تشهد مصر ارتفاعًا غير مسبوق في نسب الولادة القيصرية، وأوضحت أخر دراسة كشفت عنها وزارة الصحة المصرية، بالاستعانة بتقارير صادرة من منظمة الصحة العالمية، أن 63% من نسب الولادة في مصر قيصرية، فيما تلد امرأة واحدة من كل خمس نساء بعملية قيصرية في فرنسا.

وتترك التجربة القيصرية علامات عميقة، يمكن أن تهز العلاقة بين الأم والطفل، فبين ضيق، وألم، وشعور بالولادة "الفاشلة"، يصير حال النساء اللاتي يخضعن لعمليات الولادة القيصرية، واللاتي غالبًا لا يخرجن منها سالمات.

وفي كتابه "بعد الولادة القيصرية" يطلعنا الدكتور آدم كانر، أخصائي تقويم العظام في فرنسا، ومؤلف الكتاب على بعض العواقب المتعلقة بالندبات وكيف تبدأ عملية الشفاء العالمية، ويقدم نصائح حول إعادة الاتصال بجسمك بعد هذه المحنة كما يراها.

 

ندبات متعددة

تترك العملية القيصرية بصمة واضحة على الجلد، وندبات أخرى داخل الجسم، حيث يتم من خلالها شق العديد من أنسجة الجلد وعضلات البطن (شق اللفافة وفصل عضلات المستقيم والرحم)، ما يخلق نوعًا من التوترات، واستبقاءً غير عادي للحركة في التبادلات الخلوية، ويلاحظ آدم كانر، أخصائي تقويم العظام في فرنسا، ومبتكر طريقة التناسق العالمي للندبات في كتابه أن الندبة تخلق شدًا موضعيًا، ينتج عنه ألام في الظهر والرقبة.

 

اضطرابات هضمية

يمكن أن يكون الألم والتشنجات واضطرابات العبور في أثناء الولادة القيصرية مسؤولة أيضًا عن اضطرابات الجهاز الهضمي، فالصِفاق (الجلد في الباطن أسفل الجلد السطحي) الذي تم قطعه وقت العملية القيصرية، هو غشاء يغلف الجهاز الهضمي ويتصل بالعمود الفقري، وفق طبيب العظام الذي يقول: "ما يمكن أن يجعل الأمعاء تتحرك قليلًا، فيغير هذا الشق حركة الجهاز الهضمي، ويتسبب في مضاعفة ألام البطن بعد الولادة القيصرية بنسبة (10.9٪) مقارنة بالولادة المهبلية التي لا تتعدى نسبة ألام البطن بها (5.5%).

 

حساسية مختلفة

يمكن أن تغير العملية حساسية الجلد لتصبح منطقة القيصرية شديدة الحساسية، أو على العكس من ذلك تمامًا تصبح فاقدة للحس يقول آدم كانر: "إنها ليست مسألة قطع الأعصاب، ولكنها مشكلة علاقة وإدراك مع هذا الجزء من الجسم، فعندما لا تكون لديكِ حاسة في هذه المنطقة تشعرين بالضعف، لذا عليكِ أن تتحركي كثيرًا لاستعادة حاسة هذه المنطقة مرة أخرى".

 

ضعف الترابط بين الأم والطفل

ومن وجهة النظر النفسية، يمكن أن تسبب العملية القيصرية اضطرابًا، لا سيما عند السيدة التي تتهيأ للولادة الطبيعية، ويتابع طبيب العظام: (إذا أخذنا منعطفًا من خلال علم الأحياء، فإننا ندرك أنه في الثدييات "الماعز، والزرافة... إلخ"، لا تتعرف الأنثى على نسلها في حالة الولادة القيصرية، وفي البشر تعوض المرأة نفسها بالقشرة المخية الحديثة لخلق اتصال بينها وطفلها، ولكن قد يكون الأمر في الجزء القديم من دماغ الأم، كما لو أن الولادة لم تكن موجودة، خاصة إذا أجريت العملية في حالة طارئة، حيث الخوف والغضب والذنب يختلط، لتمثل العملية القيصرية صدمة)، ويحذر الأخصائي من معاناة النساء من ذلك وترجمته لديهن على أنه انتهاك لأجسادهن، ليجدن أنفسهن في حالة إجهاد ما بعد الصدمة، ما يعرضهن لتعطيل النظام العاطفي والهرموني، الأمر الذي قد يؤدي إلى صعوبة تهيئة اللبن في ثدي الأم، وبالتالي عرقلة الرضاعة الطبيعية.

 

اضطراب الزوجين

في وقت الولادة القيصرية، يجد الزوج نفسه في الصف الأمامي مع الطفل، وقد يكون أول من يلامسه، ويلاحظ آدم كانر أن "بعض النساء يشعرن بالغيرة لا شعوريًا" ، لشعورهن بعدم القدرة على رعاية أطفالهن، الأمر الذي يخلق توترًا لدى بعض الأزواج، فالأم التي انفصلت عن طفلها لمدة ساعة أو ساعتين تشعر بأنه انفصال أبدي من حيث علاقتها بطفلها".

 

حلول لإعادة الاتصال بجسمك

ووضع آدم كانر طريقة تسمى "التناسق العالمي للندبات" تتيح إعادة الجسم إلى الحركة وتقليل الآلام الجسدية والنفسية والعاطفية التي تظهر بعد الولادة، ففي المنزل، يمكن أن تساعد بعض الخطوات كالتدليك المستمر والخفيف، حيث لوحظ أنه بعد التدليك تتحرر الأنسجة ومعها يتحرر الشعور بالعاطفة، وإن كان الأمر صعبًا لدى بعض النساء فيمكنهن تذكر أن طفلهن كان يستقر في هذه المنطقة كنوع من الامتنان الذي يجعل من صعوبة التدليك أمرًا خفيفًا هينًا.

يقول آدم كانر في كتابه: "من المهم زيادة الوعي بمستوى الندبة، فضعي نفسك في وضع مريح، وتحسسي الندبة بيدك ثم اذهبي لمقابلة بطنك، في ما يعرف بـ "التنفس البطني" الذي يعد أداة جيدة لاستعادة الشعور بهذه المنطقة، كما يعد تمرينًا لاسترخاء الندبة".  

ويعرف آدم كانر الولادة الطبيعية بـ "الولادة بالطاقة"، حيث يعرف الجسد مصيره ويجمع الطاقة لإنجاز مهمته وقت الولادة، فإذا لم تتم الولادة أو لم تنجح تظل هذه الطاقة منتظرة في الجسم، ويهيئ الأطباء الظروف لنشر "توصيل الطاقة"، فيمكن أن تعاني النساء من تقلصات كما هو الحال في الولادة المهبلية، وبمجرد حدوث ذلك تشعر المرأة بكونها أمًا بنسبة 100% ويصبح الترابط بين الأم والطفل متناسقًا بحسب "كانر".

 

اعتني بالندْبَة سريعًا

ويؤكد آدم كانر: "كلما تدخلنا مبكرًا للاعتناء بالندبة التي خلفتها العملية القيصرية، كان الشفاء أفضل، لكن هذا لا يعني عدم العمل على الندبة القديمة، حتى بعد سنوات، ففي جميع الحالات من الجيد الاعتناء بالندبة، لأن الهدف هو تحرير نفسك وإيجاد حوض واع وحيوي ونابض بالحياة، ونظرًا لأن الرحم أكثر هشاشة، يمكن أن يساعد ذلك في حالات الحمل في المستقبل، وكلما تم عمل الندبة بشكل أسرع، كان من الأسهل أن تتجدد أنسجة الرحم، وتصبح أكثر صلابة بالنسبة للحمل في المستقبل".