن قرب، بضحكة شريرة، وأنف كبير مثل «منقار الصقر»، وفى الخلفية نقوش لجنود مصريين فى مصر الفرعونية وهم يحملون البنادق والسيوف.
بعد عامين من تأميم القناة، تحديدا فى ٢٨ يوليو ١٩٥٨ ظهر عبدالناصر للمرة الثالثة على غلاف «تايم»، ووصفته حينها بالمغامر نظرا لدوره فى الشرق الأوسط وتكوينه للجمهورية العربية المتحدة، واختارت «تايم» صورة لعبد الناصر بدون بدلته العسكرية ومن حوله علم مصر الأخضر، ولأول مرة بدا عبدالناصر طبيعيا، وبضحكة طبيعية، وقد التقطت الصورة بواسطة ديفيد دجلاس دنكان.
فى التاسع والعشرين من مارس عام ١٩٦٣، كان الظهور الرابع لعبدالناصر، وقد تحول عبد الناصر من مجرد مغامر إلى الرجل الأكثر تأثيرا فى منطقة الشرق الأوسط، فهو أرسل الجنود المصريين للحرب فى اليمن، ويدعم الثورات العربية وحركات التحرر هنا وهناك، وهو الذى يسعى لإتمام ملحمة العروبة التى أصبحت شوكة فى ظهر أمريكا والغرب، الغلاف ظهر فيه صورة لعبد الناصر الفرعون وهو يجلس بجانب أبوالهول، وعلى اليمين الغلاف كتبت عبارة « اتركوا الخيم منفصلة وحافظوا على قلوبكم متحدة»، وفى ١٥ مايو من نفس العام اختارت مجلة
“The Saturday Evening Post”
جمال عبدالناصر بطلا لغلافها نظرا لدوره فى منطقة الشرق الأوسط تحت عنوان «عالم ناصر المضطرب».
بعد ست سنوات ظهر عبد الناصر على غلاف التايم للمرة الخامسة فى ١٦ مايو عام ١٩٦٩، وتضمن العدد أيضا حوارا مطولا مع عبد الناصر أجراه اثنان من صحفيي «تايم»، واحد منهما كان مدير تحرير المجلة، وقد أجرى الحوار فى منزل عبدالناصر وذلك عن أحوال مصر والعالم العربى بعد هزيمة ١٩٦٧ التى أثرت كثيرا على كل الوطن العربى، وعلى الغلاف تم تصوير عبد الناصر وكأنه تمثال حجرى وخلفه حائط من الحجر مع نظرة قوية وحزينة فى الوقت نفسه فى عينى عبدالناصر، رسمت هذه الصورة بواسطة لويس جلانزمان، وقد حمل الغلاف عنوان «الأزمة فى الشرق الأوسط».
أما آخر مرة ظهر فيها عبدالناصر على غلاف تايم فكانت بعد وفاته فى ١٢ أكتوبر عام ١٩٧٠، ظهر على الغلاف صور مجمعة لعبد الناصر ومعبد أبوسمبل وصور من الحرب، وكان يوجد هلالان للدلالة على الطابع الإسلامى لمصر والأمة العربية، وقد صمم الغلاف لورانس لورى، وحمل الغلاف عنوان «العالم العربى بعد ناصر».
كل هذه الأغلفة التي احتلها الزعيم أكدت أن «تايم» اهتمت بجميع محطات ناصر، لكنها ليست الوحيدة، فمجلة «لايف» الأمريكية أيضا تساءلت حول العرب بعد ناصر أى بعد وفاته، فى عددها الصادر فى أكتوبر نفس العام، ووضعت صورته على الغلاف تحت عنوان الشرق الأوسط بعد ناصر.
كما اهتمت عدسات الكاميرات بتغطية لقاءات عبد الناصر مع بعض القادة والشخصيات المهمة مثل تشى جيفارا والرياضى محمد على كلاى وكانت أسوشيتيد برس على رأس المهتمين.