الأربعاء 26 يونيو 2024

مؤلفات للأوركسترا السيمفونى أرخت لتاريخ مصر الوطنى

مقالات20-7-2022 | 11:21

فى عام 1932 بدأت حركة التأليف الموسيقى فى مصر،عندما قام رائد التأليف الموسيقى المصرى يوسف جريس(1899-1961) بتأليف القصيد السيمفونى (مصر)، وعبر فيه عن مدى حبه لبلاده، وأتبعه بعدة مؤلفات فى هذا الاتجاه هى القصائد السيمفونية (أهرام الفراعنة – النيل والوردة – نحو ديرفى الصحراء) والسيمفونية الأولى (مصر).
وبعد ذلك جاء مؤلف الموسيقى المصرى أبوبكر خيرت(191.-1963)فقدم عام 1954 (سيفونية الثورة)، وتلاهما الجيل الثانى من مؤلفى الموسيقى المصريين، وكان لهم إسهاماتهم فى تقديم مؤلفات موسيقية للأوركسترا تعبر عن كفاح الشعب المصرى الذى سجله له التاريخ بكل فخر واعتزاز،ومن تلك المؤلفات نذكر:

- السيمفونية الأولى (الثورة) فى سلم فا الصغير مصنف (20) لأبوبكر خيرت، وقد ألفها عام 1954 .                                

- الافتتاحية التصويرية (قناة السويس)التى ألفها كامل الرمالى (1922-2011)عام 1957 وفى عام 1960، قدم رفعت جرانة (1924-2017) السيمفونية التصويرية ( 23يوليو)، وفى عام 1962 قدم (السيفونية العربية)، وفى عام 1966 قدم جرانة أيضا القصيد السيمفونى (بورسعيد)، وفى عام 1974 قدم قصيده السيفونى(6 أكتوبر)

وقدم فؤاد الظاهرى (1916-1988) مؤلفات تحمل عناوين (نداء الحرية- تحطيم الأغلال – الأرض الثائرة)، وألف عمر خيرت (1948)بانوراما العبور.
وفيما يلى عزيزى القارئ ألقى لك الأضواء على بعض المؤلفات الموسيقية سالفة الذكر :

أولا :القصيد السيمفونى (مصر) ليوسف جريس      

إن القصيد السيفونى (مصر) من المحاولات المصرية الأولى لتأليف موسيقا مصرية متطورة تتصل إتصالا وثيقا بالتراث الموسيقى العالمى، ولقد قدم هذا القصيد السيفونى لأول مرة  بمدينة الإسكندرية فى السادس عشر من اغسطس عام 1933، وكان الأوركسترا بقيادة المايسترو التشيكى جوزيف هوتيل .
ويعتمد القصيد السيمفونى (مصر)على لحنين متعارضين الأول غنائى الطابع،ويقدم من الآلات الوترية يلى ذلك فقرة إنتقالية يسمع
بعدها اللحن الثانى وهوسريع ويقدمه الأوركسترا كاملا، وبعدها يستعرض يوسف جريس ألحانه فتعاد الألحان الأساسية  ويختتم القصيد السيمفونى (مصر) بلحن قاتم بعض الشئ كتبه يوسف جريس تحية لأرواح شهداء ثورة الشعب المصرى عام 1919 .  

والقصيد السيمفونى (مصر) تصوير رائع للأرض الطيبة التى نعيش على ترابها، وهو فى نفس الوقت تعبير صادق عن حب الفنان يوسف جريس للأرض التى نشأ فيها ، والحانه ذات طابع مصرى صميم ،وهو قد إستغل العلوم الموسيقية الأوروبية من هارمونية وبوليفونية وكتابة للوركسترا ،فى حدود تسمح بإبراز العناصر العربية دون المساس بجوهر اللحن والإيقاع . وبعد أن يصور يوسف جريس الأرض الطيبة بواديها الأخضر النضير . 
ويعبر يوسف جريس عن الصحراء التى تحيط بالوادى ، بأنغام عريضة، لقد عبر جريس عن أبناء مصر وحبهم لوطنهم، وصور مظاهر الحياة على ضفاف النيل الخالد فى نبل وفخامة. 

ثانيا: الافتتاحية التصويرية (قناة السويس) لكامل الرمالى :
ألفها كامل الرمالى عام 1957،ثم أعاد النظر فيها عام 1959، وقد قال المؤلف أنه صورفى هذه الافتتاحية التصويرية الحياة الوادعة للشعب المصرى قبل حفر قناة السويس، وواصل التعبير بموسيقاه عن الأحداث التى جرت منذ حفر قناة السويس ، وحتى  تأميمها فى 26يوليو1956، ثم ينهى كامل الرمالى الإفتتاحية بالتعبير عن فرحة الشعب المصرى العارمة بتاميم قنا السويس، ونجاح المرشدين من مصر ومن بعض البلاد الصديقة فى إدارة قناة السويس بعد تأميمها .  

تنويعات سيمفونية (بلدى) لكامل الرمالى     
بنى المؤلف هذا العمل على اللحن الشعبى المعروف (بلدى يا بلدى وانا نفسى أروح بلدى )، وقدمه فى صيغة اللحن وتنويعاته المعروفة فى الموسيقى العالمية والتى يقدم فيها المؤلف لحنا من تأليفه أو من تأليف موسيقى آخر أو قد يكون لحنا شعبيا أولحنا  شائعا ،ثم يعيد تقديمه عدة مرات بأشكال مختلفة، فقد يغير سرعة أداء اللحن أو يغير نسيجه الموسيقى أوالميزان الموسيقى أو الآلات المؤدية للحن ، وغير ذلك من أساليب التنويع المعروفة ، وتتبادل آلات الأوركسترا تقديم اللحن، فتؤديه أولا آلات النفخ بمصاحبة إيقاعية.    
ثم تعزفه الوتريات وبعض آلات النفخ، حيث تقوم إحداها بالعزف  بينما تقوم الأخرى بمصاحبة ذات طابع إيقاعى  فتقوم الآلات الوترية  بالعزف نبرا أو بالعزف المتقطع من آلات النفخ ، ثم تؤدى اللحن على التوالى :

- آلات النفخ الخشبية مع الوتريات.

- أوبوا بمصاحبة طبلة بلدى (دربكة).

-  آلات نفخ نحاسية، وتريات، كاسات نحاسية، طبلة كبيرة.
         --------------------------------                          
رابعا : السيمفونية التصويرية (23 يوليو) لرفعت جرانة : 
أتمها المؤلف عام 1960، وقدمت حركتها الأولى لأول مرة فى أولى جفلات مهرجان 23 يوليو الموسيقى الأول فى شهر يوليو1963، وقد جاءت هذه السيفونية التصويرية فى أربع حركات، وعبر المؤلف فيها عما أحس به من مشاعر تجاه الأحداث الكبرى التى مرت بها مصر بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، وقد جاءت حركاتها الأربع على النحو التالى :  

 الحركة الأولى: سريعة ومكتوبة فى صيغة السوناتا،ويقدم لحنها الأول من الأوركسترا كاملا، وبعد فقرة إنتقالية يسمع اللحن الثانى 

وتعزفه آلة الكورنو الإنجليزى ،ثم تكرره آلة الكورنو الفرنسى،ويعاداللحن الأول مرة أخرى،وتتوالا أجزاء الحركة طبقا للبناء الموسيقى لصيغة السوناتا التى تعتمد على ثلاثة أقسام هى (العرض- التفاعل- إعادة العرض).

الحركة الثانية : ذات طابع غنائى، وتصور هذه الحركة خروج قوات الإحتلال البريطانى من مصر،بعد توقيع إتفاقية الجلاء عام 1954، وخروج آخر جندى بريطانى من مصر عام 1956 .

الحركة الثالثة: جاءت فى أسلوب الإسكرتسو (دعابة)، ويغلب عليها طابع المرح والسعادة، والحركة هنا تعبر عن فرحة الشعب المصرى بحصوله على حريته. 

الحركة الرابعة والأخيرة: تعبر عن القضاء على الإستعمار ،وانتصارالشعب المصرى، وهذه الحركة مكتوبة فى صيغة الروندو، التى تعتمد على لحن أساسى يتكرر عدة مرات، وبين كل تكرار وآخر يسمع لحن جديد،وتختتم الصيغة باللحن الأساسى.
             -----------------------------------
السيفونية العربية : لرفعت جرانة           

يقول الناقد الموسيقى الأستاذ أحمد المصرى فى تعليقه على العرض الأول للسيفونية العربية يوم (25/1/1964) ما يلى:
 "فى هذا العمل يحاول رفعت جرانة إستغلال أهم نماذج الموسيقى الأوركسترالية فى عرض ألحاننا العربية الشائعة ،ونسجل للمؤلف محاولاته العديدة السابقة فى صياغة بعض المؤلفات الأوركسترالية الصغيرة نسبيا والتى إلتقط مادتها اللحنية من الفن الشعبى العربى." 

والمقصود من بناء نهضة موسيقية ترتكز على الفن الشعبى هو الإحتفاظ  للموسيقى الأوركسترالية بمميزات الفن الشعبى، وفى نفس الوقت الإستفادة من إمكانيات تطور الفن الحديث. 

وهذه السيمفونية العربية إعتمد فيها المؤلف بالإضافة إلى الألحان العربية الأصيلة،على إستخدام الإيقاعات العربية ، فيستغل إيقاع السماعى الثقيل ،(الذى يتكون من عشر وحدات زمنية)وهو إيقاع عربى أصيل فى الحركة الثالثة.
وفى الواقع أننا إذا إستطاعنا أن نوفر لموسيقانا الإمكانيات الضخمة التى يتيحها إستخدام الأوركسترا الحديث والقوالب الموسيقية العالمية مع إحتفاظنا بطابعنا العربى، فإننا نكون بذلك قد استطعنا أن نحقق نهضة موسيقية تعتمد على العلم والفن معا. والسيفونية العربية هى خطوة جديدة فى هذا الإتجاه وأننا حين نضمها إلى المحاولات السابقة، نرجو أن تتتابع المؤلفات الأوركسترالية العربية على هذا النحو الذى يبشر بالخير. وقد جاءت السيمفونية العربية فى أربع حركات على النحو التالى :

الحركة الأولى: سريعة ، وتقدم لحنها الأساسى آلات الفاجوت والوتريات الغليظة الصوت (التشيللووالكونتراباص) وهو لحن ( عطشان يا صبايا دلونى على السبيل) وهذا اللحن مختار من ألحاننا الشعبية الشائعة،وهولحن قد تم إستغلاله من قبل فى عدد لابأس به من المؤلفات العربية.
وبعد أن تعرض لنا آلة الفاجوت والوتريات الغليظة الصوت للحن الشعبى المعروف تتلقفه آلات الأوركسترا المختلفة، ويلى ذلك فقرة إنتقالية صغيرة يعقبها سماع اللحن الثانى وهو أيضا من ألحاننا الشعبية أيضا وهولحن (خد البزة واسكت خد البزة ونام) ، وبعد أن تقدم آلة الكورنو هذا اللحن ، يعرض لنا المؤلف ألحانه الأساسية مع بعض التحوير مستغلا الإمكانيات الأوركسترالية البراقة. وتختتم الحركة كالمعتاد بقسم إعادة العرض. 

الحركة الثانية : معتدلة البطء فى استطالة وهذه الحركة مكتوبة فى أسلوب كونترابونطى، ويعتمد المؤلف فيها على اللحن الشعبى المعروف(آه يازين) ويستغله كأساس لبناء موسيقى متعدد الأصوات (فوجالية) يتميز بالأسلوب الحديث فى المعالجة البوليفونية، فالمؤف هنا يعطى نفسه بعض الحرية فى صياغة لحنه العربى بشكل يتيح له الإحتفاظ بخصائصه ومميزاته التى تنبع من البيئة العربية الأصيلة . 

الحركة الثالثة : سكرتسو، بمعنى (دعابة)،وهى تفيض بالحيوية ويعرض فيها المؤلف اللحن الشعبى الشامى المعروف(على دلعونة)يلى ذلك قسم التريو (الثلاثى) ويستغل فيه المؤلف الإيقاع العربى الصميم وهو السماعى الثقيل (المكون من عشر وحدات زمنية)مما يعطى هذا القسم بصفة خاصة والسيمفونية بصفة عامة لونا مميزا ،ثم يعاد الإسكرتسو مرة أخرى .

الحركة الرابعة والأخيرة: تبدأ بمقدمة قصيرة بطيئة وغنائية، ولحنها الأساسى هواللحن الشعبى المعروف (حول ياغنام) وتؤديه أولا آلات النفخ الخشبية، يلى ذلك القسم الأساسى من الحركة وهو سريع ونشط ، ولحنه الأساسى الأول هو نفس لحن المقدمة ، وتؤديه هذه المرة الالات الوترية ، وبعد فقرة إنتقالية تقدم آلة الكورنو الإنجليزى اللحن الأساسى الثانى ، وهويعتمد على لحن أذان الصلاة (الله أكبر) ويستعرضه المؤلف من المجموعات الأوركسترالية المختلفة .يلى ذلك قسم التفاغل ، ممتبوعا بإعادة عرض المادة اللحنية الأساسية ،وتختتم الحركة فى رقة ونعومة.


سادسا : القصيد السيمفونى (بورسعيد)  لرفعت جرانة (1966)     

صور فيه المؤلف أحداث العدوان الثلاثى الذى وقع على مصرفى (29 /10 /1956)، وشارك فيه كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، وفى هذا العمل إستخدم المؤلف ألحان الأناشيد الوطنية المصرية التى قدمت أثناء تلك الحرب، ورمز بها لكفاح الشعب المصرى ومقاومته الشرسة للقوات المعتدية، بينما رمز للقوات الفرنسية بلحن المارسيلييز،وللقوات الإنجليزية بمارش إنجليزى، وبالطبع فإن المؤلف لم يستخدم لحنا  يرمزلإسرائيل لأن الوضع السياسى فى ذلك الوقت لم يكن يسمح بذلك ، ثم أجرى المؤلف صراعا بين كل تلك الألحان السابقة. 
وقد قسم جرانة موسيقا القصيد السيمفونى (بورسعيد) إلى مقدمة وسبعة عشر جزءا ،صور من خلالها المراحل المختلفة للعدوان الثلاثى على مصر، والذى إنتهى بانسحاب القوات المعتدية .

والأناشيد التى استخدم جرانة الحانها فى هذا العمل هى (الله أكبر – والله زمان ياسلاحى – الجنة هى بلادنا وجهنم هى حدودنا – حنحارب) بالإضافة إلى لحن نشيد (ناصر كلنا بنحبك) ليرمز به إلى الزعيم الراحل جمال عبدالناصرالذى قاد مصر فى حربها ضد العدوان الثلاثى الغادر فى ذلك الوقت .

وبهذا فقد سجل رفعت جرانة أحداث معركة بورسعيد التى خاضها الجيش والشعب المصرى معا عام 1956 ضد الغزاة المعتدين، وقدم صياغة أوركسترالية موفقة لألحان الأناشيد التى قدمها الفنانون المصريون (شعراء وملحنون ومطربون ومطربات وموسيقيون ) أثناء المعركة وتحت قصف القنابل، واستطاع جرانة أن يصور مراحل المعركة خطوة خطوة ، بحيث يمكن تتبعها من خلال الإستماع إلى القصيد السيمفونى (بورسعيد)،كما ركز المؤلف على إستخدام آلات النفخ النحاسية والخشبية وهى آلات ذات طابع عسكرى ،فجاءت مناسبة تماما للموضوع ، وكذلك فقد قام المؤلف بتغيير الميزان الموسيقى وسرعة الأداء عدة مرات، ليتمكن من تصوير المراحل المختلفة للمعركة.

والجدير بالذكر أنه برغم أن تلك الحرب اشتهرت باسم (حرب السويس) فإن المؤلف قد إختار اسم (بورسعيد) لأنها المكان الذى بدأت منه الحرب ، كما أنها صارت رمزا للبطولة فى تلك المعركة. 
                -------------------------------
سابعا : القصيد السيفونى (6 أكتوبر) لرفعت جرانة .

إن يوم السادس من أكتوبر1973 يمثل يوما مجيدا فى تاريخ العسكرية المصرية، ففى ذلك اليوم حققت القوات المسلحة المصرية – بفضل الله –نصرا عزيزا، استردت فيه الكرامة واستعادت الأرض وصانت العرض، وردت لكل مصرى إعتباره.

وقد كان فن الموسيقى والغناء أول من سارع للإسهام المباشرفى دعم المقاتلين فى ميدان القتال ن والعمل على رفع الروح المعنوية للجبهة الداخلية ، فاستمعنا فى ذلك الوقت إلى أغانى مثل (باسم الله .. الله اكبر .. باسم الله – سمينا وعدينا – عبرنا الهزيمة يامصر ياعظيمة – رايات النصر- عاش اللى قال – إبنك يقولك يابطل – صباح الخير ياسينا)، هذه أمثلة من الاغانى التى سارع الفنانون المصريون بتقديمها منذ اللحظة لإندلاع المعارك ، ومن المؤلفات الموسيقية البحتة التى خلدت تلك الفترة المجيدة ، القصيد السيمفونى (6 أكتوبر) لمؤلف الموسيقى المصرى رفعت جرانة، الذى قال عنه: " لقد كتبت هذا القصيد السيمفونى بعد أن عشت أجواء المعركة ، واستمعت إلى أبطالها والأمجاد التى حققها الجنود المصريون الأبطال خلال المعارك الشرسة التى خاضوها خلال تلك الحرب سواء بالعبور الكبير لقناة السويس –ذلك المانع المائى الضخم-أو فى تحطيم خط بارليف الحصين وكذلك تحطيم أسطورة الجيش الذى لايقهر" ،ويضيف رفعت جرانة " بدأت فى كتابة هذا القصيد السيمفونى بعد شهر من بداية المعركة ، وجعلت لكل آلة موسيقية دورها فى تصوير الأحداث". وقد إنتهى جرانة من تاليف هذا القصيد السيمفونى عام 1974 .

ويستهل القصيد السيمفونى (6 أكتوبر) بتصويرالهدوء الذى كان يسود جبهة القتال ، ثم تسمع دقات بندول الساعة، انتظارا لحلول ساعة الصفر، وتستمر دقات بندول الساعة حتى تعلن ساعة الصفر من الأجراس (الساعة الثانية ظهرا)، وبعدها يبدأ الهجوم الكبير، فيصوره المؤلف بعزف قوى من كل آلات الأوركسترا، ويسمع جزء من السلام الوطنى المصرى تعبيرا عن رفع الأعلام المصرية فوق جبهة القتال ، وإعلانا عن انتصار القوات المسلحة المصرية ،وتمركزها فى مواقعها . وقد إستطاع رفعت جرانة استعراض قدراته المتميزة فى الكتابة للأوركسترا  السيمفونى الكبير للتعبير والتصوير،مستغلا فى ذلك لغة هارمونية حديثة ، تتضح من خلال إستخدامه الواعى للتآلفات المتنافرة ،فجاء قصيده السيمفونى معبرا أفضل تعبير عن أحداث معارك 6 أكتوبر1973 المجيدة.      


       ---------------------------------------
ثامنا : بانوراما  العبور  لعمر خيرت 

استخدم فيها المؤلف لحن نداء (الله أكبر)كمحور أساسى لهذ االعمل، باعتبار أن هذا النداء كان مفتاح النصر فى حرب رمضان /أكتوبر1973 المجيدة التى أعاد فيها جنود مصر الأبطال الأرض والكرامة. 

تبدأ الموسيقى بلحن تؤديه آلات النفخ النحاسية التى ترتبط بالقوات العسكرية ، ثم يردد كورال من الرجال نداء (الله أكبر) تصاحبه إيقاعات تفيض بالحيوية تصور حركة الجنود العامرة قلوبهم بالإيمان، تمهيدا لإقتحام قناة السويس وتحقق العبور الكبير الذى أعقبه النصر المبين من الله العلى القدير. 
وتسمع همهمة من الكورال تصور الأصوات يطلقها رجال الصاعقة لإشاعة الرعب فى قلوب أعدائهم . وقد استطاع عمر خيرت أن يحافظ على الطابع العربى لغناء الكورال ووضعه فى إطار أوركسترالى مناسب ، وفى نفس الوقت نستمع إلى لحن كلمتى (الله أكبر) تؤديه آلات الأوركسترا المختلفة،وخاصة آلات النفخ النحاسية، التى ترمز إلى الإنجازات التى حققتها بفضل الله قواتنا المسلحة فى حرب رمضان / أكتوبر 1973 المجيدة .

وقد ألفت هذه الموسيقى لمصاحبة عرض (بانوراما العبور) الذى يعرض المراحل المختلفة لتلك المعارك ، لتكون بين يدى الأجيال القادمة . 
            --------------------------------
المراجع :

1- أحمد المصرى :تعليقات على حفلات أوركسترا القاهرة السيمفونى ايام(25/1/1964)-(3/7/1965)-(14/11/1986)-(9/7/1988)

2- د. بثينة فريد ود.زين نصار : القومية وأعلام الموسيقى فى أوروبا ومصر، القاهرة، مكتبة مدبولى ،1988 .

3- د. زين نصار:دراسة تحليلية لبعض أعمال رفعت جرانة، القاهرة، مجلة الفنون، العدد (36و37) مايو1989 .  

4- د. زين نصار: ما الموسيقى ، القاهرة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة ما ،2018 .

5- د. زين نصار: موسوعة الموسيقى والغناء فى مصر فى القرن العشرين ،الجزء الثانى ، القاهرة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2020  .
                  --