بدأت اليوم الثلاثاء أولى جلسات الحوار الوطني، الذي أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي ليشمل كل القوى السياسية دون استثناء أو تمييز، في دعوةٍ هي الأولى من نوعها، منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية 2014، وحتى تنجح هذه الجلسات وتأتي بنتائجها يجب أن يؤخذ في الاعتبار الآتي:
بناء الثقة:
تميل الخطوات الأولى في الحوارات الوطنية إلى اتصافها بتوترات شديدة، واحتياج عالٍ لأن يكون هناك مستوى عالٍ من الثقة، بما يوفر ألا تكون أحزاب المعارضة قلقة حِيَال مصداقية المبادرة التي تقودها الحكومة.
لذا من المهم أن تحظى دوليًّا بالدعم، وبتحفيزٍ مستمرٍ للمبادرة على الصعيد الوطني، وفي هذه الأجواء يكون لإجراءات بناء الثقة أمنيتها؛ إذ يمكنها إيصال رسائل مهمة حول صدق أحد الطرفيْن أو كليْهما، وقد تكون جوهريةً لبناء ثقةٍ عمليةٍ بين الأطراف.
وضع جدولٍ للأعمال:
بتحديد القضايا المطروحة للنقاش، والأطراف المشاركة فيها؛ لكي يتجنب أن لا يذهب الحوار لغير الوجهة المخصص لها، بجانب تقرير حجم المشاركة، سواء كان شعبيًّا أم نخبويًّا أم مؤسساتيًّا، وفهْم أن لكل مستوى خصوصيته، ووضْع المبادئ التوجيهية والقواعد، وتطوير اتخاذ القرارات، وصنعها وأساليب بناء التوافق.
ومن هنا فيلزم التسريع برفع جدول الجلسات، وموضوعاتها، والأطراف المشاركة فيها، قبل بدْء النقاشات الفعلية؛ قطعًا للتشكيكات، وتجنُّبًا للانخراط والانسياق وراء قضايا لا أولوية لها. ومن هذا المنطلق، يجب الأخذ في الاعتبار بتنويع أماكن عقْد جلسات الحوار لاحقًا، وأن تعقد الجلسات الفرعية في أماكن تحظى بقبولٍ بين مختلف الفصائل، أو حتى في مقرَّات تواجدهم.
اختيار المشاركين:
يقوم اختيار المشاركين على تحديد المكونات السياسية والمجتمعية، ومعايير الاختيار، وعملية الاختيار، ولا بُدَّ من تصميم عمليات الحوار الوطني بطريقةٍ تعكس التركيبة الاجتماعية للمجتمعات ذات الصلة بالقضية أو القضايا المراد طرحها.
يشكل اختيار المشاركين أداة رئيسية تضمن أن تكون الحوارات الوطنية شاملة وذات قاعدة عريضة، ويثير ذلك عددًا من الأسئلة والمعضلات حول تكوين العملية، كما يجعل منهجية اختيار المشاركين مهمة محورية وسياسية للغاية.
ومن هنا يجب الإدراك أن الجلسات الأولى تضع الانطباعات الأولية عن اتجاه الحوار، ويمكن التأكيد على أن التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة في وجود أطراف ومصالح كثيرة إلى طاولة النقاش حول الموضوع الواحد، بالرغم من أن تمثيل مجموعة واسعة يحاول تغطية نطاق أوسع من التأييد الشعبي، كما يلزم تصميم وتنسيق تبادل المعلومات والتوافق على اتخاذ القرارات والمشاركة البسيطة بطريقة جيدة. ومن ثم يجب أن يُؤخذ في الاعتبار، أن تُدار آلية السماع والتفاعل مع الفئات المختلفة في شكل دوائر، وأن يكون هناك فرصة للتفاعل مع كافة الفئات المدعوّة، خصوصًا ذوي القضايا المهمة .
** باحث في دراسات السلام والصراعات- مركز شاف للدراسات المستقبلية