أكد النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن السلطة التشريعية في مصر بدأت في اتخاذ خطوات للحاق بركب حماية تقنية المعلومات والتطور التكنولوجي السريع، بإصدار قانون مكافحة تقنية المعلومات "الجرائم الإلكترونية" رقم 175 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية عام 2020.
جاء ذلك في كلمته اليوم الخميس، خلال المؤتمر الدولي حول تحديات حماية الحق في الخصوصية في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، والذي يعقد بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان، واللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لوزارة الخارجية.
وأضاف رضوان أن هذا القانون يسد مختلف الفجوات في مكافحة تلك الجرائم ووضع عقوبات لمن ينتهك حرمة الحياة الخاصة والاستخدام المسيئ للمواقع والوسائل الإلكترونية، كما استكمل البرلمان المصري بالتفاعل مع متطلبات المجتمع واقتراحات المجتمع المدني، بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020، ويوفر حماية للضحايا، خاصة في الجرائم المتعلقة بالنساء.
وأوضح أنه مع إطلاق أول استراتيجية وطنية تعني بحقوق الإنسان في مصر عام 2021، فقد أشارت الاستراتيجية إلى الحاجة لضمان الحق في الخصوصية في إطار تشريعي، خاصة الحاجة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية، بما يضمن إنفاذ الالتزام الدستوري بحماية حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين.
وأكد أن البرلمان المصري لا يزال يعمل بكثافة في اتجاهين: الأول تبنية العشرات من الاستحقاقات التشريعية التي فرضها الدستور، والثاني الإسراع بالاستجابة للاحتياجات التشريعية العاجلة لمواجهة الظواهر الملحة وغيرها من الظواهر ذات الطبيعة الاستثنائية، ويطرح النواب مشروعات قوانين لتطوير الإطار التشريعي المصري لمواكبة التطورات الجارية على مستوى الجريمة بالداخل والجرائم العابرة للحدود، والجرائم المستحدثة، لضمان حماية المجتمع من أي تهديدات.
وتابع: نشهد حاليًا طفرة غير مسبوقة في تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع مناحي الحياة علميًا وثقافيًا واجتماعيًا، ويستمر التطور لأبعد من ذلك لإدارة المعلومات والتلاعب بها والمساس بحرية الأشخاص وحياتهم وكرامتهم.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر يتواكب مع تطورات مصرية مهمة على صعيد حقوق الإنسان، حيث باتت قضايا حقوق الإنسان على قمة أجندة العمل الوطني في سياق تبني وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتجلى ذلك في وقف العمل بحالة الطوارئ، وإنطلاق مسار إعادة تأهيل مراكز الاحتجاز في مصر وفق فلسفة تعزيز الحماية المجتمعية، والمراجعة الحثيثة لموقف المحتجزين في قضايا الشأن العام بهدف إطلاق سراح كل من لم يتورطوا في العنف وإسالة الدماء، وهناك نحو 30 مشروعا تشريعيا وتعديلا تشريعيا قيد النظر حالياً بعد الانتهاء من إعدادهم بالتشاور مع ذوي المصلحة.
وأوضح أن الدولة المصرية تسعى - منذ سنوات - إلى تعزيز البنية التشريعية ومواكبة التطور المجتمعي، خاصة ما يتصل بحماية المعلومات والبيانات، فما يضيفه الدستور المصري 2014 من ضمانات هائلة - تتماهى وتزيد على المعايير الدولية لحقوق الإنسان - ومنها التأكيد في المادة (57) على أن الحياة الخاصة مصونة لا تمس ومنها المراسلات الالكترونية ووسائل الاتصال، بالإضافة إلى كفالته حماية الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وأن جرائم انتهاك تلك الحقوق لا تسقط بالتقادم في نص المادة "99".
واستطرد رضوان أن هذا المؤتمر عقد لإلقاء الضوء على مدى التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وما أسهم فيه من تغيير لصورة العالم والواقع الافتراضي الذي نعيشه وأشكال التواصل الاجتماعي والثقافي والتعليمي، لافتا إلى أنه سيتم بحث سبل معالجة التأثير السلبي لهذا التطور على التمتع بالحق في الخصوصية باعتباره من حقوق الإنسان الجوهرية وتأثيرها على كرامة الإنسان.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر يأتي في توقيت بالغ الأهمية لما تشهده حالة التطور التكنولوجي الهائل، حيث أنه مع تزايد وتيرة التطور، تبيَن أنه من السهل أن يقع الانسان فريسة وضحية لجرائم تعتمد على التطور التكنولوجي المخيف اعتمادا على الذكاء الاصطناعي، أو أن ينتهك حقوق الإنسان أو يهدد خصوصية الإنسان، فضلًا عن عدم كفاية وفاعلية الحماية القانونية على المستوى التطبيقي والعملي.
وأكد أن "غالبية البشر في مجتمعاتنا أصبحوا ضحايا محتملين للجرائم الإلكترونية وانتهاك خصوصياتهم سواء بقصد، أو عن دون قصد فقط لمجرد تصفحهم أو استخدامهم لتطبيقات على هواتفهم المحمولة أو تداولهم لمعلومات مغلوطة والانسياق لموجات السوشيال ميديا".
وأشار إلى أن هذا المؤتمر يهدف إلى طرح سبل ووسائل مواجهة هذا الأمر لضمان حماية المجتمع وحقوقه ومواكبة تطور الجرائم بتطور تشريعي ومتناسب وملائم يحمي الحق في الخصوصية، ولا يحد من الإمكانيات التكنولوجية للفرد، ويعزز مكانة الدول في حماية أمن المجتمع من أي اختراقات قد تهدد أمنه أو أمن أفراده.