الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

علماء مصريون عظماء وقصص نجاحهم الملهمة 6

  • 24-7-2022 | 20:33
طباعة

الدكتور محمد رضا مدور (1893-1950).. أول مدير مصرى لمرصد حلوان

يعتبر الرصد الفلكي في مصر أحد أهم الخصائص التي تتمتع بها مصر عن غيرها من الدول، فمصر لديها بعض من أفضل مواقع النجوم في العالم كما أن بها مساحات شاسعة من الصحراء والتي تمكن الراصد من التحديق في السماء المظلمة والتفكير في إبداعات الطبيعة، مما حدا علماء كُثر من انحاء العالم زيارتها وحتى الإقامة بها.

وبرع فلكيون مصريين كُثر منهم الاشهر محمود حمدي الفلكي (1815م - 1885) وهو عالم مصري، أحد أبرز الفلكيين في العصر الحديث، ويعد رائد علم الفلك الأثري الذي ربط بين الظواهر الفلكية والشواهد والمعالم الآثرية على نحو غير مسبوق.

وبحلول بداية القرن العشرين، كانت التغييرات الأساسية في علم الفلك متقدمة جدًا، مع الانتقال من النهج التقليدي للوضع والوصف إلى علم الفيزياء الفلكية الجديد، كان الدافع وراء ذلك تطوير أداتين جديدتين: التحليل الطيفي والتصوير الفوتوغرافي.

ولم يعد الممارسون الرئيسيون للعلوم هم الأفراد الذين علموا أنفسهم بأنفسهم من ثروة مستقلة، ولكنهم أصبحوا على نحو متزايد علماء مدربين في الجامعات وظفتهم مؤسسات بحثية مهنية، عبر المحيط الأطلسي، وكانت الولايات المتحدة تخطو خطوات كبيرة في تطوير علم الفلك الجديد، هنا، حيث تم بناء تلسكوبات كبيرة بشكل متزايد لتوليد بيانات فيزيائية فلكية، مثل العاكسات العملاقة لجبل ويلسون التي استفادت من السماء الصافية وخطوط العرض الجنوبية لكاليفورنيا. في حين أن بريطانيا كانت تتمتع بقوة مختلفة: وهى شبكة من المراصد عبر مستعمراتها ومحمياتها حول العالم. 

فى ورقة مهمة نشرت عام 2013، تحت عنوان "هارولد نوكس شو ومرصد حلوان" بقلم جيريمي شيرز وأشرف أحمد شاكر،  تصف بناء منظار عاكس ذو قطر 30 بوصة (76 سم) في مرصد حلوان في مصر خلال العقد الأول من القرن العشرين وكيف تم استخدامه من قبل  هارولد نوكس شو (1885-1970)، في دراساته الفوتوغرافية للمجرات والمذنبات والأجسام الأخرى بين عامي 1907 و1924.

بعد حلوان وهنا تظهر الاهمية الكبرى لمرصد القطامية الفلكي فهو التليسكوب الأكبر في الوطن العربي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتبع الان المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان، ويقع على مسافة 80 كم تقريبًا من وسط العاصمة القاهرة في إتجاه مدينة السويس (طريق العين السخنة) فوق جبل بارتفاع 480 م عن مستوى البحر.. أنشئ هذا المرصد عام 1964 وهو امتداد للمرصد الفلكي الذي أنشئ ببولاق عام 1839 ثم انتقل للعباسية في عام 1868 ثم استقر في  حلوان عام 1903 وهو من أقدم المعاهد البحثية في مصر والشرق الأوسط وإفريقيا.

وعالمنا اليوم هو واحد من هؤلاء الذين عملوا بجد واجتهاد في سبيل أن يكمل مسيرة الفلكيين المصريين وهو محمد رضا مدور الذى ولد في 27 سبتمبر 1893 في الإسكندرية، مصر. التحق محمد رضا مدور بالمدرسة الفرنسية في كل من مصر وباريس وحصل على "البكالوريا الفرنسية". أعفاه هذا من حضور الامتحان التمهيدي لجامعة إدنبرة في اسكتلندا وكانت أول شهادة له في جامعة إدنبرة في أكتوبر 1914.

كما التحق بقسم الهندسة ليدرس لنيل شهادة في العلوم التطبيقية في جامعة إدنبرة، والتى تضمنت مقررات في الكيمياء (قام بتدريسها دكتور دوبين)، والفلسفة الطبيعية (قام بتدريسها دكتور كارس والدكتور باركلا)، والرياضيات (قام بتدريسها الدكتور هورسبرج). في العام التالي درس الرياضيات التطبيقية (التي درسها دكتور نوت)، والجيولوجيا، والمحركات الحرارية، والهندسة. ومن ثم حصل على درجة بكالوريوس العلوم مع مرتبة الشرف في الهندسة المدنية في 11 يوليو 1917. وفاز بميداليتين خلال دراسته في إدنبرة. ثم استمر في العيش في إدنبرة، حيث عمل لمدة عام 1918-1919 كمساعد مهندس في شركة ليسلي وبعدها بعام انتقل الى بريطانيا كمساعد علمي في معهد الطيران الملكي، وعاد إلى مصر في عام 1919.

بعد عودته إلى مصر، عمل مدور كمهندس ري في وزارة الأشغال العامة  من 1919-1921، ومساعد مدير اعمال في تفتيش ري زفتى بالدقهلية 1921-1922، و مساعد على مصلحة الطبيعيات بوزارة الاشغال 1922-1923، ثم أمضى عامًا إضافيًا كمساعد علمي في الإدارة الفيزيائية بوزارة الأشغال العامة.

وبعد فترة جلسها في مصر حصل على منحة دراسية مكنته من العودة إلى إدنبرة حيث أجرى أبحاثًا في علم الفلك ليحصل على الدكتوراه في علم الفلك 1926، حيث انضم إلى جمعية إدنبرة الرياضية في ديسمبر 1925. وعاد بعدها إلى مصر عين في مرصد حلوان الملكي، وشغل منصب فلكي مقيم حتى عام 1934، ثم أصبح أول مدير مصري لمرصد حلوان. بعد ذلك بعامين، في عام 1936، حيث خلف كاري مدير مرصد حلوان، ليصبح أول مدير مصري لمرصد حلوان.

و بالإضافة إلى إدارته للمرصد، تم تعيينه أستاذًا لعلم الفلك بالجامعة المصرية، و في عام 1937 أنشئ قسم الفلك في كلية العلوم جامعة فؤاد الأول و تم تعيين مدور أستاذاً بالكلية لعلم الفلك بالجامعة المصرية ورئيسا لقسم الفلك، إلى جانب إدارته لمرصد حلوان، وفي عام 1953 تقاعد من منصبه في مرصد حلوان الملكي وفي نفس الوقت أصبح أستاذًا متفرغًا لعلم الفلك بكلية العلوم جامعة القاهرة.

وفي سبتمبر عام 1944 م زار ملك مصر السابق فاروق مرصد حلوان، ونوه بجهود البروفيسور مدور وأعماله البحثية في اكتشاف كوكب بلوتو وبعض المجرات باستخدام عاكس 30 "لمرصد حلوان، وطلب منه أن يعد نفسه للوزارة في التغيير القادم. واعتذر الأستاذ مدور بلطف وبدلاً من ذلك طلب من الملك أموالًا لبناء تلسكوب أكبر، ووافق الملك على الفور وقدمت الجامعة المصرية حوالي نصف مليون جنيه مصري لهذا المشروع . ومن هنا بدأ د. مدور اختبار الموقع ووقع اتفاقية مع شركة إنجليزية لبناء تلسكوب عاكس 74 بوصة لمرصد قطامية. وقام بإعداد دراسة الجدوى لإنشاء مرصد قطامية ووقع الاتفاقية مع شركة Grupp-Parsons  لتركيب تلسكوب 74 بوصة.


 
زيارة الملك فاروق لمرصد حلوان عام 1944 (من الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق)

وفي إبريل عام 1947م تقدمت كلية العلوم باقتراح ان يضم المرصد الفلكي للجامعة وبعد موافقة مجلس الوزراء صدر المرسوم الملكي بضم المرصد إلى الكلية في ديسمبر 1947م، ثم تم انفصال المرصد عن الجامعة عندما أنشئت اكادمية البحث العلمي.

كانت مهمة مدور الأولى في حلوان هي إعادة تلسكوب رينولدز إلى العمل ونجح في ذلك بحلول نوفمبر 1926.

وقدم مدور تقريره الشهري الأول إلى رينولدز عن استخدام التلسكوب في فبراير 1927. وواصل عمل تصوير المجرات باستخدام تلسكوب رينولدز الذي بدأه نوكس شو. استدعى توسع الصناعة في حي المرصد بعد الحرب العالمية الثانية نقله مرة أخرى، هذه المرة إلى موقع قطامية الصحراوي، على بعد 80 كم شمال شرق حلوان. حيث قاد د. مدور اختبار الموقع، وتم افتتاح قبة جديدة تضم تلسكوبًا بطول 74 بوصة (1.9 مترًا) تم إنشاؤه بواسطة Grubb Parsons  في عام 1963 ولا يزال يستخدم في البحث العلمى حتى اليوم. ولا يزال مرصد حلوان وتلسكوب رينولدز قائمين ويشكلان جزءًا من المعهد القومي لبحوث الفلك والجيوفيزياء. لم يعد تلسكوب رينولدز مستخدمًا للبحث العلمي واصبح جزءًا من مقتنيات المتحف.

وإنجازات د.محمد رضا مدور في الجامعة والمرصد كبيرة، فقد قام بتركيب تلسكوب العبور بمرصد حلوان لتحديد الأزمنة الفلكية، وشارك نيابة عن مرصد حلوان في اكتشاف بلوتو عام 1930. وترأس البعثة المصرية للكسوف الكلي للشمس بالخرطوم عام 1952. تدعيم معهد الأرصاد بانشاء دراسات في مجالات الفلك والطبيعة الأرضية والجوية. المساهمة في انشاء وحدات الطبيعة بالمركز القومي للبحوث.  تصحيح الطرق العلمية الخاصة بتعين الزمن. تذويد مرصد حلوان بأجهزة جديدة خاصة بعلم الزلازل والمغناطيسية الأرضية.

شارك د.مدور مع العديد من العلماء أمثال مصطفى مشرفة، وإبراهيم حلمى عبد الرحمن وغيرهم فى نشر كتب تتعلق بالعلم والفلك كاتبا ومراجعا لترجمة أو مؤلفا مثل: موجز تاريخ العلم، قصة الطقس، الفضاء والشهب، معالم التقاويم ومفاتيح النتيجة، علم الفلك، الفلك العام، علم الفلك الراديو لاسلكى والشمس. 


        
حصل د. مدور على العديد من الأوسمة لمساهماته. وفي عام 1926، أصبح عضوًا مشاركًا في الجمعية الملكية للهندسة المدنية، وفي العام التالي تم انتخابه في الجمعية الملكية بلندن والجمعية الملكية لإدنبره. تم انتخابه لعضوية RSE (أنشأت RSE في عام 1783 من قبل الميثاق الملكي من أجل «تقدم التعلم والمعرفة المفيدة».

في القرن الثامن عشر، في إدنبرة، 14 مارس 1927 بعد أن اقترحه رالف آلان سامبسون والسير توماس هدسون بير وتشارلز غلوفر باركلا والسير إدموند تي ويتاكر.

وفي عام 1966 حصل على جائزة الدولة التقديرية وميدالية الدولة (الشرف من الدرجة الأولى) (1968). وفيعام 1940 أصبح عضوًا في المجمع العلمي المصري وعضوًا في الاتحاد الفلكي الدولي، ورئيسًا للاتحاد الدولي للجيوديسيا والجيوفيزياء، ورئيسًا للأكاديمية المصرية للعلوم، ورئيسًا للجمعية المصرية للرياضيات والفيزياء. هذه قصة واحد من علماء مصر المجيدين الذين تاهوا في وسط الزحام ولم يلقى عليهم أي ضوء لا ساطع ولا باهت. هذا وقد توفى محمد رضا مدور عام 1973 في مصر.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة