الثلاثاء 14 مايو 2024

بالأحضان يا بلدنا يا حلوة


د صلاح سلام

مقالات24-7-2022 | 10:53

د صلاح سلام

اسعدتنا إذاعة الأغاني في الذكرى السبعين لثورة يوليو،  فتواصلت الأغاني الوطنية التي ارتبطت بحقبة الخمسينيات والستينيات وصولا إلى نصر أكتوبر العظيم، وتمنيت ألا ينتهي مشوار السيارة وأنا في طريقي صباح أمس إلى فندق هيلتون رمسيس، حيث تم تكريم أستاذنا العظيم قديس حقوق الإنسان الوزير محمد فائق، وأحد رموز هذه الحقبة والذي ارتبط اسمه بكل حركات التحرر الوطني في أفريقيا والوطن العربي، وتواكب هذا التكريم مع اجتماع الجمعية العمومية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وهو أحد مؤسسيها والذي تحول إلى احتفالية بالثورة في شخص المكرم، شارك فيها وفود كل الدول العربية ...

وانطلقت أم كلثوم تغرد  لعبد الفتاح مصطفى والسنباطي ...طوف وشوف..طوف في جنة ربنا واتفرج وشوف وابتسامة شمسنا أجمل تحية للضيوف...والنسيم يرقص بموج النيل على الناي والدفوف...وثوار ثوار لآخر مدى ثوار ثوار.  وطول ما إيد شعب العرب في الإيد والثورة قايمة والكفاح دوار... ثوار مع البطل اللي جابه القدر ..رفعنا راسنا لفوق لما ظهر... والشعب قام يسأل على حقوقه والثورة زي النبض في عروقه ...

وعبد الحليم ...صورة صورة كلنا كدة عايزين صورة...صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة...

وعندما بدأت حكاية شعب لأحمد شفيق كامل وكمال الطويل...وكنا هنبني وآدي إحنا بنينا السد العالي ولسة عايز عبد الحليم يحكي الحكاية..

أشار لي السائق بالوصول ...كان بـ ودّي أن أقول له "انت مستعجل ليه" وفي طريق العودة لا تزال إذاعة الأغاني والتي ترافقني دائما فلا يتحول مؤشر سيارتي عنها..انطلق الصوت الحاني يصدح يا حبيبتي يا مصر يا مصر... وماشفش الرجال السمر الشداد وصبايا البلد ولا شاف النيل في أحضان الشجر، وقد كانت شادية تتذكر تلك الشجرة التي أمام بيتها وتطل على النيل وكانت شديدة الارتباط بالوطن فتحكي أنها في أول سفرة لها عندما اختفى الشاطئ أحست بقبضة وشعرت لأول مرة بحب الوطن يهز كيانها.. وتذكر أن محمد حمزة التقط كلمة يا حبيبتي يا مصر من لسان بليغ حمدي وهو يحكي عن أحد سفراته  وألّف الأغنية في نفس الجلسة، وقام بليغ والتقط عوده ولحنها أيضا في نفس الوقت، وخرجت تلك الكلمات التي تخاطب كل ما هو جميل في مصر المحروسة لترفع الروح المعنوية وتدغدغ المشاعر وتلهب الوطنية بعد سنوات النكسة، حيث تغنت بها عام ١٩٧٠ ويقول أحرار ولازم ننتصر...

ولا شك أن تلك الأغاني عادت إلى صدارة المشهد إبّان ثورة يناير 2011 ويونيو 2013، فحب الوطن لا يتجزأ ولا يعرف الزمان ولا مكان...وقبل أن أصل إلى وجهتي مرة أخرى راح صلاح جاهين وكمال الطويل مع حليم... مرة أخرى من مرقدهم ليأخذونا بالأحضان...بالأحضان يا بلدنا يا حلوة بالأحضان..وفي ميعادك يتلموا ولادك .. والغايب ميطيقش بعادك ويرجع ياخدك بالأحضان...وياللي على الجرار وقصاد لهاليب الصلب..يا سواعد محمية وقلوب حرة أبيّة...ورسم صورة للشعب العامل...

وأعود مساء لأصل إلى عيادتي وأسمع فريد الأطرش في سنة وسنتين وانت يا قلبي تقول أنا فين وتهت ودمت في أشواقي وشفت النيل وعرفت أنا فين يا مصر يا عمري يا نور العين...وفي العودة ختمت بالست وقصيدة عزيز أباظة ..كان حلما فخاطرا فاحتمالا ثم أصبح حقيقة لا خيالا ...

جرعة من الألحان والكلمات والأصوات الوطنية التي جعلت لليوم بهجة خاصة وكأن الثورة لم تزل جذورها مستعرة ولا نزال نستلهم منها ومن أهدافها ما كنا نصبو إليه...

سلاما على الرجال الذين ثاروا على الاستبداد لتعود مصر لشعبها، فمن أجلنا نحن قامت الثورة والتي حولت السواد الأعظم من الشعب من الفقر إلى الطبقة المتوسطة والتي أصبحت بفضلها تشكل ملح الأرض.

Dr.Radwa
Egypt Air