الأربعاء 25 سبتمبر 2024

إخوان‭ ‬على‭ ‬ستار‭ ‬المحروسة‭ ‬

24-7-2017 | 13:32

الهلال- خاص:

الجو حار داخل القاعة وخارجها. جمهرة كبيرة تتابع سير المحكمة. زاد تشوقهم لسماع ما عساه تقوله النيابة (1948) في صدد جريمة شنعاء (اغتيال النقراشي باشا). محمد عزمي بك النائب العام يحيي ذكرى النقراشي باشا (رئيس وزراء مصر المقتول على يد الإخوان). لما انتهى النائب العام من إلقاء مقدمة الاتهام ترك مقعده لمحمد عبد السلام ليترافع في الوقائع.

ينهض ممثل النيابة ويستهل مرافعته:"إن اغتيال النقراشي باشا بداية لعهد إرهاب يهدف إلى إخضاع المصريين وسلب شجاعتهم وإضاعة ثقتهم في نظمهم وحكامهم لينزلوا القوم عن حقوقهم وليشتروا بالأمن على أرواحهم تلك الحريات التي قررها لهم دستورهم. فهم النقراشي باشا هذه الجريمة على أنها بداية لإرهاب مروع يهدد كل ما اكتسبته مصر في السنة الأخيرة من تقدم داخلي أو استقلال خارجي وتزعزع ثقة العالم فيها في الوقت الذي بدأت تتبوأ موضعها في المجامع الدولية وأخذت تفرض بحق مكانتها في الوسط الدولي بصفة عامة. الإرهاب كامن في تكوين الجماعة. والواقع أن قتل الخازندار بك كان يحمل في تضاعيفه مقتل النقراشي باشا وأن جماعة الإخوان لتبوء بوزر الجريمتين كلتيهما".

في أي زمان رأيتم جرائم بمثل هذه الخطورة اقترفها هيئة تتحدث باسم الدين لقد أراد القدر أن يضعنا بحيث نجد أنفسنا على حافة تطورات كبيرة، ولكن هناك أمرًا واحدًا يتحدى كل تطور. أمر وجد قبل أن يوجد العالم وسيبقى بعد أن يزول العالم من الوجود، ذلك هو العدل.

 

ورد في كتب التاريخ أن عروة بن أذينة وهو من الخوارج نجا من حرب النهروان وبقي إلى أيام معاوية ثم أتى إلى زياد بن أبيه ومعه مولى له فسأله عن عثمان فشهد عليه عروة بالكفر فسأله عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه فتبرأ منه وشهد عليه بالكفر، فسأله عن معاوية فسبه سبًا قبيحًا فأمر زياد بضرب عنقه ثم دعا مولاه أي خادمه وقال له صف لي أمره واصدق واختصر فقال ما أتيته بطعام في نهار قط ولا فرشت له فراشًا بليل قط. فهذا الخارجي كان يصوم النهار ويقوم الليل ولكنه كان ضال القلب ولذلك كفر عليا وكفر عثمان.

وإذا كان الإخوان قد أحلوا القتل باسم الدين فقد سبقهم الخوارج إلى ذلك إذ صوب قطري بن الفجاءة فعلة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله "قتله الإمام علي". ولقد حرص هؤلاء الناس على الادعاء باحتكار الإسلام والانفراد بفهم حقيقته والاستئثار بتأويل كتاب الله فملئوا جنودهم غرورًا وافتئاتًا حال بينهم وبين الإنصاف.

كانت مصر إذ ذاك تمر بفترة حرجة فجيشها كان يقاتل وحده جموع الصهيونيين الذين قطعوا الطريق على بعض وحداته وأخذوا يشددون عليه النكير بما حشدوا من عتاد هائل ورجال لا حصر لهم، وكانت البلاد معلقة الأنفاس ترقب جهود الحكومة في تمكين الجيش من الثبات والنجاة من الخطر المحدق به وبالبلاد كلها ولكن الإخوان لم يأبهوا لذلك وقرروا أن يغتالوا رئيس الحكومة ( النقراشي باشا) ويوقعوا بقتله الاضطراب في أعمالها في تلك الآونة العصيبة ففي صباح يوم الثلاثاء 28 ديسمبر سنة 1948 حضر دولة النقراشي باشا إلى وزارة الداخلية على عادته يحف به حرسه ولما قرب من المصعد فوجئ برصاصتين ترديانه أطلقهما عليه شاب يلبس ملابس ضباط البوليس تبين أنه هو عبد المجيد أحمد حسن وكان مترصدًا له ليغتاله في عرينه.

لقد أذهلت هذه الجناية مصر جميعها وخاف الناس أن يكون الزمام قد أفلت نهائيًّا من يد القائمين على الأمر وأن يكون الإرهاب قد فاز بالغلبة على القانون ولكن أيدي حازمة قد أمسكت بالزمام بقوة فتجلت شجاعة الشعب وأظهر الخطر معدن هذه الأمة فوقفت السلطات ومن ورائها الأمة ترد غرب الإرهاب وتذود عن مصر ويلاته وكان لهذه المحكمة الموقرة بأحكام لها عادلة سديدة فضل وأي فضل في إعادة الثقة إلى النفوس والطمأنينة إلى القلوب.

 

إن هذه الجماعة احتضنت الإرهاب بل على الأصح قد كمن الإرهاب في تكوينها نفسه فإن شعار الإخوان ينطق بالعنف إذ هو سيفان بينهما مصحف تحتهما الآية ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾، ولقد كان هذا الشعار حريًا بأن يثير الظنون في هذه الجماعة غداة تكوينها من قرابة عشرين سنة لولا حرص القائمين عليها في مبدأ أمرهم على التظاهر بالتزام الدين وحض الناس على العبادة والخير والبعد بهم عن السياسة وتجنب التهافت على مطالب الدنيا ولكن ذلك كله لم يكن إلا ستارًا كما صرح بذلك الشيخ حسن البنا في كتابه المطبوع بعنوان "رسالة التعاليم مني إلى إخوان الكتائب".

إذ جاء فيه أن حركة الإخوان تمر بثلاث مراحل. المرحلة الأولى مرحلة التعريف بنشر الفكرة العامة بين الناس ونظام الدعوة في هذا الطور نظام الجمعيات الخيرية ومهمتها العمل للخير العام ووسيلتها الوعظ والإرشاد وإقامة المنشآت وفي هذا الطور الدعوة عامة ويتصل الجماعة فيه كل من أراد من الناس وليست الطاعة التامة لازمة فيه.

والمرحلة الثانية: مرحلة التكوين باستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض ونظام الدعوة في هذا الطور صوفي بحت من الناحية الروحية وعسكري بحت من الناحية العملية وشعار هاتين الناحيتين دائمًا أمر وطاعة من غير بحث ولا مراجعة ولا شك ولا حرج وهذا الطور لا يتصل به إلا من استعد استعدادًا حقيقيًّا لتحمل أعباء الجهاد الطويل المدى كتبع التبعات وأول بوادر هذا الاستعداد كمال الطاعة.

والمرحلة الثالثة: مرحلة التنفيذ والدعوة في هذا الطور جهاد فلا هوادة فيه وعمل متواصل في سبيل الوصول إلى الغاية وامتحان وابتلاء. كذلك قال المرشد في كتيب آخر له نشر سنة 1946 "أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبًا سياسيًّا ولا هيئة موضوعة لأغراض محدودة المقاصد ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة وصوت يعلو مرددًا دعوة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وإذا قيل لكم إلام تدعون؟ فقولوا ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم) والحكومة جزء منه فإن قيل لكم هذه سياسة فقولوا هذا هو الإسلام وإن قيل لكم أنتم دعاة ثورة قولوا نحن دعاة حق فإن ثرتم علينا فوقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندافع عن أنفسنا وكنتم أنتم الثائرين الظالمين".

وقال حسن البنا في نفس هذا الكتاب: "قد يطلب إلينا أن نخالف عادات ومألوفات وأن نخرج على نظم وأوضاع ألفها الناس وتعارفوا عليها وليست الدعوة في حقيقتها إلا خروجًا على المألوف وتغييرًا للعبادات والأوضاع فهل أنتم مستعدون أيها الإخوان".

لم يكن المرشد العام أكثر صراحة مما كان حين قال في هذا الكتيب "أحب أن أصارحكم بأن دعوتكم ما زالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرًا من المشقات سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام وستجدون من أهل الدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب عليكم فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم".

ولم يترك المرشد العام شكا حول مراده بكلمة الجهاد فقد قال في رسالة التعاليم السابق ذكرها أريد بالجهاد الفريضة الماضية إلى يوم القيامة والمقصود بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من مات ولم ينفر لغزو مات ميتة جاهلية وأول مراتبه إنكار النفس وأعلاها القتل في سبيل الله". وقال –أي المرشد العام- إن القائد جزء من الدعوة ولا دعوة بغير قائد، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة وإحكام خططها ونجاحها وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية والأستاذ بالإفادة العلمية والشيخ بالتربية الروحية والقائد بحكم السياسة العامة ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعًا والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات لذلك يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة.

 

تضج القاعة فيعود ممثل النيابة ويتساءل: هل هو مستعد لاعتبار الأوامر التي تصدر إليه من القيادة، في غير معصية طبعًا، لا مجال للجدل فيها ولا للتردد ولا للانتقاص ولا للتحوير؟. هل هو مستعد لأن يفرض في نفسه الخطأ وفي القيادة الصواب إذا تعارض ما أمر به مع ما يعلم في المسائل الاجتهادية؟. -هل هو مستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة؟.

كتب أحد الإخوان إلى المرشد في 30 سبتمبر سنة 1940 يقول: "ترامت إلىّ أنباء بسيطة عن تلك الحركة المباركة التي عزم الإخوان على القيام بها متى دقت الساعة ولقد راقني ما وجدته في إخواني من التكتم والتستر على تفاصيل ما عزموا عليه. ثم أخذ الكاتب يشكو من مغالاة بعض الإخوان في الأمل وتسرعهم في الرغبة في العمل في غير الوقت المناسب. ثم قال: وإذا قدر الله وحصل أي مكروه للدعوة فيكون السبب هم هؤلاء الذين يتكلمون أكثر من اللازم ولا يكتمون ما يسمعون وينبغي على فضيلتكم لفت نظرهم".

وخطاب آخر من شخص يشغل منصب رئيس مدرسة إلزامية بمركز نجع حمادي إلى المرشد ذكر فيه كاتبه أنه التحق بجماعة الإخوان كجندي من جنود الدعوة العاملين بل في كوماند الفدائيين وأنه بايعه على الدم، وأنه ذهب إلى بلدته في أعمال مركز تلا بالإجازة وسط الجنود المخلصين وكان سببًا في إشعال نار الثورة للدعوة في قلب الكثير ممن ينتظرون أمر قائدهم لينفذوه بكل دقة وأنهم باعوا الله أنفسهم وأموالهم يقاتلون متى شاء أستاذهم فيقتلون ويقتلون، وأنه يخشى أن يحرم من الموقعة الأولى التي يرى أن الوقت قد حان لها وجاء دورها إذ قرأ وقرأ الجميع معه اهتزاز عرش الدولة الطاغية. وعلى هذا الخطاب العجيب إشارة نعتقد أنها من المرسل إليه أي من المرشد نصها "يوصي بالثبات والصبر للعمل للدعوة حتى يفتح الله بيننا وبين الناس بالحق".

وفي خطاب آخر يقرر المرشد العام إن "عمارة تبنى في الداخل وحولها سور كبير يحجبها ولا يعرف الناس ما في السور ثم يرفع السور فجأة فيرونه بناءً كبيرًا جميلاً".

إن رسائل الإخوان إلى المركز العام تقطع بأن هذا المركز كان على صلة بالجرائم والحوادث الجنائية التي وقعت من المنتمين للجماعة فمثلاً هناك خطاب نصه: "وصل طرفنا الأخ فلان وجلس مع الإخوان وقال لهم تصريحات عن الحادث تضر الإخوان لو سمعها أحد من البوليس وهذا لا يتفق مع ما نرجوه من السمع والطاعة والكتمان فنرجو لفت نظر رئيس منطقة الإدارة ونرجو عمل تحقيق سريع".

وثمة خطاب آخر من أحد الإخوان له دلالة في المعنى الذي نشير إليه هو خطاب مرسل إلى المرشد العام يتناول فيه كاتبه خصومًا لهم في الرأي بمناسبة صدام وقع بينهم وبين الإخوان فيقول: ألا ينطبق على هؤلاء حكم الردة أعتقد أنه ينطبق عليهم حكم الردة وما عقاب هؤلاء إلا القتال والحرب حتى يفيئوا إلى أمر الله ألم يأذن الله لنا أن نجهز عليهم وعلى زعيمهم؟. إننا في انتظار أوامرك الجديدة لعلها تشفي صدورنا ولعلها تمكننا من إبادة هؤلاء ومع هذا الخطاب ورقة عليها هذه الإشارة يبدو أنها من المرشد العام "يشكر ولا داعي للقلق وإذا جد جديد فستكون هناك توجيهات بهذا الشأن".

 

إن الجانب السري من الإخوان أوسع وأشمل وأخطر من أن يوصف بلفظ جمعية وإنه إنما يكون جيشًا إرهابيًّا أو أقرب الأشياء إلى الجيوش ومن ضمن هذه المحفوظات أوراق معنونة "قانون التكوين" وتتضمن بيانات عن كيفية تكوين وتنظيم الجماعة الإرهابية على نظام الخلايا من هيئة قيادة وأركان حرب وجنود تكون في مجموعها جيشًا وواجبات كل فريق وكيفية تنظيم القوات واختيار الجنود وما يتعين توافره فيهم من شرائط وأن من أنواع الجنود من يجب أن يكونوا بعيدين عن النشاط الظاهري وأن هذا النوع يجري تدريبه في حرص تام ولا يستخدم إلا وقت الحرب العلنية كما أن منهم نوعًا يجب أن ينقطع انقطاعًا تامًا ويمكن تكليفه بدراسات أكثر اتساعًا وأعمال أكثر خطورة.

وجاء في قانون التكوين أيضًا أنه في حالة نجاح الاختبار يقدم الشخص للبيعة في القاهرة وفي حالة الرسوب يلحق بأسرة أو ما أشبه ذلك من الأعمال العامة وأن رقم (1) يقوم بتوصية الأفراد بحق الطاعة لأميرهم بعد البيعة وأن الأمر إذا كان له خطره تخطر به القيادة للتصرف وذلك عن طريق رقم (1) وأنه ليس لأحد مهما كانت منزلته في الجماعة الحق في رفع الأمر للقيادة إلا عن طريق رقم (1) كما جاء فيها أن التحقيق مع المقصرين يكون بواسطة مجالس تحقيق تشكل حسب الأحوال من أمير الجماعة ومندوب الأقاليم ومدير الأقاليم ومندوب القاهرة في الأقاليم ومدير القاهرة وأن أية خيانة أو إفشاء سر عن حسن قصد أو بسوء نية قد يعرض صاحبه للإعدام أو إخلاء سبيل الجماعة منه مهما كانت منزلته ومهما تحصن بالوسائل واعتصم بالأسباب التي يراها كفيلة له بالحياة.

كذا وجدنا أوراقا أخرى تتضمن تعليمات عن كيفية تعقب الأشخاص وما يتعين توافره في الشخص المتعقب من سرعة الملاحظة والاستنتاج والتفكير والظهور بمظهر لا يلفت النظر. وأوراق تحوي بيانات مفصلة عن منشآت الجيش المصري وبعض المنشآت الأجنبية من سفارات وقنصليات وغيرها من المنشآت الحكومية من وزارات ومحافظات ومديريات وأقسام ومراكز ونقاط البوليس والسجون والمصالح ومكاتب التلغراف والتليفون والبريد وغيرها وعن المواصلات من سكك حديدية وترام وطرق زراعية وخطوط الأتوبيس. وأوراق أخرى تتضمن الحض على أعمال الفدائيين وحرب العصابات وطريقة استعمال زجاجة مولوتوف وتخريب المواصلات والسكك الحديدية واستعمال المفرقعات والألغام والأسلحة النارية وأساليب الخنق وأحدث وسائله. وصور توضح طريقة استخدام البندقية والمسدس وإلقاء القنابل اليدوية وأوراق ترشح كيفية القتل بواسطة الخنجر وكيفية تعطيل السيارات بخلط البنزين بالماء أو السكر أو وسائل أخرى ومذكرات عن كيفية الكتابة بالشفرة.

ومذكرات وأوراق خاصة بالبرامج والمخابرات وتنسيقها مع الأقسام الأخرى ورفع مستوى القيادة واطلاع القواد على نشاط الحركات السرية والبحث عن المعلومات الدقيقة وتحريها وأن الإعداد يتناول الشخصية من الإخوان العاملين وما يجب توافره فيهم من الصحة الجيدة والمهارة والتنظيم الذاتي والمكر.

–وأن يحققوا الحكمة "التذؤب مع الذئاب" ثم بيان ما يتناوله الإعداد الرياضي والفني ومعلومات عن الكهرباء واللاسلكي والتصوير الفوتوغرافي والاختزال والتدريب على التمثيل وعمل الماكياج وتغيير الزي والهيئة وقيادة الدراجة والسيارة والموتوسيكل وكذلك قيادة الطيارة عند اتصال الحركة بالخارج وأنه عند الاتصال اللاسلكي بالخارج في الأوقات العصيبة يمكن توصيل الأشياء والأخبار بواسطة طيارين وأن تشتري طائرات خاصة حتى يتم إنشاء شركة للطيران.

وغير ذلك مما وصفها خطوط رئيسية يشملها بناء جماعة المخابرات التي تقدم تقارير عن القائمين بالأعمال في أقسام البوليس وقواتها والمحال الصناعية اليهودية والأجنبية والمصرية.

وأن من مهام المخابرات أيضًا وجود جماعة المخابرات للأحزاب المصرية "الوفد والسعديين والسعديين الأحرار والأحرار الدستوريين والكتلة الوفدية والحزب الوطني ومصر الفتاة و حزب العمال وحزب الفلاح الاشتراكي" وغير ذلك من النقابات والجمعيات المختلفة والحركات الشيوعية وكذا أعمال المخابرات لكل وزارة من الوزارات والجامعة والأزهر والمدارس، ومذكرة تحوي رموزًا وأرقامًا للأسلحة والمتفجرات ومن بينها كلمتا "مصحف وصابون" إشارة إلى تسمية الأشخاص بأرقام معينة ثم تقرير عن اجتماع أثبتت فيه أرقام الحاضرين وما تناولوه من دراسة لأنواع المتفجرات والمشاعل والفتيل والساعات.

 

القتل موضع عناية هذه الجماعة السرية فقد عمدت أوراقها إلى تبريره والحض عليه من طريق التغرير والإيهام والتضليل بأنه من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإن مرتكبه إنما يتبع النبي (صلى الله عليه وسلم) في أمر يرضى عنه النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد جاء في إحدى الأوراق المضبوطة في قضية مقتل النقراشي باشا ما يأتي: "علينا ألا نتردد في الاستعانة بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في اغتيال أعدائه. ولم يقتصر الرسول (صلى الله عليه وسلم) على اغتيال الرجال فحسب بل امتد إلى كل امرأة عنيدة خطيرة على أمن الناس وسلامتهم". و"إنه من التنطع أن تقدس دماء المرأة بلا قيد ولا شرط فالحضارة الحديثة نفسها تذهب في عقابها إلى حد الإعدام"، و"وكل متخاذل عنها قاعد في نصرتها فهو مقصر في أمر الله ومن يناوئها أو يناهضها ويعمل على إخفات صوتها من المسلمين أو غير المسلمين فهو بلاشك مناهض لجماعة المجاهدين ولا فرق بين مواطأة العدو ومناهضة هؤلاء إلا أن المناهضة أشد إثمًا... ولا تردد أبدًا في الحكم بأن مثل هذا الخارج على المجاهدين مهدر الدم وأن قاتله مثاب على فعله بأعظم ما يثاب به المجاهدون عند الله".

وجاء في ورقة أخرى "إن القتل وإن كان يعتبر جريمة في الأحوال المدنية إلا أن له ما يسوغه كثيرًا من ناحية العقيدة أو الوطنية. وفي هذه الحالة يفقد القتل صفة الجريمة وينقلب واجبًا على الإنسان إن لم يقم به كان مجرمًا في حق عقيدته أو وطنه" لقد اجتمع لهذا الجيش السري، فضلاً عن الرؤوس المفكرة والعقول المدبرة وكثرة الأيادي العاملة من ذوي الأطماع أو ذوي الشهوات أو قصارى النظر قليلي التجارب، واجتمع له فضلاً عن ذلك المال الوفير الذي حشد به الأسلحة والمفرقعات والذخائر ووسائل النقل وأدوات التراسل والإذاعة، المال الذي أعانه على شراء الرجال وإعداد الأوكار في مختلف الجهات في الحضر والريف، ولقد ضبط لدى الإخوان من القنابل الألوف ومن الأسلحة ما يجزئ الجيوش ومن المفرقعات ما يكفي لنسف مدن بأسرها.