أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم أن الصين تتأهب للكشف عن أداء اقتصادي "قاتم وسيئ للغاية" للربع الثاني من العام الجاري في وقت لاحق من غد الجمعة، لأسباب تعود معظمها لقرارات الإغلاق الأخيرة المرتبطة بمكافحة تفشي موجات فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في المدن الصينية الكبرى، ما قد يزيد من المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود عالمي.
وقالت الصحيفة (في معرض تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن) ان ثاني أكبر اقتصاد في العالم ربما يكون قد واجه خطر الانكماش خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو الماضي، كما يقول خبراء، على الرغم من أن بكين قد تعلن عن تسجيل نموا متواضعا.
وقال ماكس زنجلين، كبير الاقتصاديين في معهد مركاتور للدراسات الصينية:" ان الحكومة لن تعترف بالانكماش". وأضاف:" انه كلما زاد النمو بعيدًا عن الصفر، كلما قلت مصداقية الرقم الرسمي".
وأكدت الصحيفة أن التباطؤ الحاد يمثل انتكاسة مؤلمة للصين، التي قادت العام الماضي مجموعة الاقتصادات الكبرى في انتعاشها من الوباء. ومنذ ذلك الحين، أعيد فتح دول مثل الولايات المتحدة إلى حد كبير، لكن قادة بكين ضاعفوا من نهجهم المتمثل في القضاء على كل بؤرة تفشي للوباء من خلال إجراءات صارمة، بزعم أن الكثيرين سيموتون إذا رفعت الصين القيود وأعادت فتح أبوابها.
وأضافت: أن هذه الاستراتيجية أصبحت مثيرة للجدل بشكل متزايد ومدمرة اقتصاديًا. حتى أن احتمالية تفشي المزيد من المتغيرات المعدية هذا العام تعني أن بكين ستقرر عمليات إغلاق جديدة ربما تكون أطول وأكثر شدة لإيقاف تفشي المرض دون الاعتراف بأن إغلاق شنغهاي، أكبر مدن الصين من حيث عدد السكان، كان مدمرًا بشكل خاص.
وأشارت الصحيفة إلى زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانج، في الاسبوع الماضي، لمدينة فوتشو الساحلية للقاء مسئولين من جميع أنحاء الحزام الصناعي الجنوبي الشرقي، ومناقشة كيفية تحقيق الاستقرار في الاقتصاد. وبحسب وكالة أنباء شينخوا الرسمية، قال لي إن الوضع يمر بمرحلة حرجة.. وحث المسئولين على توجيه الاقتصاد "إلى مساره الصحيح".
وتابعت: أن عمليات الإغلاق المتكررة في الصين أدت إلى تدهور الاقتصاد خلال الأشهر الأخيرة، مما ترك العديد من الأشخاص عاطلين عن العمل وعاملين جزئيًا، لا سيما في الصناعات الخدمية. فقد بلغ معدل البطالة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 عامًا في المدن 18.4 في المائة في مايو الماضي وحده، وهو أعلى معدل منذ أن بدأت بكين في نشر مثل هذه التقييمات في عام 2018. أما في أبريل، فلم يتم بيع سيارة واحدة في شنغهاي، حيث ظل سكان المدينة البالغ عددهم 25 مليون نسمة داخل منازلهم.
تعليقًا على ذلك، قال تيانلي هوانج، الزميل الباحث في معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي بواشنطن:" ان الاقتصاد الصيني في وضع سيء للغاية الآن. كما ان طلبات المستهلك أضحت ضعيفة للغاية".. وأضاف: أنه يُتوقع أن تخفق الصين في تحقيق هدفها المتمثل في تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5.5 في المائة للعام بأكمله بسبب شدة عمليات الإغلاق وتداعياتها.
وأخيرًا، أبرزت الصحيفة أن عمليات الإغلاق في الصين تسببت في توقف إنتاج المصانع وتعطيل سلاسل التوريد وتأخير شحن البضائع إلى بقية العالم، حتى أن المشكلات المرتبطة بعرض وتوريد السلع كانت محركًا رئيسيًا للتضخم في الولايات المتحدة، الذي ارتفع إلى 9.1٪. ورغم أن شنغهاي بدأت في إعادة فتح أبوابها في بداية يونيو، غير أن وصول متغير فيروس كورونا الجديد BA.5 يهدد بإغلاق جديد؛ حيث أعادت شنغهاي بعض المجمعات السكنية إلى الإغلاق وطلبت من ملايين الأشخاص اختبارها مرة أخرى.