قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله "إن قمة جدة للأمن والتنمية تضمنت عددا من المخرجات، والتي نأمل أن يكون لها انعكاس إيجابي كبير على إرساء الأمن ودعم التنمية في المنطقة".
وأضاف وزير الخارجية السعودي - في مؤتمر صحفي عقده، اليوم /السبت/، عقب اختتام قمة جدة للأمن والتنمية، والتي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر الأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية - أن "اجتماع اليوم تضمن صدور بيان بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة يتعلق بالتعاون بين الجانبين.
وأشار إلى ما ناقشه القادة من مواضيع متعددة، وأبرزها مناقشة الأمن الإقليمي والأمن الغذائي العالمي والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة، والربط الكهربائي بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الربط الكهربائي بين السعودية والأردن ومصر، وكذلك ما يتعلق بأمن الملاحة، إضافة إلى التحديات العالمية المتعلقة بالمناخ والعودة الاقتصادية من آثار جائحة كورونا.
وحول العلاقات مع إيران ودور الوساطة العراقية في هذا الصدد، قال وزير الخارجية السعودي "إن يد المملكة لازالت ممدودة إلي إيران، وهناك حرص على إيجاد مسار للوصول إلى علاقات طبيعية بين البلدين"، لافتا إلى أن هذا مرتبط ارتباطا أساسيا بإيجاد تفاهمات تعالج مصادر قلق المملكة ودول المنطقة كافة فيما يتعلق ببعض الأنشطة الإيرانية.
ووصف المحادثات التي تمت حتى الآن بين الجانبين بـ"الإيجابية"، إلا أنه أوضح أنها لم تصل إلى النتائج المرجوة.. وأكد دور العراق المهم والإيجابي في دفع المحادثات إلى الأمام بشكل يجعل المملكة تستطيع أن تستمر في هذه المحادثات، معربا عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة بعض التطورات الإيجابية.
وشدد على التزام المملكة العربية السعودية بالبحث عن تفاهمات مناسبة، كما أعرب عن تطلعه إلى أن تكون إيران بنفس هذه الروح.
وردا على سؤال حول المباحثات التي تمت بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان "إن ولي العهد أكد للرئيس بايدن أن جريمة مقتل خاشقجي اتخذتها السعودية على محمل الجد وعملت عليها وفق قانونها".
وأضاف: "الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت أخطاء كثيرة واتخذت إجراءات لمحاسبة المخطئين لمعالجة تلك الأخطاء، وكذلك فعلت المملكة العربية السعودية في هذه القضية".. لافتا إلى أن مناقشة القيم والمبادئ تأتي من خلال الحوار، وأن محاولة فرض القيم لن يكون له نتائج إيجابية بل على العكس تماما.
وتابع: "الطريقة الصحيحة لمناقشة القيم هي إظهارها للناس، وإن كانت قيمك صحيحة ومقبولة للجميع فالطبع سيتبناها الجميع.. وولي العهد واضح في ذلك بأن لدينا قيمنا الخاصة ونفخر بها، وأنه في حال رغبة أمريكا المعاملة مع الدول التي تعجبها قيمها فقط ستكون قائمة الدول الصديقة قصيرة جدا، والسبيل الوحيد للعمل معا هو احترامنا والرئيس بايدن رحب بتلك المناقشات".
وردا على سؤال عن وجود اتفاق دفاعي بين إسرائيل والدول المشاركة في قمة جدة وتشكيل ناتو عربي، قال وزير الخارجية السعودي "لم يطرح وجود تعاون عسكري أو تقني مع إسرائيل، والناتو العربي ليس مجال حديث في قمة جدة، وهو غير مطروح، لكن طرحت المملكة العربية السعودية منذ 5 سنوات فكرة تكوين منظومة دفاع مشترك عربي يكون فيه رفع لمستوى التنسيق العربي فيما يتعلق بالأمن والدفاع"، مشيرًا إلى أنه لازالت من أولوية السعودية تطوير عملية التنسيق العسكري والدفاع العربي المشترك.
وعن زيادة إنتاج النفط، قال الأمير فيصل "إن إنتاج النفط لم يتم مناقشته في هذه القمة، وأوبك مستمرة في تقييم أوضاع السوق حسب معاييرهم.. والسعودية لديها علاقات استراتيجية مع عدة شركاء، وتبقى الولايات المتحدة شريك رئيسي، وهذه القمة توضح القيم السعودية الاستراتيجية"، موضحا أن الشراكة وفرت للسعودية العديد من المنافع في المنطقة.
وردا على سؤال حول العلاقات السعودية الأمريكية، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله إن الشراكة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية قديمة وقائمة ومستمرة وشواهد استمرار هذه الشراكة وتنميتها حاضرة والاتفاقيات التي تم توقيعها أمس ما أتت في يوم وليلة، وهذا كله يتم العمل عليه منذ أشهر وبتعاون وتنسيق مع الولايات المتحدة.
وأضاف أن هذه الشراكة قدمت للبلدين مصالح وفوائد كبرى، منوها بأهمية السعودية في المنطقة وبدورها في مجموعة العشرين وبأهميتها في منظومة الاقتصاد العالمي.. وأكد أنه لا يوجد لاعب فاعل إلا أن يحتاج التعامل معها والعمل معها وكان هذا قائما مع الإدارة الأمريكية الحالية والإدارات السابقة.
وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن العلاقة مع الولايات المتحدة مستمرة ومجالات التنسيق الاستراتيجي قائمة، معربا عن التطلع إلى البناء على الـ 70 أو 80 سنة الماضية إلى تعاون مستمر مع الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية السعودي ردا على سؤال حول الرد الخليجي على الطلب الأمريكي بشأن زيادة إمدادات الطاقة والنفط، إن منظومة (أوبك +) قائمة وتعمل على متابعة أوضاع السوق والتجاوب مع احتياجاته، مشيرا إلى أن مناقشات الإنتاج تتم في إطار منظومة ( أوبك+).
وأضاف "نستمع لكافة المداخلات من الشركاء حول العالم خاصة الدول المستهلكة، ولكن في النهاية (أوبك +) لديها منظومة قائمة لمتابعة الأسواق وضمان إمدادها بما تحتاجه من الطاقة وهذه المنظومة حتى الآن فاعلة وتعمل بالشكل المطلوب .
وردا على سؤال حول التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، قال إن الحل لذلك هو الدبلوماسية والحوار، وأن الأمر يعود لإيران في حال كانت ترغب في طريق الدبلوماسية أم لا، وأشار إلى وجود اتفاق على طاولة المحادثات وأنه قد يتم استخدام هذا الاتفاق للتحدث عن المخاوف التي تتعلق بخطر البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا أن المملكة مستمرة بدعم الحوار والدبلوماسية لمعالجة مشكلة البرنامج النووي الإيراني.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان "إن السعودية تؤمن بمنظومة العمل الدولي متعدد الأقطاب، وتدعم استمرار حل كافة النزاعات والخلافات من خلال المنظومات الدولية القائمة".
وردا على سؤال حول انتاجية المملكة للنفط، قال فيصل "إن الـ13 مليون برميل نفط هي الطاقة الإنتاجية القصوى التي ستصل إليها المملكة، وكان ولي العهد يريد أن يكون هناك استثمار مستمر في توفير مصادر الطاقة الأحفورية للوصول إلى مصادر كافة من الطاقات المتجددة"، موضحا أن زيادة إنتاجية النفط يأتي لتلبية احتياجات الدول التي تعتمد على مصادر الطاقة الأحفورية ولم تستطيع بعد التحول إلى الطاقة المتجددة أو النظيفة.
وأكد ضرورة وجود نهج متوازن بين زيادة قدرة إنتاج النفط والاستثمار بشكل كبير في رؤية 2030 بالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، منوها بأن قمة جدة تبرز بشكل واضح نضوج منظومة العمل العربي المشترك.
وأضاف أن "الدول العربية أصبحت تتعامل مع ملفاتها بنفسها وتتبع أجنداتها الخاصة بها وتحاور الجميع من هذا المنطلق.. وكانت هناك مبادرات مهمة تبرز ذلك، مثل الربط الكهربائي بين الخليج والعراق والأردن ومصر".
وردا على سؤال حول هل سيتم إنشاء علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بعد فتح السعودية المجال الجوي لجميع الطائرات المدنية، قال وزير الخارجية السعودية "هذا ليس له أي علاقة بالعلاقات الدبلوماسية، هذا قرار اتخذناه وفقا لالتزاماتنا تحت بروتوكولات شيكاغو، ونحن نهتم أيضًا بالتواصل بين دول العالم، وهذا ليس معناه تمهيد لأي خطوات مستقبلية مع إسرائيل".
وأضاف: "جميع الطائرات من جميع الدول مسموح لها الطيران في الأجواء السعودية بشرط أن تستوفي الشروط، وهذا يشمل كل الدول".
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله - حول الخطوات المتخذة لوضع نهاية للأزمة اليمنية والتدخلات الإيرانية في اليمن -، إن المملكة تعمل بكل جد ليس فقط للوصول لتمديد للهدنة في اليمن ولكن لوقف إطلاق نار شامل ودائم يفتح الباب لمحادثات سياسية يمنية - يمنية تنهي الصراع، مؤكدا أن ذلك يتطلب أن يستوعب الحوثيون أن مصلحة اليمن في السلام والحوار وجعل اليمن في المقام الأول وليس الأجندات الإقليمية.
وفيما يتعلق بالتداخلات الإيرانية في اليمن، قال بن فرحان إن البيان الختامي سيتضمن إشارة لبعض آليات العمل المستحدثة التي تهدف بالتعاون الدولي لوقف استمرار تدفق السلاح الإيراني لليمن، مشيرا إلى أن السلاح الإيراني جزء كبير من تأجيج أواصر الصراع واستمرار الاقتتال هناك، معربا عن أمله في أن يتكاتف المجتمع الدولي لمنع استمرار تدفق هذه المنظومات والأسلحة لليمن بما يسهم للوصول إلى حل دائم.
وقال وزير الخارجية السعودي، إن الأمن الغذائي كان حاضرا بقوة في القمة وأنه تم الاتفاق على مجموعة إجراءات لضمان خروج الحبوب ووصولها للدول التي تحتاجها.
وأضاف أن هناك إعلانا أمريكيا بتوفير مبالغ محددة للمنطقة للمساعدة في تأمين الغذاء كما أن هناك مجموعة من الصناديق العربية تبرعت بـ10 مليار دولار لدعم الأمن الغذائي وأن هناك تنسيقا على أعلى مستوى تقوده الجامعة العربية لرفع درجة التنسيق بن الدول العربية خلال هذه الأزمة.
وردا على سؤال حول التفاهم والتناغم السعودي الأمريكي بشأن الملف الايراني، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله "إن هناك تناغما كاملا في الأهداف، وهناك تنسيق كبير بين السعودية والولايات المتحدة فيما يتعلق بالتعامل مع الملف الإيراني، سواء كان النووي أو نشاط إقليمي".
وأكد أن المهم أيضا هو وجود تناغم عربي بشكل كبير في هذا الجانب، وأهمية التعامل مع هذه التهديدات بجدية، مضيفا أنه "أصبح واضحا أن من أراد أن يكون له أجندة في المنطقة يتعامل مع السعودية وبقية الدول الحاضرة في الاجتماع، ومن أراد أن يكون له أجندة عالمية لابد له أن يتكلم مع السعودية والدول الحاضرة في هذا الاجتماع لأن الترابط الاقتصادي العالمي والأدوار الموجودة سواء كانت السعودية أو الدول الأخرى الحاضرة في الاجتماع تفرض أن هذه المنطقة أصبحت شريكا أساسيا لكل أحد".
واختتم تصريحه بالقول "إننا نرى أن دولا كثر تأتي إلى المنطقة ليكون لها حوار وشراكات استراتيجية، وهناك تنسيق عال المستوى بين الدول الفاعلة في العالم العربي لتوحيد النظر وتوحيد الأجندة بشكل يجعل لها قوة ويجعل لها صوتها".