السبت 20 ابريل 2024

دوار الصراحة.. «براءة الدكتور مبروك عطية»

مقالات28-6-2022 | 14:00

هذه الأيام لعلكم تلاحظون مثلي أنه كلما تحدث فقيه أو عالم وإمام من فقهاء وأئمة وعلماء الأزهر الشريف عن حالة العنف والتفكك والانهيار الأخلاقي التي أصبحت ظاهرة تسود المجتمع، ومدى علاقة انتشار هذه الاضطراب المجتمعي بالغياب الملحوظ للوازع الديني والمعرفة السليمة لصحيح الدين عن تربية الأسرة لأبنائها وبناتها.

 

على الفور وعلى الهواء مباشرة وعبر شاشات فضائيات وقنوات تلفزيونية، ينتفض عدد من المشككين المتربصين المتسابقين، والمتنافسين في الهجوم وتوجيه السباب والإهانات البالغة التجاوز، بحق المكانة العلمية والدراسية لهؤلاء الأئمة والفقهاء والعلماء دون رقيب أو عتيد.

 

يقولون.. إذا عرف السبب بطل العجب، ولأنني أعرف السبب فقد صرت واحدا من هؤلاء الناس الذين لم يعدوا يتعجبون أو يندهشون على الإطلاق من ماراثون هذا الانحطاط الأخلاقي المخلوط بخارطة طريق أجنبية تستهدف مباشرة مؤسسة الأزهر الشريف والسعي لانهيارها وفقدان مصداقيتها بين سائر المسلمين في مصر وخارجها.

 

والسبب الذي أعرفه ويعرفه كثير من المهتمين بهذا الماراثون الزمني والذي بدأ منذ انعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة عام 1994 برعاية الأمم المتحدة، أي قبل 28 عاما، وقتها تسببت أجندة المؤتمر في إحداث جدل كبير على مستوى المؤسسات الدينية ومراكز البحوث الاجتماعية.

 

قد لا يعرف البعض أنه منذ عام تقريبا أي في عام ٢٠٢١ وفي جنيف بسويسرا صدرت مؤخرا وثيقة للأمم المتحدة بشأن اتفاقية تسمى (سيداو) وافقت عليها العديد من الدول ورفضتها أخرى، وكان من بين الرافضين السعودية وهنا في مصر كانت مؤسسة الأزهر لما تضمنته هذه الاتفاقية من بنود تتعارض وأصول الدين الإسلامي، تحديدا ما ورد منها نصا في القرآن الكريم، وهنا يكمن سر الهجوم المستمر والانتقاد العنيف المتواصل والمتجاوز ضد الأزهر الشريف وعلمائه.

 

ومن يقرأ ويطالع أسباب رفض المملكة العربية السعودية لهذه الاتفاقية، سيكتشف ويدرك جيدا أننا فعلا أمام مؤامرة دولية خفية خبيثة تستهدف ضرب وقصف ثوابتنا الدينية السليمة.

 

كنا جلوسا على مقهى وسط البلد، عندما قص علينا أحد الأصدقاء موقفا تعرضت له ابنته قبل أيام من إحدى زميلاتها وهي تستعد لأداء امتحان مادة التربية الدينية بالثانوية العامة، وهذا الموقف يكشف فعلا، كيف أن غياب تعليم الدين الصحيح عن بيوتنا وتهذيب وتربية أبنائنا، لعب دورا كبيرا في كثير من الجرائم التي يشهدها مجتمعنا المصري هذه الأيام، لاسيما ظواهر العنف من قتل وذبح وانتحار.

 

قال الأب "قبل امتحان مادة التربية الدينية بيوم تلقت ابنتي اتصالا هاتفيا من إحدى زميلاتها تسألها عن المقرر في المنهج من الآيات القرآنية".

 

 فأجابتها "بأن هناك آيات من سورة النور وآيات أخرى من سورة الصافات"، وبمجرد أن سمعت زميلتها أن هناك سورة اسمها النور، انتابتها نوبة ضحك شديدة واستغربت وفي دهشة سألت "أنت بتتكلمي جد هو في سورة في القران اسمها النور؟"، أقسمت لها ابنتي : "نعم هناك سورة النور موجودة في المصحف الشريف"، إلا أن زميلتها لم تصدق وقالت إنها سوف تتأكد من صحة هذا الكلام عبر البحث في جوجل على الإنترنت".

 

عندما سمعت الحكاية من ابنتي، طلبت منها أن تنصح زميلتها بالرجوع إلى المصحف الشريف للتأكد والاطمئنان على صحة المعلومة أفضل.

 

تخيل البنت رفضت وتمسكت بأن عملية "سيرش" بسيطة على محرك البحث جوجل هي الحل، وأنهت المكالمة وهي متأكدة أن العم جوجل سوف ينصفها وأن بنتي "تحور عليها" أو كما يقولون "بتشتغلها".

 

يكمل الأب الصديق روايته.. بصراحة شعرت بالخوف الشديد على هذا الجيل المغلوب على أمره، لقد انتابني حزن شديد على هذا الجيل وكيف سقط ضحية لعصابة التغريب عن الدين والقرآن.

 

هذه مجرد عينة من حكايات واقعية متكررة وتتزايد بين أبناء هذا الجيل الضحية الذي سقطت منه نسبة ليست قليلة تأثرا بذلك الخطاب الإعلامي المضاد والمشكك في ثوابت الدين والأزهر الشريف وعلمائه.

 

أصابني حزن شديد وأنا أشاهد وأسمع من المحامية وسيدة القانون نهاد أبو القمصان، وهى تهاجم وتنتقد الأستاذ الجامعي الدكتور مبروك عطية بـ إهانة متعمدة تمثلت في التقليل من شأنه والتشكيك في قدراته العلمية بسخرية غير مقبولة.

 

وعندما أعدت على مسامعي مقطع "فيديو الأزمة" الذي تحدث فيه الدكتور مبروك عطية عن واقعة ذبح طالبة جامعة المنصورة، اكتشفت أن ما ذكرته "أبو القمصان" بحق الشيخ مبروك كان من منهج "ولا تقربوا الصلاة"، الذى يكاد يكون هو المنهج الإعلامي المعتمد لدى هؤلاء.

 

نعم هناك بتر متعمد قد تم لحديث الشيخ، ما جعله في عيون المخدوعين والمغيبين متهما بالتحريض على قتل المرأة وإهانتها، وهناك تربص مخطط للانقضاض عليه والفتك به.. وهو بريء من هذا الاتهام بالدليل والبرهان.

 

أنا هنا لست مدافعا عن الدكتور مبروك عطية، نعم لقد أخطأ الفقيه في اختيار ألفاظه ومصطلحاته التي خرج بها علي المشاهدين وهو يعلق معقبا على الحادث، فقد كانت عباراته غير مناسبة ولا تصلح للقول والوعظ في تلك الظروف.

 

إلا أن ذلك لا يمنح الحق لهؤلاء المتربصين في الإساءة وتشويه صورة عدد من أئمة الأزهر الشريف وفقهائه وعلمائه يشهد لهم الجميع بغزارة علمهم وصحة ثوابتهم بالبراهين القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.